مليارديرات يحاولون صنع صواريخ ملائمة لسفر مئات البشر، وآخرون يخطِّطون للاستيطان في الكواكب الأخرى، ولكن ما فائدة السفر إلى الفضاء وإنفاق كل هذه المليارات، وهل اقترب البشر حقاً من الوصول للمريخ؟
أكثر من نصف قرن مرَّت منذ سافر البشر إلى الفضاء لأول مرة، ويبدو أنه لم يخط خطوات كثيرة منذ ذلك الوقت باستثناء الوصول إلى القمر، ولكن الواقع أن صناعة الفضاء لم تكن أمر عبثياً، بل انعكست إيجابياً على سكان الأرض وغيَّرت حياتهم كثيراً.
واليوم يسعى البعض إلى جعل السفر للفضاء أمراً ممكناً للناس العاديين، بل إن البعض يرى ضرورة استيطان الكواكب الأخرى.
تقرير لصحفية The Guardian البريطانية عرض التطورات التي شهدها مجال الفضاء منذ انطلاقه، مجيباً عن السؤال الذي يستفز الكثيرين، وهو ما فائدة السفر إلى الفضاء وإنفاق كل هذه الأموال؟
والأهم، يكشف التقرير أنه بعيداً عن الأخبار المثيرة فإن القمر أكثر من المريخ يبدو الهدف المفضل لكثير من الوكالات المتخصصة في علوم الفضاء.
كم عدد الذين سافروا إلى الفضاء بعد كل هذه الضجة والمليارات التي أُنفقت؟
كان رائد الفضاء السوفيتي يوري غاغارين أول إنسان يدور حول كوكب الأرض.
وكان ذلك في 12 أبريل/نيسان 1961، أي منذ أكثر من نصف قرن.
وبالرغم من أنَّ أكثر من 550 شخصاً سافروا إلى هذا الفضاء الشاسع المظلم.
وعُشر هذا العدد فقط كان من النساء، جزئياً بسبب سياسات التمييز الجنسي التي تنتهجها وكالة ناسا ووكالة الفضاء الروسية روسكوزموس، حسب الصحيفة البريطانية.
لا يتفق الجميع حول المسافة التي يجب أن تسافرها لتصبح في الفضاء فعلياً.
ومن ثمَّ لا يوجد معيار مقبول دولياً حول هذه المسافة.
ما أبعد مسافة قطعها البشر في الفضاء؟
كان للاتحاد السوفيتي موقع الريادة من خلال خوضه أولى الرحلات الفضائية.
لكن مع إعلان الرئيس الأميركي جون كينيدي بأنَّ الولايات المتحدة سوف تجعل الإنسان يهبط على سطح القمر مع نهاية الستينات، انصبّ تركيز سباق الفضاء على ذلك الهدف مباشرةً.
وفي 20 يوليو/تموز عام 1969، هبطت البعثة أبوللو 11 على سطح أقرب الأجرام السماوية إلى كوكبنا، القمر بهيئته الترابية الرمادية.
وبلغ إجمالي عدد الرجال الذين ساروا على سطح القمر خلال السنوات القليلة التالية 12 رجلاً، وجميعهم كانوا أميركيين، وهي أبعد مسافة قطعها البشر في الفضاء.
ومنذ عام 1972، لم يعد أي شخصٍ إلى هناك. وفي واقع الأمر، لم يغادر أي شخص محيط الأرض منذ ذلك الحين.
نتخيل رواد الفضاء بينما تطفو أجسادهم في الفضاء الخالي، أو يقفزون في الفوهات القمرية.
غير أنَّ أغلبية هؤلاء الأشخاص الذين سافروا إلى الفضاء لم يذهبوا بعيداً كما نظن.
فقد دار أغلبهم في المدار الأرضي المنخفض على ارتفاع حوالي من 99 ميلاً إلى بضع مئاتٍ من الأميال من سطح الأرض.
وذلك هو المجال الذي يوجد به العدد الكبير من الأقمار الصناعية المستخدمة في الملاحة والاتصالات، التي تسير في الفضاء بسرعةٍ تصل إلى آلاف الأميال في الساعة، من أجل الحصول على التوازن المطلوب لتجنب العودة إلى الأرض.
هناك دوماً بشر عالقون في الفضاء.. فما الذي يفعلونه كل هذا الوقت؟
بالرغم من أنَّ البشر لم يعودا إلى الفضاء السحيق بعد توقف الرحلات إلى القمر، فقد بدأوا في العيش والعمل خارج الغلاف الجوي.
