كيف انتقم ولي العهد السعودي من مالك صحيفة واشنطن بوست؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/27 الساعة 11:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 17:46 بتوقيت غرينتش

كشف موقع The Daily Beast الأمريكي تفاصيل الخطة التي قام بها مسؤولون سعوديون من مؤسسات إعلامية أميركية للانتقام من جيف بيزوس، مالك موقع أمازون وصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، بصور خاصة له، وعلاقات شخصية، بسبب تغطية واشنطن بوست الأمريكية لاغتيال الصحفي البارز جمال خاشقجي.

وقال الموقع الأمريكي في تقرير، بدا الأمر وكأنَّه نظرية مؤامرة عندما ألمح جيف بيزوس بشكل غير مباشر إلى أنه قد يكون هناك ارتباط سعودي بمحاولة ابتزازه بـ "صور السيلفي التي التقطها للجزء السفلي من جسده".

وبحسب ديلي بيست هناك أدلة متزايدة على أن الحاكم الفعلي للمملكة، في إشارة إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كان يحاول معاقبة بيزوس، انتقاماً من التغطية الشرسة لصحيفة Washington Post، التي يملكها لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. وقد بدأ هذا الجهد قبل شهور من محاولة ابتزازه من جانب الشركة الأم للصحيفة الشعبية National Enquirer.

أين الدليل؟ حسناً، إنه على مرأى من الجميع.

راقب الموقع الأمريكي عن كثب مع فريقٍ من الخبراء والنشطاء العرب المستقلين في أنحاء العالم أفعال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان منذ صعوده عام 2015، وعلى وجه التحديد آلته الدعائية على الإنترنت المُنفَق عليها بسخاء.

دور تويتر في سيطرة محمد بن سلمان على السلطة

يمكن للمرء أن يعرف كثيراً مما تفكر فيه القيادة السعودية، إذا أولى اهتماماً وثيقاً للروايات التي صدّرتها وتروّج لها شبكات تويتر واسعة النطاق تحت سيطرتها. في الحقيقة، في وقت مقتله، كان جمال خاشقجي يعمل معنا في مشروع ليقوم بهذا بالتحديد، لكنَّ ولي العهد أوقفه في الحال، بحسب الموقع الأمريكي.

تويتر ضخم في المملكة العربية السعودية، والبلد يفتخر بأنَّه يحقق واحداً من أعلى معدلات انتشار تويتر على مستوى العالم. ولأنَّ المملكة العربية السعودية تفتقر إلى صحافةٍ حرة، وتحظر الأحزاب السياسية، والمنظمات غير الحكومية، فقد اتَّخذ المواطنون السعوديون تويتر منفذاً وحيداً لمناقشة الأمور العامة. وبحلول عام 2015، أصبح موقع تويتر الملتقى الرئيسي للمثقفين السعوديين، ومساحة عامة للنقد، كثيراً ما يُسمى "برلمان العرب"، بحسب الموقع الأمريكي.

تغير هذا مع صعود محمد بن سلمان، فقد دفعت شعبية تويتر الهائلة ولي العهد ومستشاريه لغزو نسخة تويتر العربية، وتحويله من مساحة للنقاش العام بين المواطنين إلى واحدٍ من أدوات المملكة الرئيسية للسيطرة الاجتماعية. لماذا؟ لمنع وقوع أكبر مخاوفهم: حركة معارضة من طراز الربيع العربي في المملكة العربية السعودية.

وبحلول نهاية عام 2018، كان غزو ولي العهد لتويتر مكتملاً: فالمغرّدون المستقلون الرئيسيون على الموقع كانوا في السجن، أو في المنفى، أو أُسكتوا بالابتزاز، أو التهديد، أو ماتوا. لم يعد هناك شيءٌ اسمه صوت مستقل داخل المملكة العربية السعودية، كان عليك إما التوقف عن الاستقلالية، أو التوقف عن التحدث، أو الخروج من السعودية.

