وضعت خديجة جنكيز، خطيبة جمال خاشقجي شرطاً لقبول دعوة الرئيس دونالد ترمب لزيارة البيت الأبيض، مطالبة في الوقت ذاته بمحاسبة الضالعين في جريمة اختفاء جمال خاشقجي بصرف النظر عن مناصبهم السياسية.
واشترطت خطيبة جمال خاشقجي في مقال كتبته لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، "جنكيز" تقديم ترمب "مساهمة حقيقية" في الجهود المبذولة للكشف عما حدث داخل القنصلية السعودية في إسطنبول (يوم واقعة الاختفاء) حتى تقبل دعوته إلى البيت الأبيض.
إدانة اختفاء جمال خاشقجي ليست كافية
ودعت جنكيز خطيبة جمال خاشقجي إلى عدم الاكتفاء بالتنديد، بل العمل على معاقبة المتورطين في اختفاء خطيبها. وأضافت: "إذا كانت الادعاءات صحيحة، وتم قتل جمال من قبل رجال محمد بن سلمان (ولي العهد السعودي)، فهو بالتأكيد شهيد".
وتابعت: "إذا فقدنا جمال بالفعل، فإن الإدانة ليست كافية، وتجب محاسبة الأشخاص الذين أخذوه منا، بغض النظر عن مناصبهم السياسية، ومعاقبتهم وفق القانون".
كما أوضحت أنها لم تخسر وحدها خاشقجي (حال ثبت ادعاءات مقتله) بل "هو خسارة لكل شخص لديه ضمير وبوصلة أخلاقية".
هكذا كان ينظر جمال خاشقجي للسعودية
شددت خطيبة جمال خاشقجي على وطنية خطيبها، وحبه الجارف لوطنه السعودية. وأردفت بالقول: "سافر جمال حول العالم، لكنه يحب السعودية أكثر من أي مكان آخر، وهرب منها في أعقاب حملة قمع ضد المثقفين والناشطين الذين انتقدوا ولي العهد محمد بن سلمان".
وأشارت "جنكيز" إلى أنه قبل اختفاء خاشقجي كان "كثيراً ما يتحدث عن رغبته في أن يتمكن من السير في شوارع المدينة المنورة، حيث ولد ونشأ، وقضاء ساعات في التحدث مع أصدقائه". ومضت قائلة: "لم يتخل (خاشقجي) عن حبه للسعودية، وعندما كانوا يصفونه بالمعارض كان يقول إنني صحفي حيادي أستخدم قلمي لفائدة بلادي".
تقابلت أنا وجمال خاشقجي في مؤتمر في إسطنبول في مايو/أيار الماضي. كنت على درايةٍ بطبيعة عمله لأنني مهتمةٌ بالشرق الأوسط ومنطقة الخليج. تحدثنا لحوالي نصف ساعة عن السياسة. تحدث جمال عن التحول غير العادي الذي يحدث في السعودية، بلده الأصلي، وكيف جعلته تواقاً.
في ذكرى يوم ميلاد #جمال_خاشقجي الستين: كانت خطتي لهذا اليوم #13_أكتوبر ان افعل مفاجأة لخطيبي #جمال وادعوا فيها كل أصدقائه المقربين في أحد مطاعم البسفور باسطنبول حيث انه هذا اليوم هو يوم ميلاده، ولكن #اين_جمال_خاشقجي#ضاع_حلمي#يوم_ميلاده
— Hatice Cengiz / خديجة (@mercan_resifi) October 13, 2018
بعد ذلك، راسلته لأشكره على المحادثة. واصلنا حوارنا الذي تطور بسرعة إلى علاقة عاطفية. أُعجَبت بشخصيته وما يتمتع به من حكمة وشجاعة في إثارة التساؤلات السياسية في الجزء الخاص بنا من العالم. ترابطنا معاً عبر شغفنا المشترك بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير، وهي المبادئ الأساسية التي كافَحَ من أجلها.
غادر السعودية لأنَّ تلك كانت الطريقة الوحيدة التي يستطيع من خلالها أن يكتب ويتحدث عن القضايا والأفكار التي اهتم بها، وأن يعمل دون المساس بكرامته.
ليس مجرد صحفي حازم ومفكر
في لحظات كربه، كان يفكر في أصدقائه القابعين في السجون في بلده، ويحاول أن يواسي نفسه بالقول "على الأقل لا أزال أستطيع الكتابة بحرية في هذه اللحظة". إلا أنَّه كان يتعرض للكوابيس التي يتردد فيها أصوات أصدقائه هؤلاء وخيالاتهم. كلما اتصلت به في الصباح، كان يقول إنَّ صوتي جلب البسمة على وجهه. أفهم الآن بوضوح ما كان يعنيه، بعد أن تقطعت بيننا سبل الوصال.
كان أكثر شيء مُحبب في جمال هو أمانته وقلبه الواسع وحنانه. عندما كنا نتعرف على بعضنا، بدأت أراه ليس فقط كصحفي حازم وبارع ومُفكِّر كما عرفه العالم، بل أيضاً كرجلٍ حساس انتقل عبر العالم وهو يحمل في قلبه حنيناً نافذاً ومؤلماً لبلاده. كثيراً ما تحدث عن رغبته في أن يتمكن من السير في شوارع المدينة المنورة، حيث وُلِدَ وترعرع وتحدث مع أصدقائه بالساعات.
وهذا ما اشترطته خطيبة جمال خاشقجي لتلبية دعوة الرئيس دونالد ترمب
وحول موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب من قضية اختفاء خاشقجي، اشترطت "جنكيز" تقديم ترمب "مساهمة حقيقية" في الجهود المبذولة للكشف عما حدث داخل القنصلية السعودية في إسطنبول (يوم واقعة الاختفاء) حتى تقبل دعوته إلى البيت الأبيض.
وقالت خطيبة جمال خاشقجي إن جمال احتج علانيةً ضد الظلم والاضطهاد، لكنه دفع حياته ثمناً لمطالب السعوديين بالحرية. وأضافت "إذا كان ميتاً، وهو ما لا أتمناه، سيولد اليوم -في عيد ميلاده- الكثيرون مثله".
واختتمت "جنكيز" مقالها في "نيويورك تايمز" الذي تزامن نشره مع عيد مولد جمال خاشقجي الستين (في 13 أكتوبر)، بالقول إنّ "القمع لا يدوم إلى الأبد، وفي نهاية المطاف يدفع المستبدون ثمن خطاياهم".