أوقفت القوات الموالية للحكومة اليمنية، الأربعاء 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، هجومها على مدينة الحديدة (غرب)، في حين أعربت دولة الإمارات، الشريك الرئيسي بالتحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، عن تأييدها محادثات سلام بالسويد في أقرب فرصة ممكنة.
وأكد 3 قادة ميدانيين في القوات الموالية للحكومة، أنهم تلقوا أوامر من رؤسائهم تفيد بوقف إطلاق النار، ووقف "أي تصعيد عسكري" و"أي تقدُّم" في المدينة التي تضم ميناء يشكّل شريان حياة لملايين السكان.
وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، على "تويتر": "نرحّب بمحادثات تقودها الأمم المتحدة بالسويد في أقرب وقت ممكن"، مضيفاً أن التحالف يدعو للاستفادة من هذه "الفرصة" لإعادة إطلاق المسار السياسي.
تراجُع حدة المعارك
وبعد أسبوعين من الاشتباكات العنيفة، التي قُتل فيها نحو 600 شخص غالبيتهم من المتمردين، تراجعت حدة المعارك في المدينة الساحلية مساء الإثنين 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، قبل أن تتحوّل إلى اشتباكاتٍ متقطعةٍ الثلاثاء 13 نوفمبر/تشرين الثاني وتتوقف الأربعاء 14 نوفمبر/تشرني الثاني، في وقت كان المتمردون الحوثيون يضعون عبوات وألغاماً في محيط ميناء المدينة الواقع بشمالها.
وتخضع مدينة الحديدة لسيطرة الحوثيين منذ 2014، وتحاول القوات الحكومية، بدعم من التحالف العسكري، استعادتها منذ يونيو/حزيران 2018. واشتدّت المواجهات في بداية الشهر الحالي (نوفمبر/تشرني الثاني 2018).
وتقود الإمارات القوات الحكومية في معاركها مع المتمردين الحوثيين بالمدينة. وكانت جمعت في بداية العام (2018) 3 قوى عسكرية غير متجانسة، ودرّبتها لشن الهجوم على ساحل البحر الأحمر باتجاه ميناء الحديدة.
وكتب قرقاش: "الحديدة هادئة والميناء يعمل"، مشيراً إلى أن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، سيزور أبوظبي هذا الأسبوع.
"الوضع هادئ"
وعلى الأرض في الحديدة، قالت مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية بالمدينة: "الوضع هادئ اليوم. لم تكن هناك اشتباكات خلال الليل على ما يبدو، ولا هذا الصباح، لكن أصوات الطائرات يمكن سماعها باستمرار".
ولليوم الثاني، لم يعلن المتمردون الحوثيون على وسائل الإعلام المتحدثة باسمهم عن أي تطورات ميدانية جديدة في مدينة الحديدة.
وشاهد مُصوِّر وكالة الصحافة الفرنسية شاحنات وحافلات وسيارات محترقة وإطارات في وسط الشوارع عند المدخل الشرقي للمدينة، حيث دارت معارك عنيفة في نهاية الأسبوع الماضي.
وكان مسؤول في القوات الموالية للحكومة قال قبل الإعلان عن توقف الهجوم، إن "العمليات الهجومية توقّفت مؤقتاً، لإتاحة الفرصة للمنظمات الإنسانية لإجلاء كوادرها، ونقل بعض الجرحى، وفتح ممرات آمنة لمن يرغب من السكان في النزوح إلى خارج المدينة".
وقد شدّد مسؤول عسكري آخر في القوات الحكومية على أنّ الهجوم على المدينة لن يتوقف تماماً، "إلا بتحرير الحديدة والساحل الغربي بالكامل"، مضيفاً: "سيشهد الجميع مفاجآت عسكرية خلال الأيام المقبلة".
وكان متحدّث باسم الحوثيين قال في مؤتمر صحافي بصنعاء، الثلاثاء 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، إنه إذا حاولت القوات الموالية للحكومة التقدم نحو وسط الحديدة، "فنحن جاهزون وحاضرون، ولدينا خطط معدّة"، مضيفاً: "نحن جاهزون لحرب مدن".
وهدأت المعارك، في ظل جهود دبلوماسية تقودها لندن وواشنطن والأمم المتحدة لعقد محادثات سلام، قد تستضيفها السويد بالأسابيع المقبلة، في مسعى لإنهاء النزاع. وبدأت هذه الجهود على وقع اشتداد المعارك نهايةَ الأسبوع الماضي، وتحوّلها إلى حرب شوارع في حي سكني بشرق المدينة.
ألغام في محيط الميناء
ويخشى سكان في الحديدة من قيام القوات الموالية للحكومة بفرض حصار على المدينة في حال تمكّنت من إغلاق طريق رئيس بشمالها، صار منذ أسابيع، الطريق البري الوحيد الذي يربط المدينة بالمناطق الأخرى.
وتمر عبر ميناء الحديدة غالبية المساعدات والمواد الغذائية التي يعتمد عليها ملايين السكان، في بلد يواجه نحو 14 مليوناً من سكانه خطر المجاعة، وفقاً للأمم المتحدة.
وقال 3 موظفين في الميناء إن الحوثيين وضعوا مساء الثلاثاء 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، ألغاماً قرب مدخلين للميناء الواقع بشمال المدينة، وفي محاذاة سياج يحيط به.
وذكر أحد الموظفين أنه "لم يتبقَّ سوى بوابة دخول وحيدة إلى الميناء، وهي الرئيسية المؤدّية إلى شارع الميناء (عند الخط الساحلي الرئيسي) والتي تدخل منها الشاحنات".
والإثنين 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، قُصف مبنى صغير عند أحد مداخل الميناء، حسبما أفادت مصادر متطابقة. وكان ذلك أول قصف استهدف هذا الميناء الاستراتيجي منذ اشتداد حملة القوات الموالية للحكومة على المدينة في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
وأكد نائب مدير الميناء، يحيى شرف الدين، في اتصال هاتفي مع "فرانس برس"، أن "الأمور تسير بشكل طبيعي في الميناء" رغم الضربة.
وبدأت حرب اليمن في 2014، بين الحوثيين والقوات الموالية للحكومة، ثم تصاعدت مع تدخُّل السعودية على رأس تحالف عسكري، في مارس/آذار 2015، دعماً للحكومة المعترف بها دولياً، بعد سيطرة المتمردين على مناطق واسعة، بينها صنعاء.
وقُتل نحو 10 آلاف شخص في النزاع اليمني منذ بدء عمليات التحالف.
وتحذّر الأمم المتحدة من تبعات توقف ميناء مدينة الحديدة عن العمل. وقال المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي، في مقابلة مع شبكة "بي بي سي"، إن "الظروف (…) سيئة جداً جداً".
وتابع أن "18 إلى 19 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي".
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، قُتل 34 مدنياً وأصيب 58 آخرون بجروح، في الأسبوع الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بمحافظة الحديدة.