بإيجاز تحدث المراهق الذي هشَّم بيضةً على رأس فريزر آنينغ، السيناتور الأسترالي على خلفية إصدار السياسي بياناً يصرف فيه المسؤولية في الهجوم الإرهابي في نيوزيلندا عن الفاعل الحقيقي.
إذ قال عقب الحادثة: "لا تقذفوا الساسة بالبيض… فستجد نفسك في مواجهة 30 همجياً في الوقت نفسه. تعلمتُ هذا بالطريقة الصعبة…"
حسب تقرير صحيفة The New Zealand Herald النيوزيلندية صدرت دعواتٌ لإدانة السيناتور فريزر آنينغ بالاعتداء، عقب ضربه المراهق في شجارٍ بشع وقع أثناء حديثٍ صحفي في مدينة ملبورن الأسترالية، أمس السبت 16 مارس/آذار.
وتتزامن هذه الدعوات مع حصد التماسٍ نشره موقع Change.org الأمريكي نحو نصف مليون توقيع للمطالبة بإقالة السياسي المثير للجدل من البرلمان، بينما أشاد رواد الإنترنت بالمراهق واعتبروه "بطلاً".
أثارت تعليقات السيناتور آنينغ على مذبحة كرايست تشيرش يوم الجمعة 15 مارس/آذار، انتقاداتٍ لاذعة، وتعرض لهجوم بالبيض في فعاليةٍ منظمة شهدت اندلاع صدامٍ وحشي بين مؤيدي ومعارضي هذه الشخصية المثيرة للجدل.
فبينما كان السيناتور آنينغ يجري مقابلةً مع مراسل إحدى صحف ملبورن في منطقة مورابين، هَشَّم مراهق في السابعة عشرة من عمره بيضةً نيئة على مؤخرة رأسه.
شاعراً بالصدمة، استدار السيناتور نحو المراهق ولكمه في وجهه. ثم عاد وهاجم المراهق مرةً ثانية حين فُصِل الاثنان عن بعضهما.
وبعدها هجم 4 رجال بالغين على المراهق وثبَّتوه أرضاً، واستجوبه مسؤولون قبل أن يقتاده رجال الشرطة بعيداً عن مسرح الحدث. ثم أُطِلق سراحه لاحقاً دون توجيه اتهاماتٍ له ريثما تُجرَى تحقيقاتٌ أخرى.
وأفلت السيناتور من الاتهامات في هذه الواقعة، لكن تتردد تساؤلاتٌ حول تصرف الرجال الذين كبلوا المراهق أرضاً؛ إذ وصفه البعض بأنَّه فعلٌ "وحشي"، وقالوا إنَّ المراهق تعرض "لضربٍ مبرح".
وقال أحد المعلقين على تويتر: "فتى البيض تلقى لكمةً مثل البطل، ثم قُيِّد بأسلوب لف الذراع حول الرأس".
وأصبح المراهق محط اهتمام رواد الإنترنت بعدما نُشِر على موقع "تويتر" مقطع الفيديو الصادم بينما يتعرض للتقييد من رأسه والتثبيت أرضاً.
This is what Fraser Anning's right-wing lads did to the boy. #auspol #FraserAnning pic.twitter.com/sJNzRLppG5
— Paul Barry (@TheRealPBarry) March 16, 2019
ويظهر في الفيديو أحد الرجال الذين قيدوا المراهق، وهو يقول: "أنتَ لست سوى كائن بشري ضعيف، ولعين".
بينما سُمِعَ أحد الحضور وهو يرجو الرجل أن "يترك رقبة" الشاب.
رداً على تغريدةٍ نشرها برنامج Media Watch التلفزيوني الأسترالي، قال السيناتور المستقل ديرين هنش: "كان لآنينغ الحق في الرد، حتى وإن كان الرد عفوياً، لكنَّ رد فعل حراسه الوحشيين مغالى فيه بوضوح".
