لماذا تشعر إسرائيل بالقلق؟ نتنياهو يهدد بالتدخل العسكري ويحذّر العالم من التفاف طهران على العقوبات

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/08 الساعة 11:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 17:05 بتوقيت غرينتش
Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu attends the weekly cabinet meeting in Jerusalem March 3, 2019. REUTERS/Ronen Zvulun

جاءت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء 6 مارس/آذار 2019، بأن "البحرية الإسرائيلية قد تتخذ إجراء ضد تهريب إيران للنفط"، لتطرح تساؤلات عديدة، أبرزها هل نجحت طهران في الالتفاف حول العقوبات الأمريكية؟ وما مدى تأثر النفط الإيراني بتلك العقوبات؟ وهل تفتح تلك التصريحات الباب أمام احتمالية دخول تل أبيب (بدعم أميركي) في مواجهة عسكرية مفتوحة؟

 

 

 

متى بدأت العقوبات الأمريكية؟

فرضت الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية ضد إيران عام 1979 في أعقاب الإطاحة بالشاه واقتحام السفارة الأمريكية وأزمة الرهائن التي جعلت من البلدين عدوين حتى اليوم. وشملت تلك العقوبات تجميد ما قيمته نحو 12 مليار دولار من الأصول الإيرانية لدى البنوك الأمريكية وقتها وكذلك فرض حظر شامل على التعامل التجاري بين البلدين وجرى رفع معظم تلك العقوبات كجزء من اتفاق تحرير الرهائن الأمريكيين.

في أواخر ثمانينيات القرن الماضي أعادت إدارة رونالد ريغان فرض عقوبات اقتصادية على إيران، بسبب ما أسمته أمريكا بأفعال طهران العدائية في المنطقة ودعم الجماعات الإرهابية.

مشهد من الثورة الإيرانية 1979/ social media
مشهد من الثورة الإيرانية 1979/ social media

مع مطلع الألفية الثالثة ومحاولات إيران بناء مفاعلات نووية بدأت حقبة العقوبات الدولية التي فرضتها الأمم المتحدة وذلك منذ عام 2006، بتمرير القرار 1696 الذي يطالب طهران بالكشف الفوري عن كل ما يتعلق ببرنامجها النووي والسماح للمفتشين الدوليين بالقيام بعملهم، ولما رفضت إيران الالتزام تم إقرار القرار رقم 1737 في ديسمبر/كانون الأول 2006 بفرض عقوبات اقتصادية دولية على إيران.

استمرت العقوبات حتى تم التوصل لاتفاق بين إيران والقوى الدولية في أكتوبر/تشرين الأول 2015 تحت إدارة الرئيس باراك أوباما والذي تم بموجبه رفع العقوبات الاقتصادية مقابل وضع قيود على البرنامج النووي لطهران.

عقوبات دونالد ترامب

مع وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض تغيرت الأمور وعادت لنقطة الصفر في العلاقات بين واشنطن وطهران، حيث أن ترامب وقبل حتى أن يفوز بالرئاسة عام 2016 كان معارضاً شرساً للاتفاق النووي مع إيران، ووصفه في خطاب أمام الأمم المتحدة عام 2018 بأنه "إحراج بالغ للولايات المتحدة" موجهاً اتهامات بالإرهاب وارتكاب المجازر للنظام الإيراني.

وبالفعل انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي وأعادت تفعيل العقوبات الاقتصادية ضد طهران بصورة أكثر تشدداً، وذلك في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2018. العقوبات تشمل صادرات النفط، والشحن، والمصارف، وكل القطاعات الأساسية في الاقتصاد إضافة لحظر التعامل مع أكثر من 100 مسؤول ورجل أعمال إيراني.

هل تحقق العقوبات الغرض منها؟

بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على تفعيل تلك العقوبات، يرى كثير من المحللين والسياسيين أن الخطوة الأمريكية ربما لا تؤذي طهران كثيراً لعدة أسباب، أهمها رفض الاتحاد الأوروبي خصوصاً بريطانيا وألمانيا وفرنسا الانسحاب من الاتفاق النووي، إضافة لروسيا والصين حيث أن علاقات موسكو وبكين الاقتصادية مع إيران من الصعب جداً التخلي عنها.

ترامب يوقع على إلغاء الاتفاق النووي مع إيران/ رويترز
ترامب يوقع على إلغاء الاتفاق النووي مع إيران/ رويترز

صحيح أن صادرات النفط الإيرانية تراجعت بشكل ملحوظ بعد دخول العقوبات حيز التنفيذ وقدرت مصادر أمريكية ذلك الانخفاض بمليون برميل يومياً، لكن الثابت، طبقاً لخبراء اقتصاديين أن طهران يمكنها الالتفاف على العقوبات الأمريكية بوسائل عديدة.

أهم هذه الوسائل تهريب النفط ويتم ذلك بطرق عديدة منها تغيير أسماء السفن أو تسجيلها لدى دول أخرى وإيقاف أجهزة تحديد مواقع السفن ونقل الشحنات من سفينة إلى أخرى في عرض البحر وبعيداً عن المراكز التجارية الكبرى.