إذ يجرون في الغالب تجارب على أنفسهم، لتحديد آثار انعدام الوزن أو الجاذبية الصغرى على جسم الإنسان.
مع قدوم عام 1986، أطلق الاتحاد السوفيتي محطة مير الفضائية. وعندما سقطت في نهاية المطاف إلى الأرض (ولحسن الحظ أنَّها لم تكن مأهولةً آنذاك) واحترقت تماماً، انطلقت محطتنا الفضائية الحالية، وهي محطة الفضاء الدولية.
ومنذ عام 2000، داوم البشر على العيش في الفضاء. ويوجد ثلاثة منهم في اللحظة الحالية، يدورون حول الأرض مرة كل 90 دقيقة.
الأخ التوأم الذي كشف الكثير للعلماء.. ما الذي يحدث لجسم الإنسان في الفضاء؟
يحدث الكثير من الأشياء للجسم البشري في الفضاء .
ولن يكون البشر قادرين على إرسال رواد العصر الحالي إلى نقاط أبعد مما وصلوا إليه حتى الآن، إلى أن يأتي اليوم الذي نستوعب فيه مدى تأثير انعدام الوزن على أجسام البشر استيعاباً ملائماً،
أي من الصعب الوصول إلى كوكب مثل المريخ أو الكويكبات السابحة في الفضاء، قبل دراسة تأثيرات ذلك جيداً.
وقضى سكوت كيلي، وهو رائد فضاء في وكالة ناسا منذ وقتٍ طويل وطيار مقاتل سابق بالجيش الأميركي، عاماً يقفز بين الكبسولات الضيقة لمحطة الفضاء الدولية، في محاولةٍ لاستيعاب الآثار طويلة المدى للرحلات الفضائية.
لا يحمل كيلي الرقم القياسي لأطول مدة في الفضاء، إذ إنَّ هذا الرقم مسجلٌ باسم الروسي غينادي بادالكا، الذي قضى عامين ونصف العام من عمره في الفضاء مع بعثاتٍ عديدة.
لكنَّ تجربة كيلي كانت لها أفضلية طبيعية ميَّزته عن تجارب الآخرين: لديه أخ توأم.
من خلال مقارنة جسد التوأمين، استطاع العلماء تقييم مدى تدهور حالة العظام والعضلات وأجزاء الجسم الأخرى في الفضاء.
والمقارنة بين جسديهما قدمت أخباراً جيدة للغاية لرواد الفضاء
وتحتوي محطة الفضاء الدولية على صالة ألعاب رياضية، حيث يمكن لرواد الفضاء الحفاظ على عضلاتهم من الضمور رويداً رويداً، نظراً إلى أنَّهم لم يعودوا في حاجة إلى العضلات لدعم حركاتهم في ظل انعدام الوزن هناك.
لكنَّهم يحتاجون إلى ارتداء حزام كي لا تطفو أجسادهم فوق جهاز المشي.
ووجدوا كذلك مشكلةً كبيرة يتعرض لها الجسم، وهي المشكلات التي تتعرض لها العين.
لكنَّ كيلي وجد أنَّ جسده استعاد عافيته بسرعة عند عودته.
وبدا سكوت كيلي وتوأمه مارك كيلي في هيئةٍ مماثلة، وهي أخبار سارة من أجل بعثات الفضاء السحيق المستقبلية.
ولكن أي البلاد لديها برامج فضاء بشرية؟
ثلاثة بلدان فقط هي التي لديها برامج فضاء يشترك فيها البشر، وهي الصين وروسيا والولايات المتحدة.
والسبب في هذا أنَّ هذه البرامج لا تزال باهظة بصورة تحول دون التوسع فيها.
وبالرغم من هذا، وفَّرت هذه البلدان رحلاتٍ للمسافرين إلى الفضاء من 40 بلداً، بمن فيهم أعضاء من العائلة الملكية السعودية، وحتى الراغبون في دفع المال مقابل السفر إلى الفضاء، مثل المليونير الجنوب إفريقي مارك شاتلوورث، وكان يبلغ من العمر حينها 28 عاماً فقط.
ما هي كلفة إرسال البشر إلى الفضاء؟
يتكلف الأمر أرقاماً فلكية، تعتبر محطة الفضاء الدولية أغلى آلة صُنعت على الإطلاق، إذ وصلت تكاليف تصنيعها إلى حوالي 150 مليار دولار.
وانطلق برنامج مكوك الفضاء الذي أدارته وكالة ناسا في بدايات السبعينات من خلال التعهد بتوفير رحلاتٍ آمنة إلى الفضاء وبأسعار معقولة.
