السفيرة ريما.. هل تنجح أول سعودية تمثل المملكة دبلوماسياً في إصلاح ما أفسده ولي العهد بأمريكا؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/26 الساعة 16:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 17:47 بتوقيت غرينتش

في الوقت الذي كانت طائرة العاهل الملك سلمان بن عبدالعزيز على مشارف الأجواء المصرية لحضور أول قمة عربية أوروبية بشرم الشيخ، خطت يد الأمير محمد بن سلمان الأمر الملكي بتعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة للمملكة بواشنطن بدلاً من الأمير خالد بن سلمان شقيق محمد بن سلمان.

القرار الذي يعد الأول في تاريخ المملكة، أثار العديد من التساؤلات عن التوقيت الذي جرى فيه التغيير وعلاقة هذا الإجراء بموقف ولي العهد الضعيف في واشنطن عقب اغتيال الصحفي المخضرم جمال خاشقجي في تركيا على يد عملاء تابعين للاستخبارات السعودية، وأيضاً الهدف من هذا الإجراء.

في عام 1984 عين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود الذي لم يكن مر عليه إلا عامان في الحكم ابن أخيه الشقيق، الأمير بندر بن سلطان سفيراً لدى واشنطن، ليصطحب عائلته وبينهم الأميرة ريما وهي بعمر 9 سنوات إلى العاصمة الأمريكية ويبقى فيها حتى مغادرته المنصب في العام 2005 مع وفاة الملك فهد أيضاً.

وولدت السفيرة السعودية الجديدة لدى واشنطن، في الرياض عام 1975 ، قبل أن ترافق والدها وعائلتها إلى الولايات المتحدة وتكمل دراستها هناك لتحصل على شهادة البكالوريوس في دراسات المتاحف والآثار التاريخية من جامعة "جورج واشنطن" في الولايات المتحدة.

الأميرة ريما شغلت عدة مناصب في المملكة لكن في إطار الأعمال الاجتماعية لكنها لم تتولى أي منصب له علاقة بالسياسة او الدبلوماسية، لكن في منصبها الجديد يعول عليها أن تلعب دوراً هاماً في مستقبل العلاقة بين واشنطن والرياض عقب الأزمة الكبيرة التي تسبب فيها اغتيال خاشقجي.

رغم خلو سجل الأميرة السعودية من أي أعمال سياسية إلا أنها تستمد نفوذها من منصب أبيها السابق الذي لعب دور السفير لفترة استمرت أكثر من 20 عاماً، فالرجل عاصر الفترة الحرجة التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 والتي كان المتهم فيها تنظيم القاعدة وزعيمه الراحل أسامة بن لادن سعودي الجنسية، إضافة إلى أن عدداً غير قليل من المنفذين للواقعة سعوديون.

 

بندر بن سلطان في هذا الوقت نجح بشكل كبير في محاولة تجميل صورة المملكة لدى الأوساط المجتمعية الأمريكية عبر شركات العلاقات العامة وجماعات الضغط التي أخذت هذا الأمر على عاقتها مقابل الأموال، كما أنه نجح بشكل كبير في إقامة العلاقات الدبلوماسية والشخصية أيضاً بسبب منصبه.

أيضاً عقب توليه منصب رئاسة الاستخبارات العامة السعودية في يوليو/تموز 2012، نجح في تكوين علاقات مع جماعات المحافظين الجدد في واشنطن والذي تسبب في توتر علاقاته شخصياً بالرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي كان يرى أن الأمير بندر يدير الملف السوري بعيداً عن الإدارة الأمريكية، مستنداً على النفوذ القوي للمحافظين الجدد الذين باتوا يلعبون دوراً هاماً في السياسة الأمريكية منذ وصول ترامب في 2016.

  • لماذا عيَّنها محمد بن سلمان؟

  • تجميل صورته

ارتبط اسم الأمير محمد بن سلمان بـ"إصلاح" وجه المملكة عقب القرارات التي صدرت في حق المرأة السعودية مثل منحها الحق في قيادة السيارة بعدما ظل هذا الإجراء محرماً لعقود، كما أنه أعاد الحفلات والموسيقى ودور السينما للسعودية عبر الهيئة الترفيهة التي أطلقت خصيصاً لهذا الأمر، ومن ثم بعد تعيين الأميرة ريما في هذا المنصب يمكن أن يروج الأمير محمد بن سلمان في الأوساط الغربية بأنه مازال على عهد الإصلاحات رغم قضية خاشقجي.

