بعد مضي 23 عاماً على مغادرتها مخيماً للَّاجئين في كينيا، باتت إلهان عمر أول عضوة ترتدي الحجاب بالكونغرس الأميركي.
تشير صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير لها الى أن القواعد قد تغيرت حتى يُسمَح لإلهان، وهي مسلمة أدَّت اليمين الدستوري على نسخة من القرآن، بارتداء غطاء رأس ديني داخل المجلس. وكان يوجد حظرٌ قائم طوال 181 عاماً على ارتداء أي غطاءٍ للرأس من أي نوع في قاعة المجلس.
وكتبت إلهان تغريدةً على موقع تويتر في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قالت فيها: "لا أحد يضع حجاباً على رأسي سواي. إنَّه اختياري، يكفله لي التعديل الدستوري الأول. وهذا ليس آخر حظرٍ أعمل على إبطاله".
كانت إلهان، وهي عضوة بالحزب الديمقراطي، جزءاً من مجموعة من الأعضاء الجدد المتنوعين بشكلٍ غير مسبوق تاريخياً في النسخة رقم 116 للكونغرس الأميركي، وأدَّت اليمين وسط حالة تهليلٍ وفرح. ويضم مجلس النواب الأميركي الآن 102 امرأة، وهو رقمٌ قياسي جديد بالإضافة لجيلٍ جديد من المسلمين، وذوي الأصول اللاتينية، والسكان الأميركيين الأصليين، يشبهون سكَّان الولايات المتحدة بدرجة أكبر، ويعزمون على مواجهة الرئيس دونالد ترامب في عهدٍ جديد من الحكومة المُنقسمة بين الجمهوريين والديمقراطيين. لكن في الجانب الجمهوري، لا يزال المجلس يتكوَّن في أغلبه من الرجال البيض.
وقالت إلهان (36 عاماً) وتمثل ولاية مينيسوتا: "عندما كنتُ طفلة، كنتُ أقوم بدور المترجمة لجدِّي في مؤتمراتنا الحزبية، وكان هو أوَّل من حرَّك اهتمامي بالسياسة. أتمنى لو كان موجوداً ليشهد هذه اللحظة التاريخية، لكنَّه كان حاضراً بروحه فيما كنتُ أضع يدي على نسخته من القرآن لأداء اليمين الرسمية".
كذلك فاضت القاعة الوقورة الساكنة عادةً بأصوات الأطفال. هَدهَد عضو الكونغرس إريك سوالويل طفلته الرضيعة، كريكت، داخل قاعة مجلس النواب. ومرَّت به إلهان لتُساعده بحمل الطفلة.
كانت إلهان إحدى امرأتين أصبحتا أول مسلمتين تُنتَخبان بالكونغرس. كانت المسلمة الأخرى هي رشيدة طليب، والتي لم ترتدِ حجاباً. أدَّت رشيدة اليمين على القرآن، وتحديداً على ترجمةٍ إنكليزية للقرآن تعود لعام 1734 كانت ملكاً للرئيس الأميركي الأسبق توماس جيفرسون.
ما حكاية مصحف "جيفرسون"؟
واشترى "جيفرسون" مجلدين لترجمة معاني القرآن الكريم أعدها الإنكليزي جورج سال، أثناء دراسته القانون في جامعة ويليامسبيرغ.
وقبل 203 أعوام، وافق جيفرسون على مشروع في الكونغرس لشراء المكتبة الخاصة به، بما فيها النسخة المترجمة لمعاني القرآن.
وكانت تلك الخطوة تهدف إلى إعادة ملء مكتبة الكونغرس بالكتب بعد أن أحرقها البريطانيون خلال حرب الاستقلال.
والمعروف أن جيفرسون وفي سيرته الذاتية روى بارتياح صراعه من أجل تمرير مشروع قانونه التاريخي لتأسيس الحرية الدينية.
يشار إلى أنّ انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي أسفرت عن فوز مسلمتين بمقاعد في مجلس النواب وهما رشيدة طليب ذات الأصول الفلسطينية، وإلهان عمر ذات الأصول الصومالية وأول محجبة في الكونغرس الأميركي.
وعندما وقفت رشيدة لتُدلي بصوتها لصالح نانسي بيلوسي رئيسةً لمجلس النواب، كان ابناها آدم (13 عاماً) ويوسف (7 أعوام) واقفين بجوارها.
وغرَّدت رشيدة على حسابها الرسمي بتويتر قائلة: "لقد حدث هذا فعلاً. أنا عضوةٌ بالكونغرس الأميركي. هذا أمرٌ لا بأس به لفتاةٍ تنحدر من حي ساوث-ويست بمدينة ديترويت لم تكن تتحدَّث الإنكليزية وابنة مهاجرين فلسطينيين. ولمؤيدي حملتي الانتخابية: لقد ساعدتم بتغيير الكونغرس إلى الأبد. والآن، دعونا نبدأ العمل على تغيير أحيائنا".
This really happened. I am U.S. Congresswoman. Not bad for a girl from southwest Detroit who didn't speak English, daughter of Palestinian immigrants.
#13thDistrictStrong: You helped change Congress forever. Now, let's get to work to change our neighborhoods. #rootedincommunity pic.twitter.com/Xz511eIcyg— Rashida Tlaib (@RashidaTlaib) January 4, 2019
"ثُمَّ صاح آدم هو الآخر باسم نانسي بيلوسي، وأتبع كلاهما الصيحة بحركة "داب"، وهي حركة محبوبة لدى الأطفال في بداية سن المراهقة، وفيها يُثبَّت تُوجَّه الرأس داخل كوع أحد الذراعين فيما تُرفَع الذراع الأخرى عالياً. هبَّت بيلا كوفمان (9 أعوام)، وهي حفيدة نانسي، من مقعدها بالصف الثاني وردَّت بالحركة نفسها. وضحكت جموع الآباء من كلا الحزبين في المجلس".
أُعيدت نانسي بيلوسي بسهولة لمنصب رئيسة مجلس النواب، ما جعلها من جديد أقوى امرأةٍ في الحياة السياسية الأميركية. ودعت نانسي (78 عاماً) 24 طفلاً على الأقل للانضمام إليها على المنصة وهي تؤدي اليمين، داعيةً المجلس للهدوء "باسم جميع أطفال أميركا".
وعندما سُئِلت ما إن كانت ستمنح ترامب دولاراً واحداً من أجل بناء جدارٍ مقابل استئناف نشاط الحكومة الأميركية، قالت نانسي: "دولار واحد؟ نعم، دولار واحد. الحقيقة أنَّ هذا الجدار اقتراحٌ غير أخلاقي. هذا يخالف هويتنا كأمة".
التقى زعماء الكونغرس الأميركي لكِلا الحزبين بترامب في البيت الأبيض يوم الأربعاء، 2 يناير/كانون الثاني، لكنَّهم فشلوا في إحراز أي تقدُّم خلال أوَّل اجتماعٍ لهم منذ أسابيع.
دعا البيت الأبيض زعيميّ الحزبين بمجلس النواب للقدوم مجدداً يوم الجمعة، 4 يناير/ كانون الثاني، لعقد جولةٍ أخر من المحادثات أشار المسؤولين أنَّها ربما تحظ بنجاحٍ أكبر الآن وقد أدَّت نانسي بيلوسي اليمين الدستوري.