"لا أستبعد أن يكون الإخوان قد استخدموا سائق القطار لإحداث كارثة محطة سكك حديد مصر"، تمثل هذه الكلمات نموذجاً لمحاولات جعل جماعة الإخوان المسلمين كبش فداء للأزمات التي تشهدها مصر، في المقابل لا يختلف أنصار الإخوان كثيراً في إيمانهم بنظرية المؤامرة، ولكن بأبطال مختلفين.
كان لدى المسافرين المنتظرين على الرصيف ثوان فحسب للهروب قبل أن يبتلعهم اللهب، بعد أن اندفع قطارٌ في المحطة الرئيسية بالقاهرة ليصطدم بحاجز وينفجر، في 27 فبراير/شباط 2019.
مات اثنان وعشرون شخصاً.
كان السبب سائقاً مهملاً لم يشد الفرامل قبل أن ينزل من قطاره ليجادل عاملاً آخر. فشلٌ آخر لهيئة السكة الحديد الحكومية ذات التاريخ الحافل به، حسب ما ورد في تقرير لمجلة The Economist البريطانية.
لكن بالنسبة للصحفيين المنافقين في مصر، حسب وصف المجلة لهم، كانت قوىً شريرة هي السبب في الكارثة.
هكذا خططوا للكارثة.. جماعة الإخوان المسلمين كبش فداء للأزمات التي تشهدها مصر
فقد ادعى خبراء خطأً أن السائق كان من كرداسة، وهي قريةٌ معروفة بتعاطفها مع جماعة الإخوان، الذين كانوا الجماعة الإسلامية الرئيسية في مصر.
وقال نشأت الديهي، وهو مقدم لبرنامج تلفزيوني: "لا أستطيع استبعاد أن تكون الجماعة قد استخدمت السائق".
وأشار أكاديمي أجرت قناة أخرى مقابلةً معه إلى أن ردود الفعل الغاضبة على الحادث هي دليل على وجود مؤامرة، الجماعة تريد "تشتيت الانتباه عن إنجازات" الرئيس عبد الفتاح السيسي.
مرَّت ست سنوات منذ أطاح السيسي، الذي كان وزير الدفاع حينها، بحكومة منتخبة من جماعة الإخوان في انقلاب.
الشرطة السرية تحدد يومياً قائمة الموضوعات المطروحة على الإعلام
قدَّم السيسي نفسه كقوةٍ تحديثية، الرجل الذي أنقذ مصر من نظام غير ليبرالي، ونهض ليصلح الاقتصاد الراكد.
القصص التي تتعارض مع هذه الرواية تُكنَس تحت السجادة بواسطة الشرطة السرية، التي تملي على المحطات كل يوم قائمةً من المواضيع التي لا يمكن مناقشتها.
لكن حتى أشد الصحفيين خنوعاً لا يمكنه تجاهل حادث في قلب القاهرة، ولذلك انتقلوا لتقديم كبش فداء مألوف.
هكذا صنعت الجماعة أزمة البطاطس رغم سجن ونفي قادتها
جماعة الإخوان أصبحت محظورة، وأصولها المالية مُصادَرة، وقادتها أصبحوا محبوسين أو مشتتين في المنفى، ومع ذلك، إذا حكمنا بما يقوله الإعلام، فإنها مسؤولة عن كافة اعتلالات البلاد.
في الخريف الماضي ارتفع سعر البطاطس من خمسة جنيهات (0.30 دولار) للكيلو إلى 15 جنيهاً أو أكثر.
كان ذلك أثر العرض والطلب: أدى انخفاض قيمة العملة عام 2016 إلى رفع تكاليف البذور، فتوقف الفلاحون عن زراعة محصول خاسر.
لكن بالنسبة لصحيفة الوطن الخاصة لم يكن ذلك مجرد اقتصاد، بل "إرهاب اقتصادي".
اشترت الجماعة محصول الجماعة على المستوى الوطني وخبأته في المخازن كما ادعوا.
وبنفس الطريقة ألقي باللوم على الجماعة في أزمة نقص السكر عام 2016.
كما أنها تسببت في الأمطار والفيضانات.. والدليل هذا الرجل القابع بجانب البلاعة
العواصف الشتوية العنيفة خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2015 خلَّفَت أمطاراً بارتفاع 50 ملم في الإسكندرية، وهي تقريباً ضِعف النسبة التي تستقبلها المدينة في شهر عادي.
وبطبيعة الحال ألقي اللوم على الجماعة في الفيضان الذي أعقب ذلك. ولإثبات أنها أغلقت المجاري بالأسمنت، نشرت وزارة الداخلية صورة لرجل يجلس إلى جانب بلاعة.
وأعلنت وزارة الداخلية أنها ألقت القبض على 17 من الإخوان بتهمة "إغراق الإسكندرية".
وقال بيان الداخلية، إن المضبوطين متهمون بـ "سد المصارف ومواسير الصرف الصحي بإلقاء خلطة أسمنتية بداخلها لعدم تصريف المياه، وحرق وإتلاف محولات الكهرباء، وصناديق القمامة لإحداث أزمات بالمحافظة، وإيجاد حالة من السخط الجماهيري ضد النظام القائم".
واستقبلت صفحات نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بيان الوزارة بـ "التهكم والسخرية"، لافتين إلى أن الحكومة "تلقي بفشلها في معالجة الأزمة على شماعة الإخوان".
نظريات المؤامرة ليست جديدة على المصريين، والإخوان يستخدمونها أيضاً
فقد وُجِّه اللوم لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي، الموساد، على هجمات أسماك القرش وحالات الحمل خارج الزواج.
ولدى جماعة الإخوان أيضاً سرديتها الجامحة.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني، قتل جهاديون يُعتَقَد أنهم على علاقةٍ بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) 7 مسيحيين أقباط.
ووصف موقع جماعة الإخوان على الإنترنت ذلك بأنه عملية خداع مخابراتية لتشويه الإسلاميين.
والشرطة تقتل خلية إخوانية تخزن خبزاً وتونة.. ولكن أين البطاطس؟
واتهم الإعلامي المقرب للحكومة توفيق عكاشة جماعة الإخوان المسلمين بشراء البطاطس من الفلاحين بعد أن يأتوا لهم متخفين في هيئة السلفيين، ثم يقومون بتخزينها.
ولم تقتصر اتهامات عكاشة على اتهام الإخوان بأزمة البطاطس.
بل اتهمهم بما هو أخطر.
إنهم يتلاعبون بحزم الجرجير (خضار واسع الاستخدام في مصر خاصة في السلطة).
إذ يقول إن الحزمة كان ثمانية سيقان، والآن ارتفع سعرها إلى نصف جنيه وأصبحت سبعة سيقان فقط، وأحياناً ستة.
أما الشرطة المصرية من جانبها فقد قتلت عشرة مشتبهين، وادعت أنهم كانوا خلية إخوانية تتلقَّى تمويلاً كبيراً، لأنه كان بحوزتهم مخزون من الخبز والجبن وعلب التونة-.
ووتتهكم الصحيفة البريطانية على عملية المداهمة قائلة "اللافت للانتباه أنهم لم يكن معهم بطاطس"