تظاهر عشرات الآلاف من محتجي "السترات الصفراء" السبت العاشر في مختلف أنحاء فرنسا، مع مواجهات عنيفة أحياناً وخصوصاً في بوردو (جنوب غرب)، رغم بدء الرئيس إيمانويل ماكرون "النقاش الكبير" الذي لم يهدّىء الغضب الشعبي المستمر منذ أكثر من شهرين.
وأظهرت أرقام وزارة الداخلية أن نحو 84 ألف شخص تظاهروا في أنحاء البلاد على غرار الأسبوع الفائت.
وتراجعت التعبئة في شكل محدود في باريس مع 7 آلاف متظاهر مقابل ثمانية آلاف السبت الفائت، وفق المصدر نفسه.
وهتف آلاف المتظاهرين وسط باريس "ماكرون ارحل" رافعين لافتة تصدرت التظاهرة كتب عليها "النقاش الكبير خدعة". وتخلل التظاهرة بعض الصدامات بعد الظهر، واستخدمت الشرطة خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع قبل عودة الهدوء.
مواجهات أكثر عنفاً في بوردو
وسجلت مواجهات أكثر عنفاً في بوردو، حيث عمد شبان ملثمون إلى تحطيم أرصفة واستخدام حجارتها كمقذوفات، وذلك على هامش تظاهرة شارك فيها نحو أربعة آلاف شخص.
وأحرقت خمس سيارات على الأقل في وسط المدينة واعتقلت قوات الأمن 49 شخصاً.
وسجلت صدامات مماثلة في إنجير (غرب) ورين (غرب) وروان (شمال غرب) ونانسي (شرق) وليون (وسط شرق) وتولوز (جنوب غرب)، حيث أحصت الشرطة عشرة آلاف متظاهر.
وقال بول ميرلوزو (56 عاماً) الذي تظاهر في نانسي لفرانس برس "لن يفضي النقاش الكبير إلى شيء. ندفع الناس إلى الكلام ليهدأوا، ولكن ينبغي تغيير النظام".
وفي 12 كانون الثاني/يناير، أحصت السلطات أكثر من ثمانين ألف متظاهر مقابل خمسين ألفاً في الأسبوع الذي سبق، ما أطاح بآمال الحكومة التي كانت تراهن على استمرار تراجع التعبئة منذ أعياد نهاية العام.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر 2018، تظاهر بضع مئات آلاف من المحتجين للمطالبة خصوصاً بتخفيف العبء الضريبي وتنظيم "استفتاء مبادرة مواطنية". ويبدو أن تنازلات الحكومة بهدف تعزيز القدرة الشرائية والتي بلغت كلفتها عشرة مليارات يورو لم تكن كافية لتهدئة العاصفة.
لكن مواجهات السبت لا تقاس بأعمال الشغب التي طبعت أسابيع فائتة.
وكما حدث السبت الماضي تم نشر نحو 80 ألف شرطي ودركي في فرنسا.
وحمل بعض المتظاهرين في باريس وروداً تكريماً لمن قتل وأصيب منذ بداية حركة الاحتجاج في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2018. وقضى عشرة أشخاص وأصيب أكثر من ألفين بين المحتجين وقوات الأمن.
-"الخدعة الكبيرة"-
ودافع وزير الداخلية كريستوف كاستانير الجمعة عن استخدام سلاح إطلاق الكرات الوامضة الذي قال إنه بدونه لا يعود هناك خيار لقوات الأمن إلا "الاحتكاك الجسدي" مع المحتجين.
في موازاة ذلك يواصل الرئيس إيمانويل ماكرون جولته عبر فرنسا لإجراء نقاشات مطولة مع مئات من رؤساء البلديات، وذلك في إطار ما أطلق عليه "النقاش الكبير" الهادف للإنصات لمطالب المحتجين.
وحذر كريستيان فنري رئيس جمعية رؤساء البلديات الريفية في لو (جنوب غرب) في بداية النقاش في مدينة سوياك الصغيرة قائلاً "أحذركم سيدي الرئيس من أنه لا ينبغي أن يتحول هذا النقاش الكبير إلى خدعة كبيرة".
وعلاوة على الحوار مع المسؤولين المنتخبين تنظم في إطار هذا "النقاش الوطني الكبير" في أنحاء فرنسا، نقاشات بين مواطنين تتناول محاور القدرة الشرائية والضرائب والديمقراطية والبيئة.
ووعد الرئيس بمتابعة هذه النقاشات على أمل احتواء كل أشكال الغضب. لكن الكثير من محتجي "السترات الصفراء" يرون في هذا النقاش الكبير وسيلة لدفن مطالبهم.