تُسيطر على تويتر السعودي حالياً تماماً شبكة حسابات مؤيدة للحكومة، والرسائل السياسية المنشورة عليه تمثل رواياتٍ تروج لها الحكومة وليست رأياً مستقلاً. لقد تابعنا برنامج وسائل الإعلام الاجتماعية التابع للحكومة على موقعنا الإلكتروني، وهذه عينة صغيرة من طريقة عمله.

كيف أطلق محمد بن سلمان جيشه الإلكتروني على بيزوس؟

  • 1 أكتوبر/تشرين الأول: أكد خبراء الأمن الرقمي في Citizen Labs أن هاتف عمر عبدالعزيز، وهو معارض سعودي يقيم في كندا، وكان على اتصالٍ يومي وثيق مع جمال خاشقجي، استُهدف باستخدام أحدث برامج التجسس على الإنترنت. وفي وقتٍ لاحق كُشف عن أنَّ الاتصالات الرقمية بين عبدالعزيز وخاشقجي كان يجري اعتراضها لعدة أشهر قبل هذه النقطة.
  • 2 أكتوبر/تشرين الأول: شوهد جمال خاشقجي آخر مرة يدخل القنصلية السعودية في إسطنبول. بعدها، أثارت صحيفة Washington Post ضجةً، وطلبت إجاباتٍ من الحكومة السعودية.
  • 7 أكتوبر/تشرين الأول: أكدت تركيا أنَّ خاشقجي قد قُتل داخل القنصلية السعودية. وصعدت صحيفة Washington Post من تغطيتها بلا هوادة وطالبت بالعدالة لخاشقجي.
  • 15 أكتوبر/تشرين الأول: ظهور هاشتاغ يربط جيف بيزوس بصحيفة Washington Post على وسائل الإعلام الاجتماعية السعودية: "مقاطعة أمازون". وأول تغريدة على الهاشتاغ تعلن: "شعب #المملكة_العربية_السعودية_العظمى أن صاحب صحيفة الشر والغدر Washington Post هو اليساري جيف بيزوس… هو المالك للصحيفة لذا وجب #مقاطعة_امازون دفاعا عن وطنا مطلب يا شعب #السعودية_العظمى".

  • 2 نوفمبر/تشرين الثاني: نشرت صحيفة Washington Post مقال رأي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي اتهمته الحكومة السعودية بـ "تسييس" جريمة قتل خاشقجي.
  • 3 نوفمبر/تشرين الثاني: بدأت طفرة في التغريدات المناهضة لبيزوس على وسائل التواصل الاجتماعية السعودية، وظهرت علامات واضحة على تلاعب الحكومة. وإلى جانب "مقاطعة أمازون"، أُطلق هاشتاغان إضافيان، أحدهما يدعو إلى مقاطعة سوق.كوم، وهي شركة تجارة إلكترونية في الشرق الأوسط مملوكة لأمازون. تقول التغريدة الأولى: "نحن كسعوديين وخليجيين لن نرضى إطلاقاً بأن تهاجمنا صحيفة Washington Post نهاراً، ونشتري من أمازون وسوق دوت كوم ليلاً، العجيب أن Washington Post وأمازون وسوق دوت كوم تابعة لنفس الشخص اليهودي الذي يحاربنا في النهار، ويبيع علينا في الليل".
  • 5 نوفمبر/تشرين الثاني: نشرت صحيفة Washington Post مقالة رأي بعنوان "حان الوقت لوقف المشاريع التجارية في السعودية".
  • 9 نوفمبر/تشرين الثاني: أحيا مؤيدٌ بارز لمحمد بن سلمان الدعوات لمقاطعة أمازون وسوق.كوم، باستخدام لقطة شاشة للمقال المذكور أعلاه لتوضيح وجهة نظره. وتبعت ذلك زيادة أخرى في التغريدات المضادة لبيزوس.
  • 9 نوفمبر/تشرين الثاني: نشرت صحيفة Washington Post مقالة رأي بقلـم محمد علي الحوثي، أحد زعماء الحوثيين، الجماعة المتمردة التي يقاتلها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن منذ 2015.

