في أجواء غاضبة، شيَّع أقباط المنيا في وسط مصر، صباح السبت 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، ضحاياهم الذين سقطوا في اعتداء مسلّح تبنّاه تنظيم الدولة الإسلامية داعش فيما طالب أسقف عام المنيا، الأنبا مكاريوس بـ "معاقبة الجناة".
وقُتل سبعة أقباط، الجمعة 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، في هجوم مسلّح استهدف حافلة تقلّ مسيحيّين كانوا عائدين من زيارة إلى دير الأنبا صموئيل في المنيا (قرابة 250 كيلومتراً جنوب القاهرة).
وتبنَّى تنظيم الدولة الإسلامية هذا الاعتداء الأوّل الذي يستهدف الأقباط، منذ نهاية ديسمبر/كانون الأول 2017.
وفي مايو/أيار 2017، تبنَّى تنظيم الدولة الإسلامية هجوماً على حافلة كانت تقلّ حجّاجاً أقباطاً على الطريق نفسه، الذي حصل عليه اعتداء الجمعة، إذ كانوا متّجهين إلى الدير نفسه.
وأسفر ذلك الاعتداء عن سقوط نحو 28 قتيلاً.
ومنذ فجر السبت 3 نوفمبر/تشرين الثاني، احتشد مئات من الأقباط الغاضبين داخل وحول كنيسة الأمير تادرس في مدينة المنيا، التي انتشر حولها رجال أمن ملثّمون، وأكثر من عشر سيارات إسعاف، لحضور جنازة الضحايا.
وبعد انتهاء الصلاة، أُخرجت ستّة جثامين في توابيت بيضاء وضعت عليها زهور بيضاء كذلك، وسط هتافات "بالروح، بالدم نفديك يا صليب".
وسيتمّ دفن الجثامين الستّة في مقابر الأقباط بإحدى ضواحي مدينة المنيا.
أما القتيل السابع، وهو مسيحي إنغليكاني، فتم تشييعه مساء الجمعة في قرية سودا، الواقعة أيضاً بمحافظة المنيا.
وعود بمعاقبة الجناة
وقال الأنبا مكاريوس في كلمة ألقاها بُعيد انتهاء القدّاس الجنائزي: "نحن لا ننسى وعود المسؤولين، بمن فيهم رئيس الجمهورية، بمعاقبة الجناة".
وكان الأنبا مكاريوس وُوجِه بصيحات احتجاج من الحضور الغاضبين، عندما قدَّم الشكر خلال الكلمة نفسها إلى مسؤولي الأمن.
أثناء صلاة الجنازة على جثامين شهداء حادث دير الأنبا صموئيل، وفي أثناء كلمة الأنبا مكاريوس إللي بيشكر فيها -مضطرًا غالبًا- قيادات المحافظة وقيادات الأمن والداخلية، غالبية الحضور صوتها علي وهي بتقول "لأ" واضحة وصريحة وبيشاوروا بإيدهم "لأ" رافضين شكر قيادات عجزت/فشلت/مهتمش إنها توقف حادث إرهابي بيتكرر للمرة التانية في خلال أقل من سنتين في نفس المكان بنفس الآلية.
Gepostet von Sarah Mohsen am Samstag, 3. November 2018
وقال الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا للمشيعين في كنيسة الأمير تادرس والدموع تنهمر على وجهه: "مزيج من اتجاهين من المشاعر يسيطران على وجدان الأقباط.. الفخر بالاستشهاد، والحزن على تكرار وقائع مؤلمة، والألم لكون الأقباط من أبناء الوطن وجزءاً من نسيجه المتلاحم".
ونعى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ضحايا الهجوم، مساء السبت، في تغريدة على "تويتر" قائلاً: "أنعى ببالغ الحزن الشهداء الذين سقطوا اليوم بأيادٍ غادرة تسعى للنيل من نسيج الوطن المتماسك… وأتمنّى الشفاء العاجل للمصابين، وأؤكّد عزمنا على مواصلة جهودنا لمكافحة الإرهاب الأسود وملاحقة الجناة".
ومساء السبت، خيَّمت أجواء من التوتّر أمام مستشفى المنيا العام، حيث بقي أهالي الضحايا المحتجون حتى الساعات الأولى من صباح السبت، ما حمَل قوات الأمن على الإبقاء على انتشارها في الشوارع المحيطة، خشية وقوع حوادث.
وجلست سيدة مسنّة على الأرض الترابية في فناء المستشفى قرب باب المشرحة، تنتظر خروج جثمان ابنها، وهي تبكي وتصيح "كان أحسن أولادي.. لن أراه ثانية"، قبل أن يتدافع الحاضرون لحمل نعش أحد الجثامين ووضعه داخل سيارة إسعاف لتتمّ الصلاة عليه في الكنيسة.
أصوات قبطية تفقد الأمل في عقاب أحد
وفيما كانت سيارة الإسعاف تنطلق، نظر إليها شاب قبطي هازّاً رأسه، وقال بنبرة ملؤها خيبة أمل "لا جديد، ولن يحدث جديد، سيتمّ دفنهم وسينتهي الأمر".
ويدعى هذا الشاب ميشال (23 عاماً)، وهو جار لأحد ضحايا الهجوم، وقد قال للوكالة الفرنسية "هل يفترض أن أحمل سلاحاً معي عند ذهابي للصلاة، أم أمكث في منزلي لأنّني قد أموت إذا قرّرت الذهاب إلى الكنيسة؟"، متسائلاً: "ماذا يريد هؤلاء الإرهابيون؟ أن نكره المسلمين؟!"
ونشر المتحدّث الرسمي باسم الكنيسة القبطية على صفحته الرسمية على فسبوك أسماء الضحايا الأقباط الستة وهم ينتمون كلّهم إلى أسرة واحدة، ومن بينهم ثلاثة أشقّاء وطفلة صغيرة.
وكان عام 2017 دامياً بالنسبة إلى الأقباط، الذين يُمثّلون نحو 10% من سكّان مصر، البالغ عددهم 100 مليون نسمة، وقد تعرَّضوا خلاله لاعتداءات أوقعت أكثر من مئة قتيل وعشرات الجرحى.
ورغم بدء حملة للجيش والشرطة ضد الجماعات المتشددة، في فبراير/شباط، فإن بعض المشيعين الأقباط ألقوا باللوم في تكرار تعرّضهم لهجمات على أخطاء قوات الأمن.
وشهدت البلاد في العامين السابقين 3 تفجيرات لافتة، أولها تفجير بكنيسة البطرسية، الملاصقة للكاتدرائية الرئيسية للمسيحيين الأرثوذكس (وسط القاهرة)، في ديسمبر/كانون الأول 2016، وتفجيرين طالا كنيستين شمالي مصر، في أبريل/نيسان 2017، وأسفرا عن مقتل وإصابة العشرات.