فالأميرة ريم، تعد من المدافعين الشرسين عن حقوق المرأة، وقد شغلت سابقاً منصبي رئيسة الاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية ووكيل الهيئة العامة للرياضة للتخطيط والتطوير، إذ قادت حملة لتعزيز التربية الرياضية للبنات في المدارس على الرغم من معارضة المتشددين.

  • مدافعة عن سياسات ولي العهد

قبل منصبها الجديد عملت الأميرة ريما مستشارة لولي العهد فعقب جريمة اغتيال جمال خاشقجي دافعت بشراسة عن سياسة ولي العهد في المحافل الدولية، بسبب قدراتها على تحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة واصفة إصلاحاته الاجتماعية مثل السماح للنساء بقيادة السيارات بأنها "تطور وليست تشبهاً بالغرب".

وفي مداخلة لها خلال المنتدى الاقتصادي العالمي العام الماضي، قالت "تطالبوننا بالتغيير، لكن عندما نبدأ بالتغيير تواجهوننا بالتهكّم". وأضافت "لا أدري كيف أشرح لكم إلى أي مدى الأمر محبط عندما تستيقظ كل صباح وتذهب إلى المكتب وتبدأ بحض الناس على التغيير من أجل مجتمعهم (…) ثم تظهر مقالة تقول 'هذا كان رائعاً، ولكن..'". وتتابع "لماذا ولكن؟".

وشددت الأميرة في مداخلتها على مدى التأثير السلبي عندما تواجَه بالتشكيك في جهود التحفيز على التغيير.

  • محمد بن سلمان فقد حلقة الوصل

على الرغم من الصورة الذهنية التي يحاول محمد بن سلمان رسمها مجدداً في الولايات المتحدة والتي تأثرت بشكل كبير بسبب اغتيال جمال خاشقجي، بتعيين الأميرة ريما في منصبها الجديد إلا أن ولي العهد خسر حلقة الوصل المباشرة مع الإدارة الأمريكية وهي شقيقه الأمير خالد بن سلمان الذي تقلد منصب نائب وزير الدفاع بدلاً من منصب السفير.

فمنذ التغيرات الهامة التي قام بها محمد بن سلمان في البلاط الملكي قبل عامين، كان يعتمد الرجل بشكل مباشر على شقيقه في لعب دور حلقة الوصل المباشرة مع الإدارة الأمريكية وخاصة صهر ترامب ومستشاره الخاص غاريد كونشر، إلا أن جريمة خاشقجي أفسدت كل هذا.

فالأمير خالد ارتبط اسمه بشكل مباشر بجريمة اغتيال خاشقجي، إذ بحسب ما نشرته وسائل إعلام فإن السفير السابق طلب من خاشقجي أن يسافر إلى تركيا إذا أراد الحصول على الوثيقة العائلية التي كان يريد خاشقجي الحصول عليها، لكنها كانت الفخ الذي دبر للصحفي المخضرم وبعدها تم اغتياله، قبل أن تنفي الجهات الرسمية السعودية هذه الرواية.

وعقب الجريمة غادر الأمير خالد واشنطن في مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2018، ولم يعد إليها مرة أخرى وظل منصب السفير شاغراً قبل أن تملأه الأميرة ريما، ومن ثم كان من المستحيل عودة الأمير خالد إلى واشنطن مرة أخرى حتى لا يثير السخط مرة أخرى تجاه محمد بن سلمان فربما يعتبر البعض عودة السفير السابق استفزازاً للأوساط الشعبية الأمريكية ولاسيما وسائل الإعلام التي تعد المدافع الأول الآن عن جمال خاشقجي بعد تركيا.

  • هل ستنجح؟

يعد التعويل على قدرتها على تجميل صورة ولي العهد مجدداً في الولايات المتحدة أمراً صعباً، خاصة في ظل المعلومات التي سربت لوسائل الإعلام حول الدور الفاعل لمحمد بن سلمان في جريمة اغتيال خاشقجي، لكن قد غياب شقيق ولي العهد عن واشنطن قد يقلل من حدة الغضب الشعبي ضد محمد بن سلمان.

أيضاً يمكن لها أن تلعب دوراً هاماً في مستقبل العلاقة في الفترة المقبلة في ظل التغيرات التي طالت عدداً من المؤسسات والجهات السعودية جراء جريمة اغتيال خاشقجي، ومن ثم يمكن أن يمنح ذلك الأميرة ريما بعض الأوراق للدفاع عن محمد بن سلمان بأنه غير متورط في هذه الجريمة أو على الأقل لن يكرر مثل هذه الأمور مرة أخرى.

تحميل المزيد