أين ذهب الشباب؟، سؤال يخطر على بال من يمشي في شوارع مدينة حلب التي باتت شبه خالية من الشباب بسبب حملات التجنيد في الجيش السوري التي تدفع المطلوبين للاختباء.
وشهدت مدينة حلب وضواحيها انتشار المزيد من الحواجز الأمنية التابعة للجيش النظامي، وأخرى تابعة لمليشيات النظام خلال الأيام القليلة الماضية.
وأدى توقيف مئات الأشخاص المطلوبين لخدمة الاحتياط بالجيش إلى إحداث شلل في حركة المدينة، حسبما ورد في موقع "السورية نت".
وبات الذكور السوريون الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و42 عاماً يخشون التحرك، بعدما أن قبضت حملات التجنيد في الجيش السوري من خلال حواجز متنقلة على أشخاص وردت أسماؤهم في القوائم الضخمة للمطلوبين لخدمة الاحتياط في جيش النظام.
حملات التجنيد للجيش السوري لا تقتصر على المطلوبين
ولا تقتصر حملات التجنيد في الجيش السوري فقط على المطلوبين للاحتياط، بل شملت أولئك المطلوبين أيضاً للخدمة الإلزامية، فضلاً عن توقيف طلاب جامعات ليس لديهم تأجيل دراسي.
وقالت مصادر محلية لموقع "السورية نت" إن هؤلاء الطلاب تم اقتيادهم إلى ثكنة "هنانو" وسط حلب، ليتم ترحيلهم إلى وحداتهم العسكرية في ما بعد.
وكثفت الشرطة العسكرية من دورياتها في أسواق المدينة القديمة، وساحة باب الفرج، والحديقة العامة، والعبارة، وشارع بارون.
وهذه المناطق تعج عادة بالشبان الذين يقضون أوقات فراغهم فيها، باعتبارها مناطق تحوي مقاهي، ودور سينما، ومطاعم تقدم وجبات رخيصة.
شوارع شبه خالية بعد اعتقال مئات الشباب
واعتقلت قوات الأسد في المناطق والأسواق المذكورة المئات من الشباب، بعضهم يبلغ من العمر 40 عاماً، وشهدت المنطقة عمليات مطاردة لشبان حاولوا الهرب من دوريات الشرطة العسكرية وسط ذهول الأهالي.
الإجراءات الأمنية وانتشار الحواجز بشكل كثيف، والدوريات التي جالت الأحياء والأسواق، تسببت في شلل المدينة بشكل شبه كامل، وبدت الشوارع خالية إلى حد ما من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 – 42 عاماً تقريباً.
وبات النساء والأطفال وكبار السن من الجنسين هم الأكثر حضوراً في كل مكان، بسبب حملات التجنيد في الجيش السوري النظامي.
والنتيجة غياب الرجال عن الطوابير أمام الأفران التي تبيع الخبز، كذلك خلت طوابير الغاز من الشبان المستهدفين من قبل حملات التجنيد في الجيش السوري التابع للأسد.
وبعض الطلاب مكثوا لثلاثة أيام للحصول على التأجيل
وبسبب حملات التجنيد في الجيش السوري وعمليات التوقيف الواسعة التي تصاحبها، يتجمع الشبان في حلب أمام شعب التجنيد، وفي دائرة شؤون الطلبة في جامعة حلب للحصول على تأجيل دراسي وتسليمه للكليات التي يدرسون فيها.
وبعض بعض الطلاب مكثوا ثلاثة أيام متواصلة أمام شؤون الطلاب، ليحصلوا على موافقة، كونهم لا يستطيعون العودة إلى منازلهم، والمخاطرة والمشي في الشوارع، خوفاً من ملاحقة الدوريات وتوقيفهم.
ويمكن النجاة، بالهروب إلى مناطق الأكراد أو المعارضة
"عدداً من الشبان الذين تم اعتقالهم خلال 48 ساعة الماضية في حواجز الأمن والمليشيات، تم اطلاق سراحهم"، حسبما ذكرت مصادر محلية في حلب.
وقالت المصادر "إن هؤلاء الشبان دفعوا رشاوى ومبالغ مالية ضخمة لضباط الحواجز، تصل في بعض الأحياء إلى 1000 دولار أميركي"
وتعمدت الدوريات والحواجز أن تكثف من حملتها وملاحقتها للشبان في الأحياء الغربية لحلب، والتي يعتبر سكانها من الطبقة الميسورة اقتصادياً، لكي يتم ابتزازهم بأبنائهم وإجبارهم على دفع المال مقابل الإفراج عنهم، وفقاً لهذه المصادر.
في حين تمكن عدد كبير من الشبان في حلب تمكنوا من الهرب من مناطق سيطرة النظام وبمساعدة ضباط في المليشيات والأفرع الأمنية وعن طريق سماسرة.
إذ تمكنوا من الوصول إلى مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية في منبج، مروراً بحاجز التايهة الواقع شرقي حلب الذي يفصل منطقة منبج عن حلب.
كما دخل بعض الشبان إلى مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الشمالي الشرقي، منطقة "درع الفرات"، بعد أن دفعوا مجدداً مبالغ مالية تؤمن حمايتهم وتمنحهم سكناً يبيتون فيه حتى يجدون مُهرباً يتكفل بإدخالهم إلى تركيا.
ولكن ثمن الهروب باهظ، وهؤلاء هم من يتلقونه
وتصل التكلفة الاجمالية لكل شخص يرغب في الفرار من الخدمة الإلزامية والاحتياطية في صفوف جيش الأسد، إلى أكثر من 3 آلاف دولار أميركي، أي ما يعادل مليون ونصف ليرة سورية، وهو مبلغ لا تستطيع تأمينه سوى العائلات الغنية في حلب في هذا الوقت.
وأوضحت المصادر أن الجزء الأكبر من المبلغ الذي يتم دفعه، يعود لضباط مليشيات النظام والفروع الأمنية والسماسرة.
وما تبقى من المبلغ المفترض، يتم دفعه في المرحلتين التاليتين للوصول إلى ريف حلب، أي للمهربين المحسوبين على "الوحدات الكردية"، والمهربين المحسوبين على قادة في فصائل المعارضة في ريف حلب.
والنتيجة توقف المصانع والأسواق
وأثرت حملة الاعتقالات وحملات التجنيد في الجيش السوري بشكل كبير على قطاعات الإنتاج الصناعية والتجارية، وشهدت الأسواق هبوطاً في عمليات البيع والشراء.
ووصل الأمر إلى أن بعض الورش الصناعية أغلقت أبوابها بسبب غياب العمال عنها.
ويتهم الأهالي بشكل مباشر مليشيات النظام بابتزازهم وملاحقة أولادهم لسوقهم للخدمة العسكرية في أصعب مرحلة اقتصادية تمر بها المدينة، التي ينتشر الفقر في معظم أرجائها.