كيف صورت صحف الغرب إرهابي نيوزيلندا ؟استيقظ العالم صباح يوم الجمعة 14 من مارس/آذار 2019، على خبر مقتل 50 شخصاً في مجزرة نيوزيلندا،
أثناء استعدادهم لصلاة الجمعة، وأسفر الهجوم عن ضحايا بينهم نساء وأطفال.
لكن تناول بعض الصحف الغربية للواقعة كان لافتاً، إذ كتبت صحيفة Daily Mirror البريطانية، في صفحتها الأولى، يوم الحادث، خبراً بعنوان "ولد بريء يكبر ليصبح قاتلاً جماعياً يمينياً متطرفاً".
تلقت الصحيفة حينها العديد من الانتقادات، خاصة بين متابعيها على مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلين إذا كان هذا أفضل وصف وجدته الجريدة لتسمية مرتكب الجريمة.
لكن المفارقة أن الصحيفة ذاتها غطت أحداث إطلاق النار على نادي أورلاندو الليلي في ولاية كاليفورنيا الأمريكية عام 2016، والذي راح ضحيته 50 شخصاً بعنوان آخر، إذ كتبت: "داعشي معتوه يقتل 50 شخصاً في نادٍ للمثليين".
ما دفع متابعين للتساؤل، حول مهنية الجريدة التي غيرت على ما يبدو لهجتها في الحادثين رغم أنهما وقعا بنفس الطريقة، ونفس عدد الضحايا، لكنها عنونت خبراِ بداعشي معتوه، والآخر بطفل بريء.
صحيفة Daily Mail هي الأخرى كانت محل انتقاد، إذ سارت على نهج مواطنتها البريطانية، وعنونت خبرها عن الواقعة بعنوان: "كيف تحول ولد صغير أشقر إلى قاتل جماعي يميني متطرف!".
وفي محض تفاصيلها كتبت الجريدة أن الإرهابي والده توفي بالسرطان، وما بدا وكأنه تجميل لوجهه أو لاستعطاف المتابعين للحادثة.
صحيفة Courier Mail، البريطانية هي الأخرى كانت محل انتقاد، بعدما كتبت أن "الأناس البيض الذين يطلقون الرصاص على الأطفال ببنادق نصف آلية، مجرد مقاتلين أستراليين انحرفوا قليلاً عن الطريق".
In this week's #SundayMailQld the tiniest face of the NZ mosque massacre as the Australian accused smirks at his court appearance pic.twitter.com/psRwEl4e7J
— The Courier-Mail (@couriermail) March 16, 2019
الأمر الذي جعلها هى الأخرى في مرمى الانتقادات، لاسيما بعدما نشرت في عددها التالي ليوم المجزرة أن الإرهابي برينتون تارانت أصبح معقداً بسبب "إدمانه الشديد" لألعاب الفيديو.
متجاهلة البيان الذي كتبه من 73 صفحة، وشرح فيه تفصيلاً وقائع الجريمة، وكيف خطط لها قبل وقوعها بشهرين مستنداً على وقائع مشابهة استهدفت مسلمين في كندا وإيطاليا، ومهدياً عمليته لمرتكبيها.
وأنه دوّن في بيانه أنه يستحق جائزة نوبل للسلام للقضاء على المسلمين، إذ أشار إلى أنه كيف يجب على استراليا قتلهم والتخلص منهم.
ما طرح تساؤلات حول مهنية الصحف الغربية في التعامل مع الواقعة، التي هزت العالم، وطريقة عرضها للقاتل بأنه مجرد طفل بريء من الطبقة العاملة أدمن ألعاب الفيديو وتحول بعدها إلى يميني متطرف.
لكنها لا تتعامل بالآلية ذاتها إذا ما كان الجاني إرهابياً مسلماً أو ينتمي إلى تنظيم يدعي أنه تنظيم ديني.
والجمعة الماضية، استهدف هجوم دموي مسجدين بـ"كرايستشرش" في نيوزيلندا، قتل فيه 50 شخصاً، أثناء تأديتهم الصلاة، وأصيب 50 آخرون.
فيما تمكنت السلطات من توقيف المنفذ، وهو أسترالي يدعى بيرنتون هاريسون تارانت، ومثل أمام المحكمة في اليوم التالي للجريمة، ووجهت إليه اتهامات بالقتل العمد.
وبدم بارد سجل الإرهابي تارانت، لحظات تنفيذه أعمال قتل وحشية، وبث مقتطفات منها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في أعنف يوم شهده تاريخ البلاد الحديث، بحسب رئيسة الوزراء.
وأمرت السلطات بحبسه على ذمة القضية، ومن المقرر أن يعود للمثول أمام المحكمة في الخامس من أبريل/نيسان؛ حيث قالت الشرطة إنه سيواجه المزيد من الاتهامات على الأرجح.