وكانت آمال البرنامج ألا تتجاوز تكلفة الرحلة الواحدة عشرات الملايين من الدولارات، لكنَّ المكوك الفضائي خرج من الخدمة في عام 2011.
ومنذ ذلك الحين تقدر الوكالة الكلفة الإجمالية له بـ209 مليارات دولار، أي ما يقرب من 1.6 مليار دولار للرحلة الواحدة.
وبعد المعركة الكبيرة حول المكوك، الذي بدا رائعاً لكنَّ تكلفته كانت باهظة وقصر رحلات الفضاء على السفر إلى مدار الأرض فقط، تنحَّت الولايات المتحدة جانباً فيما يتعلق برحلات الفضاء.
لذا فإنَّ أغلب رواد الفضاء ترسلهم الآن وكالة الفضاء الروسية، التي تبيع الرحلة للدوران حول الأرض على مركبتها الفضائية سويوز مقابل مبلغ يتراوح بين 21 مليوناً و82 مليون دولار.
ما فائدة السفر إلى الفضاء وهل يستحق كل هذه التكلفة؟
ما فائدة السفر إلى الفضاء وإنفاق كل هذه الأموال الطائلة التي كانت يمكن أن تكون أكثر فائدة على الأرض.
سوف يسخر أي شخص في صناعة السفر إلى الفضاء من هذا السؤال، لكنَّه سؤال جيد، خاصة أن وكالات الفضاء لا تنقل عادةً ما يكفي من المعلومات حول إنجازاتها.
لكن تقريباً كل مجالات التقدم البشري استفادت من إرسال البشر إلى الفضاء.
إذ إنَّ مجرد المحاولات المبذولة لتحقيق هذا الإنجاز أجبرت العلماء على ابتكار أنظمة جديدة.
فكان حاسوب التوجيه في بعثة أبولو هو الجيل السابق للحواسيب الصغيرة الموجودة الآن في الهواتف الذكية.
وصارت الملابس أكثر مقاومة للنار بسبب الأبحاث المتعلقة بالحرائق في الفضاء.
فضلاً عن أنَّ مراقبة صحة رواد الفضاء عن بُعد أدت إلى ثورة في أنظمة مساعدة المرضى على الأرض.
إذ يختلف سلوك المرض وتطوره في ظل ظروف الجاذبية الصغرى، وهو ما يساعد العلماء في التوصل إلى العلاج.
ولكن ما الفائدة من سفر الهواة إلى الفضاء؟
عرفنا فوائد استكشاف الفضاء، ولكن ما فائدة السفر إلى الفضاء بالنسبة للهواة.
يقول البعض إنَّ دفع الأموال مقابل الرحلات الفضائية المأهولة يضخ الأموال إلى الاقتصاد.
ويجادلون بأنَّ انفصال الشركات عن مراكز البحوث الفضائية ونمو سوق تجاري في صناعة الفضاء يدرّ أموالاً تتراوح بين 7 أضعاف إلى 14 ضعف تكاليف البعثات.
ووكالة ناسا، التي تُعتبر الطرف الأكثر تأثيراً عالمياً في هذا المجال، لم تعد تنفق نفس القدر الذي اعتادت إنفاقه من قبل.
إذ تُنفق الحكومة الأميركية حوالي 19 مليار دولار على الوكالة من موازنتها، وهو ما يساوي تقريباً 0.5% من إجمالي النفقات الفيدرالية.
وفي بواكير انطلاق برنامج أبولو، بلغت هذه النسبة من 4% إلى 5% من الموازنة.
الفضاء من الصراع الدولي إلى التعاون الذي يستثني دولة واحدة
شكَّل أول سباق فضائي جزءاً من التباهي وعرض القوى السائد في مرحلة الحرب الباردة.
لكنَّ استكشاف البشر للفضاء يشهد منذ ذلك الحين تعاون البلاد بدلاً من تنافسها.
إذ إنَّ محطة الفضاء الدولية هي عبارة عن تضافر جهود بين خمس وكالات فضاء (ناسا الأميركية، وروسكوزموس الروسية، وجاكسا اليابانية، ووكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة الفضاء الكندية)، وجرى تجميعها على مدى 13 عاماً بدءاً من عام 1998، لتُضاف إليها رويداً رويداً الكبسولات الفضائية مثل لعبة الليغو.
وتشكل الصين استثناءً كبيراً في ذلك، فقد مضت وحيدةً نحو طموحها الفضائي، ولم ترسل أي رائد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية.
