أكدت تقارير صحفية أن طائرة إسرائيلية هبطت في العاصمة الباكستانية إسلام آباد تزامنا مع الزيارة المفاجئة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى عُمان. وجاء هذا الخبر بعد أسبوع من نفي الحكومة الباكستانية هبوط طائرة إسرائيلية في إسلام أباد.
ونقل موقع Middle East Eye البريطاني عن طيار، فضل عدم الكشف عن هويته، أن طائرة خاصة من نوع BizJet كانت تحلّق بجوار طائرته يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول قبل أن تهبط في قاعدة نور خان الجوية، وهي قاعدةٌ عسكرية في مدينة روالبندي الباكستانية. وأكد ثلاثة موظفين من طاقم عمل القاعدة الجوية رواية الطيار. وقال أحدهم إنَّه شاهد سيارة تقل وفداً بالقرب من سلالم الطائرة وعادت بعدها بعدة ساعات.
ومع ذلك، ثمة غموضٌ كبير في هذا الصدد. فما الذي كانت تفعله هذه الطائرة في باكستان، التي ليس لديها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل؟ ومن كان على متنها؟
هل زار نتنياهو باكستان قبل عُمان؟
بدأ الجدل حول الموضوع في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عندما نشر آفي شارف، وهو محرر في النسخة الإنجليزية من صحيفة هآرتس الإسرائيلية، تغريدةً تحتوي على تفاصيل خريطة رحلة جوية، تُظهر أن طائرةً خاصة طارت من تل أبيب إلى إسلام آباد.
Israeli 🇮🇱 bizjet flew from TLV to Islamabad, #Pakistan 🇵🇰, on the ground 10 hours, and back to TLV.
Cleared flight-plan with usual 5min groundtime trick in Amman
M-ULTI glex pic.twitter.com/haHn1NU73L— avi scharf (@avischarf) October 25, 2018
تغريدة شارف أثار جدلا لدى مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في إسرائيل وباكستان، إذ اعتبر بعضهم أنّ نتنياهو ربما وصل إلى إسلام آباد قبل زيارته المفاجئة إلى عُمان. وتساءلKunwar Khuldune Shahid مراسل صحيفة هآريتس في باكستان "هل قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة سرية لإسلام آباد؟… لا عمان ولا باكستان لديهما علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. ومع ذلك ، حتى عندما تطالب مسقط الآن بالاعتراف الرسمي بدولة إسرائيل ، فمن غير المرجح أن تحذو إسلام أباد حذوها"، كما عبّر shahid في مقاله بالصحيفة الإسرائيلية.
الحكومة الباكستانية اعتبرتها دعاية مُغرضة
لكن الحكومة الباكستانية سارعت لنفي هذه التقارير؛ وأنكرت هيئة الطيران المدني الباكستاني CAA أنَّ طائرةً إسرائيلية هبطت في العاصمة، وفي مؤتمرٍ عمالي، وصف وزير الإعلام الباكستاني فؤاد شودري تغريدات شارف بالدعاية. "لم تكن هناك طائرةٌ إسرائيلية. كان هناك فقط طائرةٌ إماراتية. الطائرة المشار إليها هي طائرتهم (الإماراتيون)". ويبدو أنّ شودري كان يشير إلى وفد إماراتي زار إسلام آباد في 26 أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد يومٍ من تغريدة شارف.
وقال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي للبرلمان الباكستاني الأسبوع الماضي: "أُنكر، بشكلٍ قاطع، أنَّ طائرةً إسرائيلية هبطت في باكستان".
لكن مسؤول سابق دعاها لعدم التستر على الأمر
لكن وزير الداخلية الباكستاني السابق إحسان إقبال شكك برواية الحكومة، إذ كتب على موقع تويتر: "يجب أن تُصحح الحكومة الموقف فوراً". ورد شودري عليه قائلاً: "هذه قصة ملفقة. لا تقلق. باكستان في أيدٍ أمينة".
حکومت حقیقی صورتحال فوری طور پہ واضح کرے https://t.co/8dFKV9sWBt
— Ahsan Iqbal (@betterpakistan) October 27, 2018
وقال إقبال لموقع Middle East Eye: "طلبت ببساطةٍ توضيح سلسلةٍ من الأحداث. آمل ألا يعني هذا أن ثمة شيء يتم التستر عليه. تدفع الأحداث إلى التساؤل عما إذا كانوا يخفون شيئاً ما.. بما أنه ليس لدينا وسائل مستقلة للتحقق من هذه الأنباء، أعتقد أنه يجب قبول رواية الحكومة كما هي". فيما رفض شودري التعليق على رواية موظفي قاعدة نور خان الجوية، وأَضاف "موقفنا كما هو. لم تكن هناك طائرةٌ إسرائيلية".
والطائرة الإسرائيلية في إسلام أباد لم تكن إسرائيلية لكنها قادمة من تل أبيب
محللون تساءلوا ما إذا كانت السُلطات الباكستانية تُصرح بحقائق تقنية في محاولةٍ للتغطية على الحقيقة الأكبر.
