سحبت المملكة العربية السعودية طلبها للانضمام إلى المنظمة الدولية الفرانكفونية وسط الضغوط المتزايدة من أجل تقديم تفسيرٍ لاختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
إذ كانت المنظمة الفرانكفونية -وهي النظير الناطق بالفرنسية لرابطةِ الكومنولث الإنكليزية- على موعدٍ يوم الخميس 11 أكتوبر/تشرين الأول مع دراسة طلبٍ مُقَدَّمٍ مُؤخراً من جانب السعودية من أجل الحصول على عضويةٍ فيها، لكن المملكة وفق موقع صحيفة The Globe and Mail الكندية، أرسلت خطاباً إلى المنظمة التي تضم 84 عضواً من أجل "تأجيل" النظر في طلبها.
وبينما لم يُعرَض سببٌ للتأجيل، أُثيرَت مخاوف حيال سجِّل المملكة المتعلق بحقوق الإنسان في الأسبوع الماضي منذ اختفاء الصحافي جمال خاشقجي الناقد البارز للسياسات السعودية، بعد زيارته قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وطالبت هيئةٌ لرصدِ حقوقِ الإنسانِ تابعةٌ للأممِ المتحدةِ، السعوديةَ الخميس بوقفٍ فوري لغاراتِها الجوية ضد الأهداف المدنية في اليمن، ومحاكمة المسؤولين عن مقتل الأطفال بسبب الاعتداءات غير المشروعة.
خطوة الانسحاب جيدة للمنظمة
وقال جوسلين كولون، خبير العلاقات الخارجية في مركز البحوث والدراسات الدولية التابع لجامعة مونتريال، إنَّ خطوة الانسحاب جيدة للمنظمة الفرانكفونية، نظراً إلى أن هذا الطلب واجه معارضةً شديدةً من الدول الأعضاء في المنظمة، التي انتقدت الرياض بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
وفي خطاب أُلقي، الخميس، في افتتاح القمة الفرانكفونية بالعاصمة الأرمينية يريفان، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنَّ المنظمة يجب عليها مراجعة الطريقة التي تقبل بها أعضاءها. ومع أنَّه لم يذكر السعودية مباشرة، فُسِّرت تعليقاته على أنها انتقاد غير مباشر لطلب المملكة. وصحيحٌ أنَّ السعودية لم تتوقع مطلقاً أن يُعترف بها عضواً بصلاحيات كاملة في المنظمة الفرانكفونية، ولكن كان من الممكن أن تحصل على مرتبة دولة "مراقبة"، وهي مرتبة لا تمنحها حقوق التصويت.
كان كولون ضمن المشاركين في مراجعة الطلب السابق للسعودية، الذي تقدمت به في عام 2016 من أجل الحصول على عضوية، وحينها كان مستشاراً لوزير الشؤون الخارجية الكندي السابق ستيفان ديون. وكان الطلب السعودي آنذاك مدعوماً بتأييد دولتين ديمقراطيتين: فرنسا والسنغال. ويشير كولون إلى أن المسؤولين عن مراجعة الملفات قرروا أنَّهم في حاجةٍ إلى اتباع إجراءات أكثر صرامة من أجل قبول الأعضاء الجدد استناداً إلى معيارين: أن تكون اللغة الفرنسية بكل تأكيد مستخدمة في البلاد، وأن يكون هناك "احترام للديمقراطية وحقوق الإنسان". وعُرِض الطلب آنذاك في القمة الفرانكفونية كي يتمكن قادة دول المنظمة من اتخاذ قرار حول كيفية التصرف فيه. وقد وُجد أن الطلب المقدم في عام 2016 غير مكتمل، ويتطلب مزيداً من البحث.
كندا وكيبيك تعارضان
وقال كولون: "في الأساس، كانت كندا وكيبيك تعارضان هذه العضوية؛ لأنَّه -حسب استيعابنا- لا يوجد ناطقون بالفرنسية في السعودية. والديمقراطية وحقوق الإنسان ليستا سياستَيهما الأقوى بكل تأكيد، إذا جاز لي القول".
وأضاف: "وفي الوقت نفسه، يمكن أن يقول الناس إنَّ هناك كثيراً من الحكومات الاستبدادية والديكتاتورية في المنظمة الفرانكفونية، وهذا صحيح".
جديرٌ بالذكر أنَّ بعض وسائل الإعلام التركية ذكرت، الخميس، أنَّ الفريق المكون من 15 شخصاً، الذي توجه من السعودية إلى تركيا لاستهداف خاشقجي، ضمَّ أعضاءً من الحرس الملكي السعودي، وضباط استخبارات، وجنوداً، وخبير تشريح.