فقد تبيَّن أن الصين تحاول التشويش على أقمار أميركية
وفي عام 2006، أشارت تقارير إلى أنَّ بكين اختبرت أنواعاً من أشعة الليزر ضد أقمار التصوير الأميركية، في محاولةٍ بدت أنَّها للتشويش على أقمار التصوير أو تدميرها.
ولاحقاً منع المشرعون الأميركيون التعاون بين ناسا ووكالة الفضاء الصينية.
غير أنَّ مستقبل أي رحلة فضائية مأهولة ناجحة من المؤكد أنَّها ستشهد تعاوناً وليس عداءً، حسب الصحيفة البريطانية.
ومنذ عام 2011، حاولت وكالات الفضاء في 14 بلداً جمع أحلامها والتنسيق بينها لتصبح رؤيةً واحدة.
وأوضحت الخطة الأحدث، التي نُشرت في شهر يناير/كانون الثاني 2018، أنَّ هذه البلاد اتفقت على "مد نطاق الحضور البشري في النظام الشمسي، مع اعتبار الوصول إلى سطح كوكب المريخ هدفاً مشتركاً محركاً (لهذه الجهود)".
وهل يعني هذا التعاون أن الرحلة للمريخ قد اقتربت؟
لا تبدأوا العد التنازلي بعد من أجل الذهاب إلى المريخ.
إذ يشعر أغلب الأشخاص في مجتمع الرحلات الفضائية المأهولة أنَّنا نحتاج أولاً أن نعود إلى القمر.
ويقول إيان كروفورد، أستاذ علوم الكواكب وبيولوجيا الفضاء في كلية بيركبيك بجامعة لندن: "إنَّها الخطوة المنطقية الوحيدة".
ويردف قائلاً: "إنَّني أؤيد تماماً إرسال الناس إلى المريخ. لكنِّي أعتقد أنَّ التكنولوجيا والكفاءة والخبرة المطلوبة لا تزال بعيدة المنال".
ولهذه الأسباب فإن الإنسان قد يعود إلى القمر مجدداً
السفر إلى القمر له مميزات عديدة.
إذ إنَّه يستغرق ثلاثة أيام فقط، بدلاً من استغراق أشهر عديدة في رحلة إلى المريخ ذهاباً وإياباً.
ولكن هناك نقطة أهم.
فقد وُصف القمر بأنَّه يشكل موقعاً مناسباً لمحطة أبحاث تشبه نظيرتها الموجودة في القارة القطبية الجنوبية.
ويمكن للعلماء داخل مختبرهم السماوي المفترض إقامته على القمر، دراسة تأثير التعرض للإشعاع وشبه انعدام الجاذبية على جسم الإنسان على مسافة أقرب من الأرض، وإن كانت لا تزال جزءاً من الفضاء السحيق، وفي الوقت ذاته يتأهبون لخوض رحلاتٍ إلى نقاط أبعد في الفضاء.
إذاً هل سنذهب إلى القمر؟
حسناً، الأمر ليس كذلك تماماً.
يشير تقرير خارطة الطريق العالمية للاستكشاف إلى بناء محطة أولاً لتكون قاعدة مدارية يجري من خلالها إرسال رواد الفضاء ذهاباً وإياباً إلى القمر.
سوف تشبه هذه القاعدة محطة الفضاء الدولية، فيما عداً أنها بدلاً من الدوران بسرعة حول الأرض سوف تدور هذه القاعدة حول القمر.
ولكن متى نحقق الهدف الأكبر.. الوصول إلى المريخ
يبدو هذا إنجازاً ضخماً، ولكن من الحكمة أن نتوقع تأخيراتٍ شديدة.
ويقول هنري هيرتزفيلد، مدير معهد سياسات الفضاء بجامعة جورج واشنطن الأميركية، ومحلل السياسات السابق بوكالة ناسا: "المكان الذي نذهب إليه في الفضاء يُتخذ قرارٌ بشأنه من خلال توليفة تجمع بين ما يرغب البشر في القيام به والحقائق المتعلقة بالوقت والموازنات المتاحة.
إذ إنَّ فكرة إرسال البشر إلى المريخ كانت مطروحةً منذ فترةٍ طويلة.
وإذا كنتم تقرأون السياسات، فستجدون أنَّها بكل وضوح رؤية طويلة المدى من دون موعد محدد.
لكنَّنا على الأرجح نفتقر إلى التكنولوجيا اللازمة لإبقاء البشر لمدة طويلة في الفضاء السحيق".