من جانبها، أعلنت شرطة ولاية فكتوريا فتح تحقيقٍ في الواقعة "بأكملها"، بما في ذلك تصرفات السيناتور آنينغ.
تبرعات لشراء بيض ولمساعدة الفتى ماليا
وأُنشِئت صفحة لجمع التبرعات لتغطية الأتعاب القانونية التي سيتحملها الفتى، ولشراء "مزيدٍ من البيض".
نجحت حملة GoFundMe في جمع ما يزيد على 14 ألف دولار خلال 17 ساعة فقط، متجاوزةً بكثير هدفها الأساسي الذي حددته عند ألفي دولار.
وأطلق المتبرعون على الشاب لقب "hero EggBoi"، أو فتى البيض البطل، مثنين على شجاعته ووقوفه في وجه السيناتور المثير للجدل. ووفقاً للحملة، ستذهب جميع التبرعات إلى المراهق لسداد "الأتعاب القانونية"، وشراء "مزيد من البيض".
ومن بين التغريدات التي أشادت بالمراهق، نشر حسابٌ باسم Alex is annoying تغريدةً يقول فيها: "حافظ #فتى البيض على هدوئه بينما كان مثبتاً في وضعية التقييد من الرأس، كأنَّه كان يعرف ما سيحدث، لكن فعله على أية حال. نقف بقلوبنا معه!".
#eggboy stayed so calm in that headlock like he knew what was gonna happen and did it anyway- in spirit and courage we stand!
— Alex is annoying (@elpomodoro) March 16, 2019
فيما غرَّد حساب آخر باسم Berfin يقول: "تحت هذا الوجه هناك فكرة… والأفكار مقاومة للرصاص".
Beneath this mask there is an idea… and ideas are bulletproof#eggboy pic.twitter.com/ZfhiwbMuvL
— Berfin (@Berfiinphalange) March 16, 2019
وبعد اقتياد الفتى بعيداً عن المشهد، قال أحد المؤيدين للسيناتور إنَّ "الجيل الأصغر… شرع في القتال".
وأجاب السيناتور آنينغ: "حسناً، من الواضح أنَّه مجنون قليلاً، لكن هذا صحيح".
من جانبها، أفادت صحيفة The Age الأسترالية بأنَّ الناشط اليميني المتطرف نيل إيريكسون كان من بين الرجال الذين قيَّدوا المراهق أرضاً، وصرخ في منظمي الحدث لإبعاد المحتجين والمراسلين.
إذ قال، بحسب الصحيفة: "أخرجوا الصحفيين من هنا… إذا كان لا يعجبك ما يحدث، اخرج".
فيما علَّق بول بيري، مقدم برنامج Media Watch، أنَّ السيناتور آنينغ يمكنه "التقدم باستقالته من البرلمان بمجرد أن ينظف (البيض) عن نفسه".
جاء شجار البيض هذا عقب رد لاذع على بيان السيناتور آنينغ، الذي بدا فيه وكأنه يُحوِّل أصابع الاتهام في هجوم يوم الجمعة عن المنفذ المسلح إلى برنامج نيوزيلندا للهجرة.
ورداً على ذلك، انتقد رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون تعليقات سيناتور كوينزلاند، وهو ما فعله أيضاً الساسة من تياري اليسار واليمين، ووسائل الإعلام الرئيسية.
إذ كتب الصحفي البريطاني بيرس مورغان: "هل تمزح؟ هل هذا الرجل سيناتور أسترالي فعلاً؟ فريزر آنينغ، يجب عليك أن تخجل من نفسك".
وأضاف: "أتمنى من الرفاق الأستراليين أن يردوا على هذا البيان المقرف بنفس الغضب العارم الذي أشعر به".