في هذه المرة تضمنت الهاشتاغات رسوماً بيانية ورسوماً متحركة ومقاطع فيديو تهاجم بيزوس.

  • رسم كاريكاتيري لبيزوس يهرب على ما يبدو من مواطن سعودي يرميه بالحذاء بينما يهتف بالإهانات، وقد حرص رسام الكاريكاتير على تصوير بيزوس حاملاً نسخة من صحيفة Washington Post، وعلى صفحتها الأولى مقالة الحوثي.
  • ظهرت عدة مقاطع فيديو تصف علاقة بيزوس بصحيفة Washington Post، وتدعو إلى المقاطعة. يقول أحد المقاطع إنَّ بيزوس هو "شخص عنصري حاقد ضد بلدنا ويحاول زعزعة استقرارنا".
  • قال تعليق كتب على صورة بيزوس: "هذا هو العفن الحاقد"، واصفاً بيزوس بأنَّه "رأس الحربة الإعلامية ضد السعودية" و"تخصص بتشويه سمعة المملكة في العالم"، بجانب أوصافٍ أخرى.
  • صورة أخرى كُتب عليها: "اليهودي: جيف بيزوس"، تربط بيزوس بصحيفة Washington Post وأمازون وسوق دوت كوم (ملاحظة: مع أنَّ جيف بيزوس ليس يهودياً، فإن ادعاء أنَّ الشخصيات العامة يهودية يربطهم بجميع أنواع الأفعال الشنيعة، وهي من الادعاءات المعادية للسامية المعروفة).

خفّتت الهاشتاغات المعادية لبيزوس لبعض الوقت بعد هذه النقطة، حتى 10 نوفمبر/تشرين الثاني، حين نشرت صحيفة National Enquirer إصدارها الخاص المكرّس للكشف عن علاقة بيزوس الغرامية. وشارك مؤيد بارز لمحمد بن سلمان في الشماتة على الفور:

"جيف بيزوس حرَّض على السعودية وقيادتها وشعبها لأسابيع عبر صحيفة Washington Post التي يملكها، فجاءته فضيحة خيانة زوجته من جهة وخسر نصف ثروته في تسوية الطلاق بعد الفضيحة من جهة أخرى.

باختصار شديد: مَن يعادي السعودية يكفيه أن يفضحه الله ويكسره وينهيه".

وهناك شيءٌ ما يخبرني أنَّ ذلك لم يكن تدخلاً إلهياً.

الرابط المفقود بين National Enquirer والسعوديين

وبحسب الموقع الأمريكي، فإنَّ السعوديين كانوا نشطين ضد جيف بيزوس وWashington Post منذ أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، لكنَّ ذلك لا يكشف إلا نصف القصة. تذكَّر ما كتبه بيزوس في منشوره على موقع Medium: "منذ عدة أيام، نصحنا أحد قادة شركة AMI بأنَّ السيد بيكر "غاضب" من تحقيقنا. لأسباب لا تزال بحاجة لأن تُفهم بشكلٍ أفضل، يبدو أنَّ الزاوية السعودية ضربت عصباً حساساً بشكلٍ خاص".

يقول الموقع الأمريكي، بحثنا في موقعنا عما هو معروفٌ عن اتصال AMI مع السعوديين، وسأشارك فقط بعض الأمثلة السريعة هنا. أولاً جزءٌ من السياق: قبل هذه الأحداث، كانت شركة السيد بيكر غارقة في ديونٍ بقيمة 1.3 مليار دولار، وتخسر أكثر من 70 مليون دولار في السنة. منذ وقعت هذه الأحداث تحسنت أوضاعها المالية بشكلٍ سريع وفي ظروفٍ غامضة.