كما لجأت طهران لاستخدام بنوك وشركات وهمية في الشرق الأوسط لتفادي العقوبات، كما تقوم شركات وبنوك إيرانية بتغيير أسمائها وعلاماتها التجارية على مستندات الصفقات التي تجريها كوسيلة أخرى للتحايل على العقوبات الأمريكية، طبقاً لمقال نشره موقع أميركي متخصص في الأمور القانونية الدولية والأمريكية يدعى "ديازرويس".

أوروبا تحرص على تخفيف وطأة العقوبات الإيرانية

فرنسا وبريطانيا وألمانيا أعلنت أيضاً عن تشكيل آلية جديدة للتعامل التجاري مع طهران، بعيداً عن العقوبات الأمريكية وأعلنت طهران الأربعاء 6 مارس/آذار 2019، على لسان نائب وزير خارجيتها أن الآلية الجديدة يمكن أن تبدأ خلال أسابيع.

الغرض من تلك الآلية التي سيكون التعامل من خلالها بعملات غير الدولار الأمريكي هو تخفيف وطأة العقوبات الأمريكية على إيران، حيث أن واشنطن تصرفت بشكل منفرد في الانسحاب من الاتفاق النووي عكس رغبة الباقين.

هذه التطورات والطريقة التي تسير بها الأمور مشيرة بوضوح إلى نجاح طهران في الالتفاف على العقوبات، و"ستواصل ذلك بكل فخر" كما جاء على لسان الرئيس الإيراني حسن روحاني نفسه، تطرح سؤالاً مهماً وهو ماذا بعد؟ الواضح أن إدارة ترامب لديها أجندة واضحة ضد النظام الإيراني وما الانسحاب من الاتفاق النووي وفرض العقوبات إلا وسائل لتحقيق تلك الأجندة، فإذا ما تأكد فشل وسيلة العقوبات، ما هي الخطوة التالية؟

طبول الحرب؟

نشرت صحيفة واشنطن بوست يوم الثلاثاء 5 مارس/آذار 2019 مقالاً كتبه نائبان في الكونغرس بعنوان "ترامب يسعى لحرب مع طهران وعلى الكونغرس أن يمنعه!" المقال يشبه ما تفعله إدارة ترامب بما فعلته إدارة جورج بوش الابن مع العراق وهو ما يعني رغبة ترامب في غزو إيران كما فعل بوش في العراق.

في اليوم التالي الأربعاء 6 مارس/آذار، جاءت تصريحات نتنياهو وتهديده باستهداف السفن الإيرانية التي تقوم بتهريب النفط.

"تحاول إيران التحايل على العقوبات من خلال تهريب النفط خفية عبر مسارات بحرية. وبناء على مدى تلك المحاولات، سيكون للبحرية دور أكثر أهمية في وقف هذه الأفعال الإيرانية. أدعو المجتمع الدولي كله إلى وقف محاولات إيران للالتفاف على العقوبات عن طريق البحر، وقطعاً، بأي وسيلة أخرى."

فهل يعني ذلك إمكانية حدوث مواجهة مسلحة قريبًا؟ ولماذا تشعر إسرائيل بالقلق من عدم نجاح أسلوب فرض العقوبات على طهران؟

ربما تبدو إجابة السؤال الأول أكثر صعوبة حيث لا أحد يمكنه التكهن بما قد تؤول إليه الأمور في ظل تداخل قضايا كثيرة، منها مثلاً الانتقادات الداخلية المتزايدة لترامب ومصالح طهران وتحالفاتها مع روسيا والصين وغيرها من القضايا التي تصب في صالح صعوبة اللجوء للصدام المسلح.

أما ما يخص شعور إسرائيل بالقلق، فيكفي كم وكيف تصريحات نتنياهو بخصوص إيران في السنوات الأربع الأخيرة والتي بدأت بالمعارضة الشرسة للاتفاق النووي في 2015، واستمرت لتتخذ أشكالاً أكثر عدائية في فبراير/شباط الماضي.

"لو ارتكب هذا النظام (الإيراني) خطأ مهاجمة تل أبيب أو حيفا لن ينجح وسوف يدفع ثمناً باهظاً وسيكون احتفالهم هذا العام (بذكرى الثورة الإيرانية) هو الاحتفال الأخير!"

لغة التهديد المستمرة وآخرها تصريحات الأربعاء 6 مارس/آذار في مقر البحرية الإسرائيلية – في استعراض واضح للقوة – تعكس قلقاً إسرائيلياً متزايداً من التقاط طهران أنفاسها اقتصادياً، ما قد يمهد لها الطريق بأريحية شديدة للامتداد العسكري بالقرب من حدودها فضلاً عن تطوير برنامجها النووي، ما قد يمثل تهديداً حقيقياً لتل أبيب.

 

 

 

 

 

 

تحميل المزيد