بدوره، كتب سام كلينش، المراسل السياسي في موقع News.com.au: "السيناتور الأسترالي الذي يتفوه الآن بهراءٍ عنصري رداً على هجوم المسجد في نيوزيلندا، حصل على 19 صوتاً في الانتخابات الماضية. 19 صوتاً. ربما نحن بحاجة لإعادة التفكير في نظامنا الانتخابي".
وفي بيانٍ يحمل شعار البرلمان الأسترالي، أصدره السيناتور آنينغ يوم الجمعة عقب الهجوم الإرهابي، أصدر تعليقاتٍ يهاجم فيها نيوزيلندا للطريقة التي تتعامل بها مع ملف الهجرة.
وقال: "أنا أعارض تماماً أي شكلٍ من أشكال العنف داخل مجتمعنا، وأدين كليةً الأفعال التي ارتكبها المسلح. وبينما لا يمكن على الإطلاق تبرير هذا النوع من الثأر العنيف، إلا أنَّه يعكس الخوف المتنامي داخل مجتمعنا، في أستراليا ونيوزيلندا، من تزايد الوجود الإسلامي".
وأضاف: "كالعادة، سيسارع سياسيو تيار اليسار والإعلام بالتذرع أنَّ الأسباب وراء إطلاق النيران اليوم تكمن في قوانين حيازة الأسلحة، أو من يتبنون نزعةً قومية، لكن كل هذا مجرد سخافة مبتذلة".
وتابع: "السبب الحقيقي وراء إراقة الدماء في شوارع نيوزيلندا اليوم هو برنامج الهجرة، الذي سمح للمتعصبين المسلمين بالهجرة إلى نيوزيلندا في المقام الأول".
ومضى السيناتور آنينغ يقول إنَّه بالرغم من أنَّ المسلمين قد يكونون ضحايا هذا الهجوم، لكنَّهم الجناة على حد زعمه، ملقياً باللوم في الوفيات على "الدين الإسلامي بأكمله"، الذي وصفه بأنَّه "المعادل الديني للفاشية".
واختتم السيناتور بيانه بعبارةٍ من الإنجيل، وقال إنَّ من يعتنقون ديناً عنيفاً يدعوهم للقتل "لا يمكن أن يتفاجأوا حين يأخذ شخصٌ ما بكلامهم ويرد بالمثل".
ورغم التخلص من الأدلة على أنَّ آنينغ نشر هذا البيان عبر حساباته على الشبكات الاجتماعية، غرَّد السيناتور: "هل لا يزال هناك أحدٌ يشكك في صلة هجرة المسلمين بالعنف؟".
Does anyone still dispute the link between Muslim immigration and violence?
— Senator Fraser Anning (@fraser_anning) March 15, 2019
في تصريحٍ لموقع News.com.au السبت 16 مارس/آذار، نفى مستشار إعلامي للسيناتور آنينغ صدور ردود فعلٍ عنيفة على البيان، لكن استغرق الأمر بضع دقائق حتى اشتعلت الشبكات الاجتماعية غضباً.
من بين الانتقادات التي تلقاها توبيخٌ من رئيس الوزراء سكوت موريسون، الذي وصف البيان بأنَّه "مقرف".
في مؤتمرٍ صحفي أمس، قال موريسون: "أُعرب عن إدانتي القاطعة والتامة لتصريحات السيناتور آنينغ الواردة في جميع تعليقاته، التي ربط فيها بين هذا الهجوم الإرهابي المروع ومسألة الهجرة والعقيدة الإسلامية".
وأضاف: "هذه التعليقات مشينة وبشعة، ولا مكان لها في أستراليا، وبصراحة ينبغي أن يخجل من نفسه".
تابع: "هذا ليس رأياً تؤيده حكومتي، ولا أعتقد أن أي أحدٍ يؤيده".
وقال موريسون إنَّ الحكومة ستقود حملة لحجب الثقة عن السيناتور آنينغ في البرلمان. وأضاف: "أنا على ثقة أنَّ البرلمان سيقدم رأياً قاطعاً بشأن ما قاله (آنينغ)".
