بعد أن قررت وزارة التعليم بالجزائر حظر ارتداء النقاب في المؤسسات التعليمية، وما صاحب ذلك من انتقادات، خاصة من قِبل السلفيين الجزائريين، قررت وزارة الوظيفة العمومية بالجزائر، الخميس 18 أكتوبر/تشرين الأول 2018، منع ارتداء النقاب "بصفة نهائية في المؤسسات الإدارية التابعة لها".
ونشرت مواقع إخبارية جزائرية مراسَلةً وجهها رئيس الحكومة الجزائرية، أحمد أويحيى، إلى الوزراء وولاة الجمهورية، أمرهم بالالتزام بها.
منع اللباس الذي "يُعرقل ممارسة المهام" في الإدارات الحكومية
وأوضح موقع صحيفة "الخبر" الجزائرية أن المراسَلة التي تضمنت حظر ارتداء النقاب ، والتي توصل بها الوزراء والولاة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2018، تؤكد أن الموظفين "ملزَمون باحترام قواعد ومقتضيات الأمن والاتصال على مستوى مصالحهم والتي تستوجب تحديد هويتهم بصفة آلية ودائمة، لا سيما في أماكن عملهم".
وأوردت المراسَلة كذلك: "وفي هذا السياق، فإن الموظفين ملزَمون بتجنُّب كل فعل أو تصرف، مهما كانت طبيعة مهامهم ووظائفهم، وبالاتسام بسلوك لائق ومحترم، يعكس القواعد والمبادئ التي تحكم المرفق العام، ومنها على وجه الخصوص الحياد والاستمرارية والشفافية".
وبصيغة الإلزام، طلبت المراسَلة، التي تحمل عنوان "واجبات الموظفين والأعوان في مجال اللباس"، بالتقيد الصارم بما سبق، ومنع كل لباس "يعرقل ممارستهم مهام المرفق العام، لا سيما النقاب الذي يُمنع ارتداؤه منعاً باتاً في أماكن العمل".
وهو القرار الذي أغضب البعض، واعتبره "حرباً على الإسلام"
وسرعان ما بدأ الجدل حول قرار حظر ارتداء النقاب في الإدارات التابعة للدولة، وهو الجدل نفسه الذي رافق منع ارتداء النقاب في المؤسسات التعليمية العام الماضي (2017).
وعبَّر النائب في مجلس الشعب الجزائري، مسعود عمراوي، عن استغرابه الشديد من إصدار مثل هذه التعليمات، واصفاً إياها بالأمر غير المنطقي، وقال: "إنها حرب معلنة على الإسلام".
منع النقاب في دول علمانية مسيحية إستدعى نقاشات سياسية وقانونية إستمرت لسنوات. في الجزائر القرار دبر بليل ومجلس الشعب مغلق بكادنة.
Gepostet von مراد أحمد موهوب am Donnerstag, 18. Oktober 2018
وقال عمراوي لصحيفة "الشروق" الجزائرية، إن ارتداء النقاب داخل المؤسسات العمومية أو غيرها من أماكن العمل حرية شخصية، تقرره المرأة وحدها، ومنعه لن يؤثر كما ورد في التعليمة، على مقتضيات الأمن والاتصال في العمل؛ لكون الموظفة معروفة لدى مديرها من صوتها وهويتها منذ الوهلة الأولى خلال تسلمها منصبها.
وأضاف عمراوي أن الاستثناء قد يكون في حالة واحدة، وهي دخول المرأة المنتقبة المسابقات والامتحانات، التي تستلزم الاطلاع على هويتها، والتأكد من ملامحها من خلال مطابقة صورتها ببطاقة التعريف ووجهها.
– رسمياً : قررت دولة "الجزائر" منع ارتداء "النقاب" في جميع المؤسسات العمومية والمؤسسات التربوية لما فيه من أخفاء للهوية وخطر على الأمن العام .
– برافوا .. قرار عظيم .
— ahmedarfat (@ahmedarfat55) October 18, 2018
من جهته، طالب رئيس نقابة الأئمة في الجزائر، جلول حجيمي، بضرورة إعادة النظر في حظر ارتداء النقاب بالنسبة للموظفات في القطاع العام، بصورة تتلاءم مع الجانب الإداري وعدم خلطه بالجانب الديني، ودعا حجيمي إلى التوقف عن ممارسة التضييق على الحرية الشخصية؛ لأن ذلك، بحسبه، يفتح المجال لإثارة العواطف وإدخال المجتمع في دوامة من الفتن والنعرات.
لكن حظر ارتداء النقاب في أماكن العمل لم يكن الأول
وكانت الجزائر قد أعلنت العام الماضي (2017)، حظر ارتداء النقاب رسمياً في مختلف المدارس والمؤسسات التربوية، مع العلم أن دولا أوروبية منعته حتى في الأماكن العامة.
ورغم إشادة البعض بالقرار، باعتباره إبعاداً للمدارس عن التجاذبات السياسية، كان هناك من اعتبره مساساً بالحريات الشخصية.
ومن المنتظر أن يتسبب قرار الحظر الجديد في اعتراضات من قِبل الجماعات السلفية والأحزاب ذات التوجهات الإسلامية.
واعتبر عبد الحميد وعيل، وهو أستاذ جزائري متقاعد، أن "هناك تياراً في الوزارة يعمل على طرح أفكار تغريبية، وأن هناك اتجاهاً نحو طرح خلع الحجاب، أو التخلي عن خمار الطالبات بحجة الغش في الامتحانات".
وأضاف أن القرار "لا يستهدف سوى إثارة مزيد من الجدل في الوسط التربوي، في حين أن المشكلات الحقيقية للتعليم لا تتعلق بالنقاب أو الحجاب، وإنما تتعلق باكتظاظ الفصول الدراسية، ونقص الكتب المدرسية، والنقل، والطعام".