على السعودية أن تقلق الآن من نتيجة الهجمات التي شنتها على الأمريكيتين المسلمتين اللتين فازتا بمقعدين للديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي خلال انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة، إحداهما هي النائبة إلهان عمر التي حصلت على مقعد في لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس ما يخولها بتعطيل مبيعات الأسلحة إلى السعودية.
كانت الأمريكية ذات الأصول الصومالية إلهان عمر، التي فازت بمقعد في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في الأسبوع الماضي، وزميلتها عضوة الكونغرس عن ولاية ميشيغان رشيدة طليب، قد تعرضتا للهجوم والاستهداف من قبل السعودية والإمارات خلال انتخابات التجديد النصفي.
موقع Voice of America أشار في تقرير له إلى أن الرياض على وجه التحديد قد تدفع فاتورة هجومها على النائبتين المسلمتين، وكانت وسائل إعلام تسيطر عليها حكومة الرياض، إضافة إلى أكاديميين ومعلقين معروفين بالتعبير عن آراء العائلة الملكية، وصفوا العضوتين بأنهما تدعمان الإسلام السياسي سراً وترتبطان بجماعة الإخوان المسلمين.
عازمة على السيطرة على مبيعات الأسلحة لـ"منتهكي حقوق الإنسان"
علقت إلهان عمر على حصولها على مقعد في لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب، قائلة إنها عازمة على "السيطرة على مبيعات الأسلحة إلى منتهكي حقوق الإنسان مثل السعودية".
الهجمات التي شنتها السعودية على المُشرعتين، اللتين تصفان نفسيهما بأنهما ديمقراطيتان اجتماعيتان، لم تهدأ منذ فوزهما في انتخابات التجديد النصفي، عندما صارتا أولى النساء المسلمات المنتخبات في الكونغرس الأمريكي.
وتأتي العضوتان ضمن عدد من الأعضاء الجدد أصحاب الأفكار التقدمية في الكونغرس الأمريكي، إذ تعهدت كلتاهما بإحداث تغييرات كبيرة في الكونغرس وفي الحزب الديمقراطي الذي تنتميان إليه.
بدأ دبلوماسي سعودي الحديث ضدهما بتغريدة نشرها ليلة الانتخابات ضد إلهان، قائلاً إنها "ستكون معادية للخليج"، ومتهماً إياها باتباع الإسلام السياسي المُمثَل في جماعة الإخوان المسلمين.
ونشر موقع قناة العربية، التي أسسها أقارب العائلة الملكية السعودية، مقال رأي الشهر الماضي يقول إن العضوتين المُنتخبتين مؤخراً في الكونغرس تشكلان جزءاً من تكتيك مناهض للسعودية ومرتبطٍ بالإخوان المسلمين، يرمي إلى التسلل داخل السياسات الأمريكية وتقويض الشراكة الاستراتيجية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والسعودية. ترددت هذه الانتقادات في الإمارات، جارة السعودية في منطقة الخليج وحليفتها. تجدر الإشارة إلى أن السعودية والإمارات تحظران أنشطة جماعة الإخوان المسلمين على أراضيهما.
وجاء في المقال: "حملت معركة الديمقراطيين مع حليفهم من حركات الإسلام السياسي، بغرض استعادة التوازن المفقود في الكونغرس الأمريكي عقب السيطرة الرئاسية للجمهوريين، الدفعَ بالأخوات والنساء المسلمات من أبناء الأقليات المهاجرة في الساحة الانتخابية".
الإخوان ليسوا السبب بل الدفاع عن حقوق الإنسان
يصف مؤيدو عضوتي الكونغرس الحملة الإعلامية السعودية ضدهما بأنها تستهدف تشويه سمعتهما، ويقولون إن ثمة مفارقة في الهجمات الكلامية نظراً إلى أن كلتا المشرعتين تحمل آراء تقدمية مجتمعياً، بما فيها الدعم القوي لمجتمعات المثليين والمثليات والمتحولين والمزدوجين جنسياً (LGBTQ) ، وهي آراء تقع على النقيض تماماً من أفكار الإسلام السياسي.
ويقولون إن استهداف السعودية لهما يأتي استجابة لدفاعهما عن حقوق الإنسان وانتقادهما للأسرة الملكية، ولا سيما الانتقاد الموجه إلى الحاكم الفعلي للمملكة الأمير محمد بن سلمان.
انتقدت النائبتان ترامب لطريقة تعامله مع السعودية فيما يتعلق بمقتل الصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول. وكتبت إلهان تغريدة بعد مقتل الصحفي، قالت فيها: "ربما كانت لدى الحكومة السعودية استراتيجية في التستر على الفظائع اليومية التي ترتكبها ضد الأقليات والنساء والنشطاء، بل وحتى الإبادة الجماعية في اليمن، لكن مقتل جمال خاشقجي يجب أن يكون آخر الأفعال الشريرة التي يُسمح لهم بارتكابها".
وقد حال ترامب دون فرض عقوبات شديدة على السعودية لقتل خاشقجي في قنصليتها بإسطنبول. فرضت إدارة ترامب عقوبات ضد 17 سعودياً اُتهموا بتدبير عملية الاغتيال، لكنها تقول إن العلاقة الاستراتيجية مع الرياض أهم من القيام بأكثر من ذلك.
بالرغم من ذلك، لا تركز العضوتان غضبهما على السعودية. إذ إن المفارقة أنه في ظل الانتقاد الموجه من السعودية، تناهض المُشرعتان السياسات الإسرائيلية وتؤيدان حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل.
ففي مقابلة أجراها يوم الخميس 17 يناير/كانون الثاني موقع The Intercept، وهو موقع إخباري استقصائي يميل ناحية الجناح اليساري في طيف السياسات الأمريكية، أشارت رشيدة طليب، وهي أول أمريكية من أصول فلسطينية تُنتخب لعضوية الكونغرس، إلى أنها لن تؤيد الدعم الأمريكي المُقدَّم إلى إسرائيل أو "أي دولة لا تكفل المساواة والعدل".
وقالت معلقة على قضية فلسطين: "يجب علي أن أخبركم أن جدتي تعيش هناك. ومن خلال دعم أي مساعدة إلى دولة تنكر كرامتها الإنسانية، وتنكر حقها في المساواة، والواقع الذي يشير إلى أن عليها المرور عبر نقاط تفتيش كي تصل إلى المستشفى للحصول على الرعاية الطبية، والواقع الذي يشير إلى أن الشعور السائد أنها أقل من أن تكون في بلدها، فذلك شيء لن أؤيده".
وأوضحت أن المساعدات العسكرية يجب استخدامها باعتبارها وسيلة لإقناع البلاد باحترام حقوق الإنسان.
وأضافت: "إذا لم نفعل ذلك مع إسرائيل والسعودية والبلاد الأخرى، فإننا إذاً لا نقوم بواجبنا بوصفنا دولة".