اعتبر وزير الخارجية البولندي، الإثنين 17 ديسمبر/كانون الأول 2018، أن فرنسا هي "رجل أوروبا المريض"، مشيراً إلى تحرك "السترات الصفراء"، والاعتداء الجهادي في ستراسبورغ، والذي أسفر عن 5 قتلى، أحدهم بولندي.
وقال ياتسيك تشابوتوفيتش لشبكة بولسات نيوز التلفزيونية، إن "فرنسا هي رجل أوروبا المريض، إنها تشد بأوروبا نحو الأسفل، في حين أن بولندا نقطة مضيئة".
فتور في العلاقات بين فرنسا وبولندا
ويسود الفتور العلاقات بين فرنسا وبولندا منذ وصول المحافظين بوارسو إلى السلطة في 2015، مع التخلي، من بين أمور أخرى، عن عقد لشراء مروحيات كاراكال، وخلافات في وِجهات النظر حول عمل البولنديين، واستبعاد مشروع زيارة للرئيس إيمانويل ماكرون لوارسو.
واعتبر تشابوتوفيتش أن "الهجوم الإرهابي يثبت أن شيئاً ما ليس على ما يرام في فرنسا، وأن احتجاجات الأسابيع الأخيرة، وانسحاب الرئيس ماكرون من إصلاح الدولة، من الأمور المحزنة".
وأضاف الوزير البولندي: "إذا ما أعطيت في الوقت نفسه دروساً لبولندا، فثمة شيء ليس على ما يرام، يتعين على المرء أولاً بسط النظام في بلاده".
وأسفر اعتداء الثلاثاء 11 ديسمبر/كانون الأول 2018، على سوق ميلادية في ستراسبورغ، عن 5 قتلى، أحدهم بولندي بالسادسة والثلاثين من العمر.
وتابع الوزير البولندي: "أعتقد أن ثمة تهديداً قوياً لدولة القانون في فرنسا، على صعيد احترام عجز المالية العامة".
وتتعرض الحكومة البولندية المحافِظة لانتقادات، بسبب إجراءات اتخذتها في النظام القضائي، اعتبر الاتحاد الأوروبي أنها تسيء الى استقلال القضاء وتشكل خطراً على دولة القانون، ما يمكن أن يؤدي إلى تعليق حق وارسو في التصويت بإطار الاتحاد الأوروبي.
فرنسا تأمل تجاوز الأزمة
يأتي ذلك في حين دعت الحكومة الفرنسية، الإثنين 17 ديسمبر/كانون الأول 2018، ما تبقى من ناشطي "السترات الصفراء" إلى الانسحاب من طرق البلاد، مع خوضها سباقاً مع الوقت لتنفيذ التدابير الاجتماعية التي أعلنها الرئيس إيمانويل ماكرون لاحتواء الأزمة.
وقال وزير الداخلية كريستوف كاستانير، تعليقاً على استمرار "السترات الصفراء" في إغلاق مستديرات وتقاطعات: "كفى".
وبعد تراجع ملحوظ في أعمال العنف والتعبئة السبت 15 ديسمبر/كانون الأول 2018، تأمل الحكومة تجاوز الأزمة، ولكن يبقى عليها أن تعالج قضية قطع الطرق في مختلف أنحاء فرنسا.
وأضاف الوزير: "بدأنا العمل منذ الأسبوع الماضي، تم إخلاء مستديرات، وسنواصل ذلك".
وقال رئيس الجمعية الوطنية، ريشار فيران، المقرب من ماكرون، إن إرسال شرطيِّين ودركيِّين إلى "المناطق الريفية" بهدف "تحرير المساحات العامة"، ليس مستبعَداً.
لكن المتحدث باسم "السترات الصفراء" في منطقة سون-إيه-لوار (وسط شرق)، بيار-غاييل لافوديه، قال لوكالة الصحافة الفرنسية: "إذا كانت الحكومة تقوم بذلك، فهذا يعني فعلاً أنها لم تفهم شيئاً".
وفي شاتولورو (وسط غرب)، توقع الناشطون أن يتم طردهم اعتباراً من صباح الإثنين 17 ديسمبر/كانون الأول 2018. لذا، عمدوا إلى إحراق بعض أكواخهم مساء الأحد.
الاضطرابات والاقتصاد والتجارة
وليل الأحد/الإثنين، سُجِّل إشعال حرائق على طريق سريعةٍ جنوب فرنسا. وصباح الإثنين، تحدثت شركة "فنسي" المشغلة للطرق الفرنسية السريعة عن تظاهرات "أقل"، لكنها أشارت إلى أن "نحو 40 جسراً محوَّلاً" لا تزال تشهد اضطرابات، إضافة إلى إغلاق بعضها.
وقال وزير الداخلية: "لا يمكن الاستمرار في التسبب بشلل الاقتصاد الفرنسي والتجارة في قرانا ومدننا".
ومنذ بدء تحرك "السترات الصفراء" في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، كلفت المواجهات القطاع التجاري نحو ملياري يورو، وفق ما أورده المجلس الوطني لمراكز التسوق.
ويجمع ماكرون، الثلاثاء 18 ديسمبر/كانون الأول 2018، في الإليزيه وزراءه والفاعليات الاقتصادية، لتنظيم النقاش الوطني الكبير الذي أُعلن في طار الإجراءات المتخذة لتهدئة الأزمة.
يستمر هذا النقاش حتى الأول من مارس/آذار 2019، ويشكل رؤساء البلديات ركناً أساسياً فيه، على أن يبحث 4 عناوين كبرى، هي: المرحلة الانتقالية البيئية، والضرائب، وتنظيم الدولة، والديمقراطية والمواطنية، علماً أن العنوان الأخير يشمل أيضاً ملف الهجرة.
وفي إطار هذا النقاش، أيَّد رئيس الوزراء مبدأ إجراء "استفتاء المبادرة المواطنية"، أحد أبرز مطالب "السترات الصفراء"، ولكن "ليس ضمن شروط عشوائية".