ومن هم المنافسون الجدد لأميركا وروسيا في مجال الرحلات الفضائية المأهولة؟
أفسحت الولايات المتحدة وروسيا الطريق لأطرافٍ جديدة.
ففي عام 2003، صارت الصين ثالث دولة ترسل شخصاً إلى المدار، وتخطط الهند أن تتبع خطى الدول الثلاث في 2022.
لكنَّ التأثير الذي سيغير هذا المجال يأتي بلا شك من الشركات الخاصة العاملة في صناعة الفضاء.
في السباق الذي أُطلق عليه "سباق غزو الفضاء بين المليارديرات"، يرغب كلٌّ من إيلون ماسك، مؤسس شركة Tesla للسيارات الكهربائية، وجيف بيزوس، مؤسس موقع Amazon، وريتشارد برانسون، مؤسس مجموعة Virgin، أن يرسلوا المواطنين العاديين إلى الفضاء.
ومن المقرر لشركاتهم SpaceX وBlue Origin، وVirgin Galactic أن تجعل البشر يسافرون إلى الفضاء بأسعارٍ أرخص.
وهناك من أرسل رحلات مأهولة للفضاء بالفعل
وينضم هؤلاء إلى عددٍ من شركات الرحلات الفضائية التجارية التي تعمل بالفعل، باعتبارها متعهدةً لصالح وكالات الفضاء المحلية.
إذ تُرسل عملاقتا الصناعات الجوية الفضائية Boeing وLockheed Martin صواريخ ثقيلة إلى الفضاء، لكنَّ ذلك يكلف ما لا يقل عن 350 مليون دولار في كل عملية إطلاق، وهو حوالي أربعة أضعاف تكلفة إطلاق صاروخ Falcon Heavy الذي أطلقته شركة SpaceX.
وتحظى شركة SpaceX بعقود فعلية لعمليات إطلاق تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار.
والشركة توفر التكاليف من خلال مركبات الفضاء التي يُعاد استخدامها، حيث تتمكن مركبات إطلاق الصواريخ من الهبوط إلى الأرض، ويمكن إعدادها مرةً أخرى لإعادة استخدامها.
وفي حين يبدو من المرجح جداً أنَّ محطة الفضاء الدولية سوف يتوقف تمويلها في العقد القادم، فإنَّ العديد من المشروعات الخاصة تضع في عين الاعتبار إما الاستحواذ عليها أو إعادة بناء محطات الفضاء الخاصة بها.
وآخرون يعدون العدة لاستعمار المريخ
فيما تضع وكالات الفضاء الحكومية القمر في أعلى قائمة أولوياتها، تنظر شركات أخرى مباشرةً إلى المريخ.
فقد قال إيلون ماسك مؤسس Tesla إنَّ هدفه في الحياة بناء مستعمرة قائمة بذاتها على كوكب المريخ، لتكون برنامجاً وقائياً للبشر في حال وقوع أي حدث كارثي على الأرض، مثل وقوع حرب نووية أو انقلاب الذكاء الصناعي على نمط فيلم The Terminator.
من أجل هذا، تطور شركة SpaceX الصاروخ "بيغ فالكون"، الذي يزعم ماسك أنَّه قد يرسل رحلات مأهولة إلى الكوكب الأحمر بحلول منتصف عام 2020.
ويقول ماسك إنَّ الصاروخ استوحي جزئياً من صاروخ مسلسل تان تان الشهير، وسوف يكون أكبر صاروخ صُنع على الإطلاق، وسيضم ما يقرب من 40 طابقاً ليستطيع حمل ما يصل إلى 100 راكب في الرحلة الواحدة، استناداً إلى كمية الحقائب التي يرغبون في اصطحابها معهم.
فضلاً عن الأعمال التجارية المتعلقة بإطلاق الأقمار الصناعية، تجمع SpaceX أموالاً من خلال بيع تذاكر على صاروخ "بيغ فالكون" لخوض رحلةٍ حول القمر، وهي رحلة قد يعتبرها البعض ممتعةً.
من هؤلاء يوساكو مايزاوا، وهو جامع تحف فنية ورجل أعمال ملياردير يعمل في مجال الأزياء، ويمول بعثةً مثل هذه.
ومن المقرر انطلاق هذه الرحلة في 2023، ويقول مايزاوا إنَّه سيدعو الفنانين للسفر معه في الرحلة التي تستغرق أسبوعاً من أجل إشراك الجمهور في التعرف على عجائب كوننا.