قالت صحيفة The Washington Post الأمريكية إن الصين تحاول تحت حكم الرئيس شي جين بينغ توجيه كل قوى الذكاء الاصطناعي إلى التحكم بجميع أنواع مراقبة البيانات لشعب الإيغور المسلم في إقليم شينجيانغ، بما في ذلك أنظمة التعرف على ملامح الوجوه، والأنظمة التي تستطيع ملاحظة نوع، وملابس، ومشية، وطول المارّة، بالإضافة إلى التعرف على الصوت، وإنشاء قاعدة بياناتٍ للحمض النووي.
الملايين مراقبون بأنظمة تتبع شديدة التعقيد
يبلغ تعداد الأقلية المسلمة من شعب الإيغور في إقليم شينجيانغ الصيني على أقل تقديرٍ ما يقرب من 11 مليون نسمةٍ، وعلى الأرجح فإن تعدادهم أكبر من ذلك بكثيرٍ. لذا تخيل نطاق مراقبة الإيغور في ضوء تسريب البيانات الذي حدث مؤخراً وأشار إلى أن ما يقرب من 2.5 مليون شخصٍ مراقبون بالكاميرات وغيرها من أجهزة المراقبة، وينتج عن ذلك أكثر من 6.6 مليون زوجٍ من الإحداثيات على نظام تحديد المواقع العالمي GPS خلال اليوم الواحد، أغلبها يعلّم كمواقع لـ"مساجد" و"فنادق".
These are the trackers which are connected the SenseNets database. They make part of this artificial intelligence-based security network which uses face recognition, crowd analysis, and personal verification. https://t.co/Y2YUz36FKN pic.twitter.com/Sx6r4Yv8Z8
— Victor Gevers (@0xDUDE) February 16, 2019
وجد فيكتور جيفيرس، الباحث الأمني في مؤسسة GDI، وهي مؤسسةٌ غير ربحيةٍ تسعى للدفاع عن حرية الإنترنت، أن قواعد البيانات تنتمي لشركة SenseNets، وهي شركةٌ صينيةٌ تمد الشرطة بأنظمة التعرف على ملامح الوجوه وغيرها من أنظمة المراقبة. تركت الشركة قاعدة البيانات بلا حماية ولكنها أغلقتها حين قام جيفيرس بالتقصي حولها.
احتوت قاعدة البيانات على سجلاتٍ مثل أرقام هوياتٍ، وجنس، وجنسية، وعناوين، وتواريخ ميلادٍ، وصورٍ، وبياناتٍ عن الموظفين وأي الكاميراتٍ أو أجهزة التتبع مرّوا من أمامها. ويظن جيفيرس أن أكثر من ربع الأشخاص الذين سُجلت بياناتهم في قاعدة البيانات هم على ما يبدو من عرقية الإيغور، رغم أنها حوت أيضاً بياناتٍ لأفرادٍ من عرقية الهان وغيرهم.
قدَّمَت البيانات لمحةً أخرى على العالم المظلم لشينجيانغ، والتي حولتها السلطات الصينية إلى منطقة قمعٍ. بالإضافة إلى نشر المراقبة الإلكترونية والمادية على نطاقٍ واسعٍ، واحتجاز ما يقرب من مليون من مسلمي الإيغور في معسكرات اعتقالٍ، حيث -حسبما يقول الشهود- يجري غسل أدمغتهم لمحو ثقافتهم التقليدية ولغتهم.
وطبقاً لشياو تشيانغ، مدير معمل كاونتر باور في معهد بيركلي للمعلومات بجامعة كاليفورنيا، فإن شينجيانغ تمثل نافذةً على مستقبل الصين، و"جبهةً" لاختبارات المراقبة التي توجهها البيانات، والتي يمكن بعد ذلك أن تنتشر لما هو أبعد من الإقليم.
الذكاء الاصطناعي في خدمة جين بينغ
وكان شياو قد كتب الشهر الماضي، يناير/كانون الثاني، في دورية Journal of Democracy أن الصين تحاول تحت حكم الرئيس شي جين بينغ توجيه كل قوى الذكاء الاصطناعي إلى التحكم في جميع أنواع مراقبة البيانات، بما في ذلك أنظمة التعرف على ملامح الوجوه، والأنظمة التي تستطيع ملاحظة نوع، وملابس، ومشية، وطول المارّة، بالإضافة إلى التعرف على الصوت، وإنشاء قاعدة بياناتٍ للحمض النووي.
وبعد أن سألت صحيفة the New York Times الأمريكية شركة Thermo Fisher في ماساتشوستس عن استخدامات تقنية صناعة قاعدة بيانات الحمض النووي الخاصة بها، صرحت الشركة بأنها توقفت عن بيع معداتها لشينجيانغ. ويدرس الكونغرس الأمريكي تشريعاً من شأنه أن يساعد على كشف الداعمين لانتهاكات الصين والضغط عليهم.
حتى الحمض النووي!
تستهدف الصين استخدام تلك التقنيات في قمع المعارضين، ورصد وإخماد أي تحدٍّ محتملٍ لسيطرة الحزب الشيوعي الحاكم على السلطة. في مقاطعة شينجيانغ تعد المراقبة جزءاً من سياسة تدمير الهوية الثقافية. يقول شياو إنه بالإضافة إلى معسكرات الاحتجاز وكاميرات المراقبة فإن الحكومة الصينية أطلقت برنامجاً لجمع عينات الحمض النووي من كل سكان شينجيانغ الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و65 عاماً.
حين نُشرت رواية "1984" للكاتب جورج أورويل منذ سبعة عقودٍ بدت جرس إنذارٍ يُنذر بفكرة المدينة الفاسدة في المستقبل، التي يحكمها الفكر البوليسي والسلطة المستبدة. واليوم تصبح هذه المدينة حقيقةً واقعيةً في شينجيانغ. نضم صوتنا لصوت مجموعات حقوق الإنسان التي تحث مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في اجتماعه الذي سينعقد بدءاً من الاثنين 25 فبراير/شباط على إطلاق عملية تقصٍّ للحقائق في شينجيانغ لفضح التجارب المُقلقة لمحاولات الدولة السيطرة على السلوك الإنساني.