يبدو أن محاولة الأردن الخروج من أزمته الاقتصادية تتطلب التضحية باتباع صدام حسين، في ظل محاولة المملكة البحث عن مخرج لأزمتها الاقتصادية عبر البوابة العراقية.
فقد اتفق رئيسا وزراء البلدين عادل عبدالمهدي وعمر الرزاز على تعزيز العلاقات الاقتصادية، ولكن العراق وضع شرطاً حازماً لدخول الاتفاق حيز النفاذ.
النفط مقابل الكهرباء
وفقاً للاتفاق، فإن الأردن سوف يحصل على تخفيض في سعر برميل النفط العراقي، ليصبح أقل من الأسعار المعمول بها في التجارة العالمية.
العراق سيزوّد الأردن بـ10 آلاف برميل يومياً من نفط كركوك، مع الأخذ بعين الاعتبار تكلفة النقل واختلاف المواصفات في احتساب سعر النفط المتصدر للأردن.
كما سيتم إنشاء مدينة صناعية في المنفذ الحدودي بين البلدين، ضمن الاتفاق الاستراتيجي بين بغداد وعمان، حسب مسؤول في الحكومة الأردنية.
في المقابل فإن المملكة سوف تزود العراق بالكهرباء.
إنه اتفاق استراتيجي بالنسبة للأردن
ويقول مسؤول أردني، رفض الإفصاح عن اسمه لأنه غير مخول بالتصريح لـ "عربي بوست"، إن "رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز ونظيره العراقي عادل عبدالمهدي اتفقا في المعبر الحدودي الرابط بين البلدين على أن تقوم الحكومة العراقية بتزويد الأردن بـ10 آلاف برميل نفط يومياً، مقابل تزويد المنطقة الغربية للعراق بالكهرباء.
ويضيف أن "الرزاز وعبدالمهدي اتفقا بحضور عدد من وزراء الحكومتين العراقية والأردنية على إنشاء مدينة صناعية أردنية عراقية مشتركة في المنطقة الحدودية، بمساحة 24 كم مربعاً".
يتضمن إعفاء 393 سلعة أردنية من الرسوم الجمركية
ولفت المسؤول الأردني إلى أن "الحكومة العراقية أصدرت قائمة تتضمن إعفاء 393 سلعة أردنية من الرسوم الجمركية.
وقال إن هذا يأتي ضمن الاتفاقية الاستراتيجية بين بغداد وعمان.
وأضاف أن حكومة عمان تحاول زيادة التبادل التجاري مع بغداد من 600 مليون دولار إلى ملياري دولار سنوياً خلال الأشهر المقبلة.
ولكن هناك مطلب عراقي آخر، أهم من الكهرباء، وتعزيز التجارة.
المقابل : التضحية باتباع صدام حسين
يريد العراق في المقابل، أن يقدم الأردن معلومات عن قيادات حزب البعث المنحل، الموالي للرئيس العراقي السابق صدام حسين.
إذ يبدو أن خروج الأردن من الأزمة يحتاج إلى التضحية باتباع صدام حسين.
وذكر مسؤول في الحكومة العراقية، رفض ذكر اسمه، لـ "عربي بوست"، أن "رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي سلم ملك الأردن عبدالله الثاني خلال زيارته العاصمة بغداد، قائمة بأسماء المطلوبين للقضاء العراقي، بعضهم قيادات في حزب البعث المنحل.
كما تضمّنت القائمة أماكن وجود الإرهابيين على الأراضي الأردنية ومركزاً لتدريب التنظيمات الإرهابية قرب الحدود العراقية.
وأشار المسؤول إلى أنه "مقابل هذه المعلومات سيتم فتح منفذ طريبيل الحدودي، واستثناء الصادرات الأردنية للعراق من رسوم الضرائب، وتخفيض سعر برميل النفط المصدر للأردن، ضمن الاتفاق الاستراتيجي بين بغداد وعمان.
وهناك أنبوب نفطي من البصرة إلى خليج العقبة.. وإنشاؤه سيكلف مبالغ باهظة
وزير النفط العراقي اتفق مع وزير النفط الأردني على إنشاء أنبوب نفطي يمر عبر الأراضي الأردنية بطول 1700 كم، وفقاً للمسؤول العراقي.
ويمتد هذا الأنبوب من البصرة إلى الأردن، عبر صحراء الأنبار بغربي العراق، وصولاً لخليج العقبة في الأردن.
وفي المقابل سيقدم العراق تسهيلات إلى الأردن، وتخفيض سعر برميل النفط بـ18 دولاراً عن سعر خام برنت.
ولكن الأنبوب يحتاج أيضاً إلى تعاون أمني
ولفت المسؤول في الحكومة العراقية، إلى أن "مد الأنبوب النفطي يحتاج إلى توافق سياسي وجهود أمنية بين بغداد وعمان لحماية الأنبوب من الهجمات الإرهابية، علماً أن تكلفة إنشاء هذا المشروع وإنجازه تقدر بـ 18 مليار دولار.