  • يوليو/تموز 2017: آري إيمانويل وكيل ديفيد بيكر، قدَّم بيكر إلى كاسي غرين وسيط محمد بن سلمان. وأخذ بيكر غرين للقاءٍ في البيت الأبيض مع الرئيس ترامب وجاريد كوشنر.
  • سبتمبر/أيلول 2017: سافر بيكر إلى السعودية واجتمع مع محمد بن سلمان وغرين.
  • يناير/كانون الثاني 2018: سعى بيكر للحصول على المال السعودي لتمويل حلمه: شراء مجلة Time.
  • 12 مارس/آذار 2018: قبيل زيارة محمد بن سلمان رفيعة المستوى إلى الولايات المتحدة، طبعت شركة AMI ووزعت على المستوى الوطني 200 ألف نسخة من "المملكة الجديدة"، وهي مطبوعة غالية من 97 صفحة لامعة خالية من الإعلانات. موضوعها الوحيد هو كيف غيّر محمد بن سلمان العالم إلى الأفضل. لم يكن الكتاب الأكثر مبيعاً، مع أنَّهم عرضوه بسعر 13.50 دولار أمريكي للنسخة. وادعت AMI لاحقاً أنَّها لم تتلق أي أموال أو أي مساهمات أخرى من السعوديين للمجلة.
  • 19 مارس/آذار 2018: تلقَّى إيمانويل استثماراتٍ بقيمة 400 مليون دولار من صندوق الثروة السيادية السعودي. (آري إيمانويل كان وكيل دونالد ترامب أيضاً). هذا هو نفس اليوم الذي بدأ فيه محمد بن سلمان جولة كبرى في الولايات المتحدة.
  • 24 مارس/آذار 2018: ثار جدلٌ حول من دفع ثمن المجلة الغامضة. أحد الدبلوماسيين السعوديين قال إنَّ المجلة "غير فعالة"، بينما أنكر أي معرفةٍ مسبقة بها. وغرَّد الناطق الرسمي باسم السفير السعودي قائلاً: "لم تقم السفارة أو أي جزءٍ آخر من الحكومة بتكليف أحد بهذا، ولا نعرف مَن فعله. إذا اكتشفتَ ذلك، فنحن نحب أن نعرف".

لكنَّهم بالطبع يعلمون؛ لأن السفارة السعودية تلقَّت نسخة مسبقة من المجلة قبل أسابيع من نشرها. أرسلت AMI سراً نسخةً إلكترونية من المجلة إلى السفارة، في 19 فبراير/شباط، ثم جرى تعميمها داخلياً بين المسؤولين السعوديين، بل وأُرسِلت إلى من يتواصلون معهم من المسؤولين الأجانب في العاصمة الأمريكية.

الاهتمام الذي اجتذبته هذه المجلة الغامضة كانت وما زالت مشكلةً كبيرة لديفيد بيكر وشركة AMI؛ لأنَّه وفقاً لقانون تسجيل الوكلاء الأجانب في أمريكا (FARA)، يجب على أي كيان أمريكي يمثل مصالح قوة أجنبية الكشف عن علاقته مع الحكومة الأجنبية. وتشمل الأمثلة العمل "بناءً على أمر أو طلب، أو بموجب توجيه أو تحكم، من مديرٍ خارجي".

إذن ماذا يمكن أن تفعل AMI؟ حاولت تقديم طلب بأثرٍ رجعي إلى وزارة العدل.

كتبت شركة AMI في 14 مايو/أيار 2018، أول رسالتين إلى قسم الأمن القومي في وزارة العدل، تسأله عمّا إذا كان نشر مجلةٍ مثل تلك التي نشرتها بالفعل يتطلب منها التسجيل كوكيلٍ أجنبي. في الرسالة، ادعت ادعاءً يصعب تصديقه بأنَّ نشر المجلة كان "قراراً تجارياً يعتمد على الأرباح المتوقعة". وكانت مجبرةً بالقانون على الاعتراف بأنَّ كاسي غرين وسيط محمد بن سلمان ساهم بدورٍ كبير في إنشاء المجلة، بما في ذلك أنَّه "أرسل مقالاً… وراجع نسخة عمل من مسودة النشر، واقترح بعض التعديلات، وقدَّم صوراً إضافية".