فوفقاً لبيانات موقع Flightradar24، وهو موقع متخصص في تعقب حركة الملاحة الجوية، أقلعت الطائرة الخاصة من تل أبيب يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول في الساعة 20:00 حسب التوقيت العالمي الموحد، لتهبط في عُمان في 24 أكتوبر/تشرين الأول.
وتوقع شارف بأن الرحلة اتخذت هذا المسار حتى تحصل على إشارة استقبال جديدة، ما يُصعب من مهمة تعقب مسارها. ومن عُمان، عادت الطائرة للظهور على الرادار في إسلام آباد بعدها بعشر ساعات. ثم عادت إلى تل أبيب يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول في الساعة 00:42 حسب التوقيت العالمي الموحد.
إيان بيتينيك من موقع Flightradar24 قال إن الطائرة أقلعت من تل أبيب وعادت إليها عبر عُمان وجرى تعقب مسارها وهي تحلق شرقاً وغرباً فوق باكستان في توقيتين مختلفين.
سًجلت الطائرة في جزيرة مان العام الماضي بإسم شركة Multibird Overseas LTD، لكن لا تزال الملكية النهائية للطائرة مجهولة. لذا عندما يقول مسؤولون حكوميون إن طائرة إسرائيلية لم تهبط في إسلام آباد، فهم صادقون من الناحية الفنية: إذ أن طائرة جزيرة مان هي التي أقلعت من تل أبيب وتوقفت في عُمان وحطت في مدينة روالبندي. لكن لماذا قصدت الطائرة باكستان؟
قد تكون مقدمة لعلاقات كبيرة بين البلدين
هبوط الطائرة الإسرائيلية في إسلام أباد يأتي في إطار سلسلةٍ من الزيارات الإسرائيلية الأخرى المفاجئة خلال الأسابيع الأخيرة. فإلى جانب زيارة نتنياهو إلى عُمان، زار وزراء إسرائيليون الإمارات الشهر الماضي، أكتوبر/تشرين الأول.
وقال دان شابيرو، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، لموقع Middle East Eye إنه يجب النظر إلى الرحلة الجوية الغامضة ضمن هذا السياق. "أوضحت إسرائيل مؤخراً أنها تسعى إلى توسيع دائرة علاقاتها مع الدول الإسلامية والعربية، بما فيها الدول التي لا تملك علاقات دبلوماسية رسمية معها".
فهي تأتي بعد تحسن العلاقات بين إسرائيل والحليف السعودي
ويرى شابيرو أن إسرائيل وباكستان لديهما بعض الملفات المشتركة، إذ اضطرت كلتاهما إلى إصلاح علاقتهما بالولايات المتحدة عدة مرات عبر السنوات الماضية، وتواجه الدولتان تحديات أمنية من المنظمات المُسلحة.
فـ"بعد أن أصبحت العلاقات الإسرائيلية-السعودية أكثر دفئاً. يمكن التأثير على باكستان. بعباراتٍ أقل حدةً، يمكن تشكيل علاقات بين الدولتين"، وفق تعبير شابيرو.
وتعد إسرائيل هدفا للكثير من الأنشطة الاحتجاجية في الشارع الباكستان، كما حدث عندما تظاهر الآلاف في عدة مدن باكستانية، الأربعاء 16 مايو/ أيار 2018، مندِّدين بالمجزرة الأخيرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق متظاهرين فلسطينيين في قطاع غزة. وخرجت المظاهرات، التي جاءت بدعوة من حزب الجماعة الإسلامية، في مدينة كراتشي (جنوب شرق) وبيشاور (شمال غرب) ولاهور (شمال شرق). وردَّد المتظاهرون في بيشاور شعارات، من بينها "القدس خط أحمر للمسلمين"، و"تسقط أميركا"، و"تسقط إسرائيل".
لكنها قد تصطدم بمعارضة الولايات المتحدة والهند
والمهمة لن تكون سهلة نظراً لعلاقات إسرائيل اللصيقة بالهند، الدولة المجاورة لباكستان التي تتسم علاقتها معها بالتوتر منذ وقتٍ طويل وخاضت ضدها ثلاث حروب منذ حصولهما على الاستقلال من بريطانيا عام 1947.
وتواجه باكستان أيضاً توترات متزايدة مع واشنطن بسبب دعمها لحركة طالبان في أفغانستان وعلاقتها اللصيقة بالصين في مواجهة الحروب التجارية بين واشنطن وبكين.
ففي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنّها ستُوقف المساعدات العسكرية الأميركية إلى باكستان.
في ذلك التوقيت، كتب ترمب تغريدةً: "منحت الولايات المتحدة باكستان، بحماقةٍ، أكثر من 33 مليار دولار في صورة مساعدات على مدار الـ 15 عاماً الماضية، ولم تمنحها باكستان شيئاً سوى الكذب والخداع".
The United States has foolishly given Pakistan more than 33 billion dollars in aid over the last 15 years, and they have given us nothing but lies & deceit, thinking of our leaders as fools. They give safe haven to the terrorists we hunt in Afghanistan, with little help. No more!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) January 1, 2018
ثم في سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت الولايات المتحدة أنّها ألغت المساعدات البالغ قيمتها 300 مليون دولار التي كانت قد أُوقفتها بالفعل.