وتضمنت الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق والأردن منع الترويج للفكر الإرهابي، وفكر حزب البعث المنحل، وإلغاء معسكر لتدريب المسلحين في وادي حوران على الأراضي الأردنية، حسب مسؤول في وزارة الدفاع العراقية.
حاصروا وادي حوران حيث مركز تدريب الإرهابيين
ويقول المسؤول غير المخول بالتصريح لـ "عربي بوست"، إن "وادي حوران، الذي يمتد لـ350 كم، يربط محافظة الأنبار غربي العراق بالأراضي الأردنية والسورية، ويعتبر أيضاً مأوى للتنظيمات الإرهابية بسبب وعورة تضاريسه وعزلته عن المدينة.
وأضاف أن "التنظيمات الإرهابية والمسلحة وداعش تستخدم هذا الوادي نظراً لسهولة حركة عناصرها بعيداً عن القوات الأمنية".
وأوضح أنه "حسب معلومات ستخباراتية، أبلغ رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، ملك الأردن عبدالله الثاني، خلال زيارته للعاصمة بغداد، بوجود مركز لتدريب العناصر الإرهابية داعش، على الأراضي الأردنية، قرب الحدود العراقية المحاذية لوادي حوران".
وقال إن "داعش يستخدم هذه المراكز لتدريب عناصره وإرسالهم للعراق، مستغلاً الفراغ الأمني في الوادي الحدودي".
وبالفعل، بغداد تسلم عمان قائمة بأسماء المطلوبين للقضاء
وقال المسؤول العسكري العراقي إن "عبدالمهدي سلم نظيره الأردني عمر الرزاز قائمة تحتوي على 76 من أسماء شخصيات.
وهذه الشخصيات متهمة بدعم وتمويل الإرهاب، ومحاولة لإسقاط العملية السياسية في العراق.
وأوضح أن بعضهم كانوا قيادات في حزب البعث المنحل ومسؤولين في حكومة صدام حسين.
وهكذا ردَّ الأردن على الطلب العراقي
الرزاز أبلغ عبدالمهدي بوقوف الأردن إلى جانب الحكومة العراقية، ودعم العملية السياسية ومكافحة بغداد للإرهاب، وفقاً لما قاله المسؤول العراقي.
ولكن لم يعرف هل يقصد الرزاز بذلك الاستجابة لطلب العراق بتسليم أتباع صدام الحسين، أم الإرهابيين الآخرين أم كلاهما.
وسبق أن طالب نواب عراقيون الأردن بعدم إقامة تجمعات "تمجّد" النظام العراقي السابق ورئيسه الراحل صدام حسين.
كما قال مصدر حكومي أردني، في فبراير/شباط 2018، إن عمان تلقت مذكرة من العراق، لتسليم رغد ابنة الرئيس الراحل صدام حسين.
وأضاف المصدر أن الأردن تلقّى أكثر من طلب مماثل في السابق، غير أنه تجاهل كل تلك المذكرات ولم يعلق عليها، بسبب أن رغد صدام حسين تقيم في الأردن، بصفة ضيف على الملك والحكومة الشعب، لأسباب إنسانية.
وتابع المصدر أن "رغد ملتزمة بأدب الضيافة، ولا تتدخل في الشؤون السياسية لا للعراق ولا لغير العراق"، على حد قوله.
وكانت الحكومة العراقية، نشرت في عام 2018، أسماء 60 شخصاً من أهم المطلوبين أمنياً، لانتمائهم إلى تنظيمي "داعش" و"القاعدة" وحزب البعث، الذي كان يرأسه الرئيس الراحل صدام حسين.
الأردن مركز للقوى المعادية لنا
"الأردن أكثر دولة استضافت كوادر وقيادات حزب البعث العراقي المنحل، ثم أصبحت مركزاً للتنظيمات الإرهابية.
هكذا قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي علي الغانمي لـ "عربي بوست"، في معرض تعليقه على الاتفاقية.
وأضاف "أن اجتماعات ولقاءات قيادات حزب البعث والتنظيمات الإرهابية تعقد في عمان والمناطق الأردنية الأخرى وفق المعلومات الاستخباراتية العراقية".
وتابع قائلاً إن العراق يدرك مكان الخطر، ولا بد من تقديم تسهيلات لدعم الاقتصاد الأردني، مقابل تبادل المعلومات عن المطلوبين للقضاء العراقي.
وأشار إلى أن هناك قوائم سلمت إلى الجانب الأردني تحتوي على أسماء قيادات حزب البعث المنحل والتنظيمات الإرهابية وشخصيات أخرى، متهمة بدعم وتمويل الإرهاب، ومحاولة لإسقاط العملية السياسية في العراق.