أجابت وزارة العدل بأنَّ شركة AMI لن تعد منتهكةً لقانون الوكلاء الأجانب إذا كانت الحقائق الموضحة في رسائلها حقيقية، وصحيحة، وكاملة: "إذا كانت أي من الحقائق المتعلقة بالأنشطة المضطلع بها… في هذه المسألة مختلفة بأي حالٍ عن تلك الواردة في رسالتك، يرجى إبلاغ هذا المكتب".

لا نعرف ما إذا كانت AMI قد اتصلت مرةً أخرى بوزارة العدل بشأن هذه المسألة، لكنَّنا نعرف أن مواردها المالية تحسَّنت بشكلٍ كبير.

  • 15 يونيو/حزيران 2018: على الرغم من تراكم الديون، أعلنت AMI أنَّها أبرمت صفقة استحواذٍ جديدة بقيمة 80 مليون دولار، اشترت فيها 13 إصداراً من منافستها الرئيسية شركة Bauer Media.
  • 27 يوليو/تموز 2018: أشارت التقارير إلى أنَّ AMI تسعى لجمع 425 مليون دولار.

مصادفة من الحجم الملكي

كانت AMI على وشك العثور على فضيحةٍ تخصّ جيف بيزوس، من النوع الذي قد يرتكب أصدقاؤهم السعوديون جريمةً للحصول عليه.

  • 10 سبتمبر/أيلول 2018: قال مايكل سانشيز، وهو مدير في هوليوود له صلاتٌ ببعض الشخصيات المحيطة بترامب، لأحد معارفه من الوسط السياسي عن مصادفةٍ ضخمة في حياته: أخته لورين على علاقة مع جيف بيزوس بشحمه ولحمه. (حددت صحف ومواقع CNN وAP وVanity Fair وThe Washington Post وThe Daily Beast وحتى AMI أنَّ مايكل سانشيز هو الشخص الذي قدم رسائل جيف بيزوس الشخصية إلى صحيفة National Enquirer).
  • في نفس اليوم: بدأ ديلان هوارد من AMI العمل على القصة المتعلقة بعلاقة بيزوس الغرامية.
  • 20 سبتمبر/أيلول: حصل ديفيد بيكر ونائبه ديلان هوارد على اتفاقية عدم مقاضاة من المدعي العام الأمريكي، مقابل تقديم شهادة ضد محامي الرئيس ترامب مايكل كوهين (متعلقة بالتحقيق في مؤامرة "الصيد والقتل").

على الرغم من أنَّ شركة AMI تملك الآن مجموعةً كبيرة من الصحف الشعبية، لم تنشر قصة العلاقة لمدة أربعة أشهر أخرى. وأجلت القصة أسبوعاً بعد أسبوع، وكل يومٍ كانت تخاطر بخسارة ميزة الحصرية. ماذا كانت تنتظر؟ قد يحتوي الخط الزمني النهائي على الإجابة.