وتابع: "تعليقات السيناتور فريزر التي ألقى فيها باللائمة على الهجرة، رداً على الهجمات الدموية التي ارتكبها إرهابي عنيف ومتشدد من تيار اليمين المتطرف في نيوزيلندا، هي أمر مقزز. ليس لهذه الآراء مكان في أستراليا، ناهيك عن البرلمان".
بدوره، انتقد بيل شورتين، زعيم حزب العمال المعارض في أستراليا، السيناتور "الغريب"، حسب وصفه.
وقال شورتين: "بينما تنعى العائلات في كرايست تشيرش من فقدوا من أحبائهم، اعتبر سيناتور أسترالي غريب هذا الفعل الإرهابي والمأساوي فرصةً للوم ضحايا جريمة القتل".
وأضاف: "هو يستحق الازدراء والإدانات التي وجهها له الناس الشرفاء في كل مكان. وهو لا يتكلم بلسان برلماننا أو دولتنا".
وعلى قناة Sky News البريطانية، قال الصحفي السياسي كيران غيلبرت إنَّ أي شخصٍ يعتنق مثل هذه الآراء لا ينتمي للبرلمان.
وأضاف: "أجده غايةً في الخزي. يا له من أمر مقزز"
ومن بين التغريدات التي انتقدت بيان السيناتور، كتب حسابٌ باسم Roman Quaedvlieg: "هل ما زال هناك من يشكك في الصلة بين فريزر آنينغ والسوقية المُنَفرة شديدة القبح؟".
Does anyone still dispute the link between @fraser_anning and blunt-ugly, revolting, vulgarity?
— Roman Quaedvlieg (@quaedvliegs) March 15, 2019
هذا بينما فضَّل كثيرون ألا ينشروا البيان على الإطلاق.
ورداً على تعليق السيناتور آنينغ بشأن صلة هجرة المسلمين بالعنف، كتب أحد الأشخاص على تويتر: "لا، لكنَّنا نرى الصلة بين بعض أعضاء مجلس الشيوخ والعنف".
وأضاف: "أرجوك لا تفعل هذا اليوم، أبدِ بعض الكرامة والتعاطف. ربما يعجبك الأمر".
فيما كتب آخر: "فريزر آنينغ يحمل قلباً فاسداً. يا له من إهدار خبيث وقبيح لحياته".
من جانبهم، أعرب سكان كوينزلاند عن شعورهم بـ "الاشمئزاز" من أنَّ هذا السياسي يمثل ولايتهم.
فكتب أحدهم: "لستَ سوى شخص شنيع".
إضافةً إلى ذلك، تعرض الأشخاص الذين يشاركون آنينغ شعوره للانتقاد.
فكتب حساب يحمل اسم Dee Madigan: "جائزة أسوأ شخص على الإنترنت تذهب إلى…"، رداً على تغريدةٍ تقول: "ما يحدث في كرايست تشيرش خاطئ تماماً. لكن قبل أن أسمع أي شخص آخر يقول إنَّ ما حدث نتيجة للمشاعر "المعادية للهجرة"، سأرد قائلةً إنَّ هذا حدث نتيجةً لأنَّ بعض السياسيين لا يسمعون للناس ويشعرونهم بأنَّهم مهمشون. أنتم تضغطون على الناس إلى الحد الذي يدفعهم للانفجار".
And the worse person on the internet award goes to… https://t.co/WWSY65HsHY
— Dee Madigan (@deemadigan) March 15, 2019
وعقب موجة رد الفعل الغاضبة، واصل السيناتور الدفاع عن تعليقاته.
ففي تغريدةٍ أخرى، شدد على تصريحاته السابقة، قائلاً إنَّ ما حدث يوم الجمعة ليس "عذراً" لنسيان الأرواح التي فُقدت في "الهجمات الإرهابية التي شنها مسلمون".