حذر خبراء عالميون في مجال الصحة من أنَّ وباء إنفلونزا يمكن أن يضرب العالم دون سابق إنذار خلال السنوات المقبلة.
ذكرت منظمة الصحة العالمية في بيان نشرته الإثنين 11 مارس/آذار 2019 إمكانية تفشي وباء إنفلونزا، أي ظهور الإنفلونزا وانتشارها في أرجاء العالم؛ بحسب موقع Livescience الأمريكي.
ولكن، في ظل الاتصال الشديد الذي يتسم به العالم في الوقت الراهن، لماذا لا تصبح الإنفلونزا وباءً متفشياً كل عام؟
المناعة الجماعية
يقول الدكتور أدولفو جراتسيا ساستر، مدير معهد الصحة العالمية والأمراض الناشئة التابعة لكلية ماونت سايناي للطب بنيويورك، إنَّ السبب في ذلك هو أنَّ الإنفلونزا لكي تصبح وباءً، يلزم أن تظهر سلسلة جديدة من الفيروسات.
وأضاف جراتسيا ساستر لموقع Live Science الأمريكي إن السلالات التي عادةً ما تسبب الأوبئة السنوية -أي ظهور حالات عدوى على نطاق صغير ترتبط ببعض المناطق في المعتاد- هي السلالات المنتشرة منذ فترة.
أما الأوبئة المتفشية فهي الأوبئة التي تنتشر على مسافات أكبر بكثير، وعادةً ما تنتشر في العالم كله.
وأضاف أنَّ عدداً لا بأس به من الناس قد أصيب بالفعل بعدوى تلك الفيروسات، وبالتالي يحمل مناعة تجاهها.
هذه المناعة الجماعية تقف حجر عثرة أمام الفيروسات، وتمنعها من الانتشار والتوغل عبر مجموعة من السكان.
سلالة جديدة
وقال إنَّ الأوبئة المتفشية تحدث عند ظهور "سلالة جديدة مختلفة جداً" عن السلالات التي اعتادت الأنظمة المناعية التعامل معها.
وعادةً ما تظهر تلك السلالة في الحيوانات، كالخنازير والطيور، وتنتقل منها إلى البشر.
غير أن هذا الانتقال لا يحدث كثيراً، لأنّ الفيروسات التي تصيب الحيوانات مختلفة كثيراً عن الفيروسات البشرية.
ولكي يتفشى وباء الإنفلونزا البشرية، يجب أن يكون الفيروس الحيواني قادراً على ثلاثة أشياء: إصابة البشر بالعدوى بشكل فعال، والتناسخ داخل البشر، والانتشار بسهولة بينهم.
وتلعب الصدفة دوراً كبيراً حتى يتمكن الفيروس من القيام بهذه الأشياء الثلاثة.
وأضاف الدكتور جراتسيا: "الفيروسات تتغير باستمرار" وفيروسات الإنفلونزا بالذات تتقن هذا التغير.
ومن آن لآخر، تحدث لدى فيروسات الإنفلونزا الحيوانية "توليفة من الطفرات التي تلعب الصدفة دوراً كبيراً فيها" بما يسمح لها بالوفاء بالمتطلبات الثلاثة المذكورة أعلاه.
لا يمكن التكهّن ولكن..
كان السبب في أحدث موجة وباء إنفلونزا في العالم انتقال فيروس إنفلونزا من الخنازير إلى البشر عام 2009. وعُرف هذا الوباء العالمي بإنفلونزا الخنازير، وأودى بحياة أكثر من 200 ألف شخص.
كما أن وباء الإنفلونزا المدمر عام 1918، والذي أودى بحياة 30 مليون إلى 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، كان يعود بجذوره إلى الطيور.
وقال جراتسيا: "ليس ثمة طريقة يمكن من خلالها التكهن بموعد وصول وباء إنفلونزا عالمي، ولكن هذا الأمر يحدث كل 10 إلى 40 عاماً".
وأضاف أنَّه حتى مع هذا، ثمة خطوات يمكننا اتخاذها للحيلولة دون حدوثه.
وتشمل تلك الخطوات إجراء المزيد من البحوث لإيجاد طريقة للتعرف على الفيروسات التي يمكن أن تنتقل من الحيوانات إلى البشر؛ وإيجاد طرق لإيقاف الاتصال بين الحيوانات المصابة بالعدوى والبشر؛ وكما تفعل بعض الفرق في جميع أنحاء العالم، العمل على إيجاد مصل عالمي يمكنه حمايتنا من جميع عدوى الفيروسات.