  • 7 يناير/كانون الثاني 2019: أرسل ديلان هوارد من AMI في النهاية رسالةً، نصح فيها بيزوس بأنَّ لديه القصة، وسينشرها في غضون ثلاثة أيام.
  • 9 يناير/كانون الثاني: أعلنت شركة AMI أنَّها "أكملت بنجاح إعادة تمويل جميع الديون المستحقة". ومع أنَّ الشركة أكدت أنَّه لا يوجد مستثمرون أجانب تدخلوا بشكل مباشر، فقد رفضت تسمية الفرسان المنقذين. ولم تستبعد أنَّ السعوديين ربما استثمروا بشكلٍ غير مباشر في الشركة، كما سترون أدناه.
  • 10 يناير/كانون الثاني: نشرت مجلة The National Enquirer إصداراً خاصاً في منتصف الأسبوع، وهو قصة غير مسبوقة من 12 صفحة حول قضية بيزوس. على الرغم من أنَّ بيزوس معروف لمعظم الأمريكيين بأنه أغنى رجل في العالم ومؤسس موقع أمازون، كُتب على غلاف المجلة تحت صورة بيزوس هذه الكلمات "مالك صحيفة Washington Post"، بنفس الطريقة التي كانت حملات تويتر السعودية تصفه بها لعدة أشهر.
  • 11 يناير/كانون الثاني: وجَّه بيزوس مستشاره الأمني غافن دي بيكر لإجراء تحقيقٍ لتحديد مَن وفّر نصوصه الخاصة لمجلة The National Enquirer، ولماذا. وخصص بيزوس لبيكر "أي ميزانية مطلوبة للوصول إلى الحقائق".
  • 31 يناير/كانون الثاني: أخبر دي بيكر موقع The Daily Beast أنَّ "أدلة قوية تشير إلى أن الدوافع سياسية".
  • 1 فبراير/شباط: أُرسل خطاب من شركة AMI إلى المحامي الخاص بغافين دي بيكر، يؤكد أنَّ تقرير The National Enquirer عن بيزوس "لم يجرِ التحريض عليه أو إملاؤه ولم يتأثر بأي شكلٍ من الأشكال بقوى خارجية أو سياسية أو غير ذلك". تبعت ذلك بأربعة أيام رسالة أخرى، تحذر دي بيكر ليوقف متابعة تحقيقه في دوافع AMI وراء نشر القصة. وكرَّرت الشركة: "تقاريرنا وعملية جمع المعلومات حول هذه الأمور لم يجرِ التحريض عليها أو إملاؤها، ولم تتأثر بأي شكلٍ من الأشكال بقوى خارجية أو سياسية أو غير ذلك".

"قوى خارجية، سياسية أو غير ذلك"، هذه كلمات الشركة، وليست كلماتي. هل كان قلقها هو مجرد أن يكشف التحقيق عن أنَّ تقرير بيزوس قُدِّمَ كخدمةٍ سياسية لترامب؟ لم يكن هذا على الأرجح مصدر قلقها، بالنظر إلى أنَّ الجميع يعرف بالفعل علاقة ترامب بصحيفة The National Enquirer.

عندما فشل كل شيء آخر

بعد أن اكتشفت الشركة أنَّه لا يمكنها بسهولة إيقاف تحقيق بيكر الممول جيداً، بدأت في الابتزاز الذي كشف مؤخراً عنه بيزوس في مقاله. أرسل ديلان هوارد المسؤول البارز عن إصداراتها إلى محامي بيزوس توصيفاً بطريقة الصحف الشعبية، يضم عشر صور حميمية في حوزته، وكتب معه: "لم يكن أي محرر ليشعر بالسرور وهو يرسل هذه الرسالة. آمل أن يهيمن المنطق السليم على تفكيرك، وبسرعة".

(في وقتٍ مبكر من الصباح في نفس اليوم، تُظهر الهاشتاغات السعودية المناهضة لبيزوس التي كانت خامدةً لأسابيع فجأةً ارتفاعاً قوياً في النشاط المتلاعب به بوضوح).

رفض كل من بيزوس ودي بيكر عرض الابتزاز الذي قدمته صحيفة The National Enquirer، ورفض بيزوس كان علنياً.

