قال السيناتور الأميركي ديك دوربين، من ولاية إلينوي، إن حادث اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي "مثال على تطرُّف الإدارة السعودية، وعلينا ألا نعتبر المملكة حليفاً يمكننا الوثوق به".
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها دوربين، لقناة "سي إن إن" الأميركية، مساء الإثنين، 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018، قيَّم خلالها العلاقات بين واشنطن والرياض، وحادث اختفاء خاشقجي منذ 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بعد دخوله قنصلية بلاده بإسطنبول.
وذكر السيناتور الأميركي أنه تحدث هاتفياً مع السفير السعودي لدى واشنطن، الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز، وأن الأخير أبلغه بأن الرياض لا ترغب في مشاركة الولايات المتحدة بتحقيقات اختفاء خاشقجي.
وتابع قائلاً: "اختفاء خاشقجي مثال على تطرف الإدارة السعودية، وعلينا ألا نعتبر المملكة حليفاً يمكننا الوثوق به، فهي تكمم أفواه مَن ينتقدونها".
واستطرد في السياق ذاته قائلاً: "فماذا نحن فاعلون الآن؟ هل ستبقى العلاقات طبيعية (مع المملكة)؟ وهل سنواصل بيع الأسلحة لها؟ آمل أن نتخذ خطوة مختلفة".
وذكر كذلك أن "الولايات المتحدة تدعم الإدارة السعودية المسؤولة عما تشهده اليمن من حرب، وموت، ومجاعة، فعلينا غداً أن نرفع هذا الدعم".
وشدد "دوربين" على ضرورة توقف الرئيس دونالد ترمب عن دعم المملكة العربية السعودية، مطالباً إياه بفرض عقوبات اقتصادية عليها.
واختفت آثار الصحافي السعودي في 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عقب دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول، لإجراء معاملة رسمية تتعلق بزواجه.
وطالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الرياض، بإثبات خروج خاشقجي من القنصلية، وهو ما لم تفعله السلطات السعودية بعد.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن مسؤولين أتراكاً أبلغوا نظراءهم الأميركيين بأنهم يملكون تسجيلات صوتية ومرئية تثبت مقتل خاشقجي، وهو ما تنفيه الرياض.
كما طالبت عدة دول غربية، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، والاتحاد الأوروبي، الرياض بالكشف عن مصير خاشقجي بعد دخوله القنصلية، فيما عبَّرت دول عربية عن تضامنها مع السعودية في مواجهة تهديدات واشنطن بفرض عقوبات عليها إذا ثبت تورطها في مقتل خاشقجي.
وغادرت فرق البحث الجنائي التركية المشاركة في مجموعة العمل المشتركة المشكَّلة للتحقيق في قضية اختفاء الكاتب السعودي جمال خاشقجي، مقر القنصلية السعودية بإسطنبول، في وقت مبكر فجر الثلاثاء 16 أكتوبر/تشرين الأول.
وبحسب وكالات الإعلام، فإن فرق البحث الجنائي التركية غادرت مقر القنصلية بعد أن انتهت من أعمالها التي استغرقت 9 ساعات كاملة، في حين ما زال المسؤولون بالمجموعة المشتركة يواصلون أعمالهم.
وقال شاهد من رويترز إن فريقاً للتحقيق يضم نحو 10 أشخاص غادر القنصلية بعد استكمال التفتيش في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء.
وقال مصدر بمكتب المدعي العام التركي لقناة الجزيرة، إن الفحص الأوَّلي يشير إلى مقتل خاشقجي داخل القنصلية رغم محاولات جرت لطمس تلك الأدلة.
وقال الشاهد إن 4 سيارات للطب الشرعي وقفت خارج القنصلية وحملت عينات من التربة وباباً معدنياً من الحديقة. واشتمل فريق البحث على أحد الكلاب البوليسية.
وبحسب مراسل الأناضول، فإن فريقاً تابعاً لإدارة فرع الكلاب البوليسية المدربة، وصل إلى مقر القنصلية، بواسطة سيارة شرطة مدنية، للمشاركة في التحقيقات، وأجرى عملية تفتيش بواسطة كلب بوليسي.
ووفق المصدر ذاته، سُمعت ضوضاء من أحد الأقسام التي تم تفتيشها داخل البناء، دون مزيد من التفاصيل حول مصدرها.
وذكرت محطة "سي إن إن"، الإثنين 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018، نقلاً عن مصدرين لم تسمّهما، أن السعودية تعد تقريراً تعترف فيه بمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي نتيجة تحقيق جرى بشكل خطأ.
وقالت "سي إن إن" إنّ أحد المصدرين حذَّر من أن هذا التقرير ما زال قيد الإعداد وقد يتغير. ونقلت المحطة عن المصدر الآخر قوله إنه من المرجح أن يخلص التقرير إلى أن هذه العملية جرت دون إذن، وأن مَن تورَّطوا فيها سيحاسَبون.
وأضافت "سي إن إن" نقلاً عن مصادر أن الهدف من العملية كان اختطاف خاشقجي وليس قتله.
ظهور أدلة بارزة بشأن مقتل خاشقجي
من جهة أخرى، كشف مصدر في مكتب المدعي العام التركي لـ "الجزيرة" أن الفحص الأوَّلي داخل القنصلية السعودية "أظهر أدلة بارزة على مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي رغم محاولات طمسها".
وقال المصدر إن الأدلة التي وُجدت تدعم شبهة تعرُّض خاشقجي لجريمة قتل.
كانت صحيفة The Telegraph البريطانية ذكرت أن السعودية ستحاول إقناع المسؤولين الأتراك بالموافقة على إصدار بيان مشترك، "يُفسر موت جمال خاشقجي، بطريقة تسبب ضرراً بسيطاً على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان".
وأوضحت الصحيفة أن أحد احتمالات هذا التفسير هو القول إنَّ خاشقجي توفّي بنوبة قلبية داخل القنصلية، فأخفى موظفو القنصلية المذعورون جثته.
ولم تتضح بعدُ مدى إمكانية موافقة تركيا على سرد روايةٍ كهذه؛ نظراً إلى أنَّ بعض المسؤولين الأتراك سرَّبوا ادِّعاءات مدوية للصحافة عن أفراد استخبارات وجنود سعوديين يُزعم أنهم قتلوا خاشقجي.