يُجري وليّ العهد السعودي زياراتٍ رفيعة المستوى لحلفاء الرياض الرئيسيين من العرب، قبل أن يتوجَّه إلى قمة مجموعة العشرين في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس.
وحسبما نَشَر موقع إذاعة Voice of America الأميركية، فبعد زيارة البحرين والإمارات ومصر، ذهب وليّ العهد إلى تونس، حيث ندَّد المتظاهرون بزيارته بسبب تورُّطه المزعوم في قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وهتف أعضاء في المجتمع المدني ومجموعات نسائية بشعارات ضده، وألقوا باللوم عليه في جريمة القنصلية في إسطنبول الشهر الماضي أكتوبر/تشرين الأول.
ونقلت Voice of America الأميركية في تقريرها أن مصدر مُقرَّب من رئيس المراسم الخاص بمحمد بن سلمان قال لصحيفة The Independent البريطانية، إنه سعى إلى ترتيب التقاط صورة تجمع محمد بن سلمان بترامب خلال القمة التي ستعقد في بوينس آيرس، لكن طلبه قوبل بالرفض حتى الآن.
تظاهرات رافضة في تونس.. وبعض الداعمين في مصر
مضى وليّ العهد، أمس الثلاثاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني، في زيارته إلى تونس، مع أن عدداً من الصحافيين التونسيين طالبوا بإلغاء الدعوة. ودافع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عن قراره باستقبال وليّ العهد محمد بن سلمان.
وفي القاهرة، ردَّدَت حشود قليلة من المصريين المؤيدين للزيارة شعاراتٍ مؤيِّدة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إذ استقبله المسؤولون الحكوميون، بمن فيهم الرئيس عبدالفتاح السيسي، بحفاوةٍ، فيما وُصِفَ بأنه زيارته السادسة للبلاد منذ أن أصبح والده ملكاً عام 2015.
وكانت آخر مرة زار فيها وليّ العهد مصر في مارس/آذار من العام الجاري لتوقيع اتفاقيات اقتصادية، بما فيها تلك المتعلقة ببناء جسر يربط بين سيناء والبر السعودي الرئيسي، وإنشاء منطقة اقتصادية مشتركة، وبذل جهود لربط شبكات الكهرباء في كلا البلدين.
وذكرت صحيفة الشرق الأوسط السعودية اليومية أن الرياض كانت أكبر مستثمر عربي في مصر، إذ تجاوزت التجارة بين البلدين 7.3 مليار دولار عام 2017. وتتعاون القاهرة والرياض عسكرياً كذلك، إذ تُسيِّران دوريات في الممرات البحرية الحيوية في البحر الأحمر واليمن. لكنَّ مصر لا تملك قوات برية في اليمن.
ولي العهد يريد الحصول على دعم جيوسياسي
قال ثيودور كاراسيك، محلل الشأن الخليجي في واشنطن لموقع Voice Of America، إن زيارة وليّ العهد محمد بن سلمان تهدف إلى حصول الرياض على دعم جيوسياسي في صراعاتها الإقليمية، بما في ذلك الحصار الاقتصادي على إيران.
وأضاف: "تتعلَّق زيارة تونس فعلياً بإيران وضمان أن تونس ستقف إلى جانب الرياض فيما يخص مواجهة إيران".
هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت، قال إن زيارة وليّ العهد السعودي للمنطقة كانت تهدف إلى إخبار جمهوره المحلي بأنَّه تلقَّى ترحيباً قوياً من حلفاء المملكة من العرب.
وقال خشان: "ستركز وسائل الإعلام السعودية على الاستقبال الرسمي. وبالنسبة لوليّ العهد السعودي، فإنه سيكون راضياً بما فيه الكفاية عن نتيجة الزيارة؛ إذ إن المجتمع المدني لا يُقام له وزنٌ في المنطقة العربية. وهو لا يتوقَّع حقاً استقبالاً حاراً من الشعب، فهو يركز على النخبة الحاكمة التي يشاطرها نفس القيم السياسية".
خشان أشار إلى أنه يعتقد أنه من المُرجَّح أن يتجاوز وليّ العهد العاصفة السياسية التي أعقبت مقتل خاشقجي، وأن القضية تفقد أهميتها في الإعلام العربي تدريجياً. وأضاف أن العديد من المفكرين توقعوا سقوط الرئيس السوري بشار الأسد بعد اندلاع الصراع في عام 2011، لكن الرئيس السوري استمر ونجا من العاصفة.
ترامب مازال يدعم ولي العهد السعودي
وفي حين أن مصر، التي تلقت مليارات الدولارات من المساعدات السعودية، وتونس التي تمر بضائقةٍ مالية واستفادت أيضاً من سخاء الرياض، قد تشعران بأنه من الضروري استرضاء وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، فإنَّ القادة الغربيين كانوا أكثر تردُّداً بشأنه.
وقال أحد المُحلِّلين المقيمين في تونس العاصمة، يعمل في مجال البحوث الحساسة، وطلب عدم ذكر اسمه: "هدف هذه جولة هو المساعدة في تحسين سمعة الأمير محمد بن سلمان وإظهار أنه لا يزال يتمتَّع بنفوذٍ وسلطة في المنطقة ككل. إن تونس في وضعٍ اقتصادي صعب ولا تملك رفاهية الرفض".
وأفادت وسائل الإعلام المحلية، يوم الثلاثاء، بأن السعودية تدرس تقديم مليارَي دولار، ونفط وأسلحة بأسعارٍ مُخفَّضة إلى تونس مقابل هذه الزيارة.