مهما كان الذي أرادته شركة AMI من دي بيكر، فلا بد أنَّه جدير بتخلي صحيفة The National Enquirer عن الصور، التي ربما كانت قد حققت أكبر عدد في مبيعاتها. وفيما يلي البيان الفعلي الذي أرادوا من دي بيكر إصداره في تصريحٍ صحفي عام: "نحن لا نعتقد ولا نملك أي أساس للإيحاء بأنَّ التقارير التي قدمتها شركة AMI وThe National Enquirer قد حُرضت أو تأثرت أو حُفزت أو أمليت بأي شكل من الأشكال من قوى سياسية خارجية، ولا نعتقد أنها استخدمت أي شكل من أشكال التنصت الإلكتروني أو القرصنة…".

وبينما تمتلك الحكومة السعودية بالتأكيد قدرات قرصنة متطورة، لم يسبق لأحد أن نشر أي شيءٍ عن التنصت الإلكتروني فيما يتعلق بقصة بيزوس في هذه المرحلة. ولم يستخدم أي شخص آخر غير AMI عبارة "القوى السياسية الخارجية". ومع ذلك فهذه هي الكلمات التي كانت الشركة تهتم بها كثيراً، لدرجة أنَّها كانت على استعدادٍ للتخلي عن صورها القيمة، وعلى استعدادٍ لابتزاز أغنى رجل في العالم بهذه الطريقة المتهورة.

المزيد من "المستثمرين" ينقذون AMI

قبل أسابيع قال المدير المالي لديفيد بيكر للصحفيين في وكالة Bloomberg إنَّ AMI تم إنقاذها مرة أخرى، هذه المرة من قبل "العديد من المستثمرين الجدد الذين جاؤوا إلينا"، دون أن يذكر أسماء المستثمرين، وأضاف: "لا يوجد استثمار مباشر في ديون الشركة أو أسهمها من قبل السعوديين". وكلمة مباشر على غير العادة كانت تعني أنَّ البيان غير صريح.

في هذه الأثناء واصل السعوديون حملة التشهير ضد بيزوس، وفي 15 فبراير/شباط، بدأ حساب موثق مؤيد للحكومة هاشتاغاً جديداً، مغرداً صورة عن قرب لبيزوس، مع رسالة إلى السعوديين: "يحمل الحقد والغل على وطنك السعودية، ماذا سترد على جيف مالك أمازون؟ #ساحذف_حسابي_في_امازون وأنا أول واحد".

(نواصل متابعة الحملة الإعلامية السعودية، سواء على وسائل الإعلام الاجتماعية أو وسائل الإعلام التقليدية، على موقعنا الإلكتروني)

نظرية المؤامرة أم حقائق المؤامرة؟

من الصعب الحصول على دليل مباشر على الإجراءات والعلاقات الحكومية السرية، لكن إليك بعض الأسئلة التي يمكننا الإجابة عنها بثقة:

  • هل لدى شركة AMI تاريخ معروف في نشر التقارير الهجومية السياسية؟ 

نعم.

  • هل لدى AMI علاقة عمل وثيقة مع السعوديين؟ 

نعم.

  • هل كانت AMI غارقة في الديون؟

نعم.

  • هل طلبت AMI المال من السعوديين؟

نعم.

  • هل حصل شركاء AMI على أموال من السعوديين؟

نعم، مبالغ ضخمة.

  • هل كانت AMI قلقة بشأن انتهاكات قانون الوكلاء الأجانب وقانون ممارسات الفساد الأجنبية؟

نعم.

  • هل أطلق السعوديون حملة إعلامية متلاعباً بها حكومياً على المواقع الاجتماعية لمدة أشهر ضد بيزوس وWashington Post؟ 

نعم.

  • هل كان ديفيد بيكر "غاضباً" من تحقيق بيزوس في الاتصالات السعودية؟ 

نعم.

  • هل حاولت AMI بجدية إيقاف تحقيق بيزوس في كل هذه الأسئلة؟ 

نعم.

  • هل هذه المجموعة من الحقائق ليست إلا مجرد مصادفة؟ أم هل هناك شيء آخر يحدث؟

سوف يخبرنا الوقت.

تحميل المزيد