ألقت قضية اختفاء أو اغتيال الإعلامي السعودي البارز جمال خاشقجي في مقر قنصلية بلاده بإسطنبول، بظلالها على الانتخابات التشريعية الأميركية، التي ستنطلق بعد أقل من شهر.
إذ بدأ النواب الديمقراطيون ممارسة الضغط على الرئيس دونالد ترمب قبيل انتخابات التجديد النصفي، الشهر المقبل، في استخدام قضية خاشقجي لتحقيق مكاسب انتخابية، بحسب تقرير موقع Al-Monitor الأميركي.
وقبل يومين هاجم السيناتور بيرني ساندرز ترمب، جراء علاقته الوطيدة بالرياض، التي يرى أنها ساعدت على مقتل خاشقجي.
ويقوم ساندرز، الذي يحظى بتأييد الناخبين اليساريين والمنافس المحتمل على منصب الرئاسة خلال انتخابات 2020، بجولة في تسع ولايات خلال هذا الشهر، لكسب التأييد لصالح المرشحين الديمقراطيين خلال انتخابات التجديد النصفي.
وذكر ساندرز في كلمة حول السياسة الخارجية، ألقاها بجامعة جون هوبكنز بواشنطن: "إذا ما قامت السعودية بقتل صحافي معارض في قنصليتها، فلا بد أن تكون هناك مساءلة وإدانة كاملة من قِبل الولايات المتحدة. ومع ذلك يبدو واضحاً أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يحظى بتشجيع وتأييد إدارة ترمب"، بحسب الموقع الأميركي.
لماذا أصبحت القصة مهمة الآن؟
ما سبب أهمية الأمر: لا تستطيع السعودية أن تتحمل أي نقطة سوداء أخرى في علاقتها مع الولايات المتحدة. ورغم أن المملكة الغنية بالنفط تنفق ملايين الدولارات لإظهار ولي العهد في صورة المصلح المعتدل، فإن اهتمام الكونغرس يتمحور حول التأثير الإنساني للحرب السعودية التي تدعمها الولايات المتحدة في اليمن، بينما يبتز ترمب الرياض وسط ارتفاع أسعار النفط.
يمنح موقع استطلاع الرأي الإلكتروني في الانتخابات FiveThirtyEight الديمقراطيين إمكانية الفوز بمقاعد المجلس التشريعي بنسبة 75%، في نوفمبر/تشرين الثاني، والفوز بمقاعد مجلس الشيوخ بنسبة 21%.
ليس الديمقراطيون وحدهم هم من يطلقون جرس الإنذار بشأن التكاليف التي تتكبّدها الولايات المتحدة في دعم الأنظمة القمعية لدول الخليج.
ذكر السيناتور ليندساي غراهام في تغريدة له على موقع تويتر، يوم الإثنين، أنه ناقش "المخاوف المشتركة فيما يتعلق بمكان وأسلوب التعامل" مع خاشقجي مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية بوب كوركر، وعضو اللجنة بن كاردن. وكتب السيناتور ماركو روبيو في تغريدة له، يوم الأحد، أنه في حالة تأكيد التقارير المزعجة للغاية حول مقتل خاشقجي، فإنه يتعيَّن على "الولايات المتحدة والعالم المتحضّر الرد بقوة، وسوف أستعرض كافة الخيارات في مجلس الشيوخ"، بحسب الموقع الأميركي.
فرصة الديمقراطيين للضغط على ترمب
ولا يزال لغز اختفاء خاشقجي يمنح الديمقراطيين بصفة خاصة فرصةً لتسليط الضوء على علاقة ترمب الجيدة بالزعماء المستبدين. وأشار ساندرز إلى جاريد كوشنر، زوج ابنة ترمب، وعلاقته الوطيدة بولي العهد السعودي، مؤكداً أنها تشجع الرياض على مواصلة قصف المتمردين الحوثيين في اليمن، والانتقام من كندا جراء إدانتها للسياسات القمعية التي تمارسها الرياض.
ليس السعوديون وحدهم: انتقد ساندرز أيضاً العديد من حلفاء الولايات المتحدة، وأضاف ساندرز أيضاً أن دعم ترمب الدائم لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أدى إلى تقويض "الهدف المتمثل في إقامة الدولتين".
ما هي الخطوات التالية: دعا المقرر الخاص للأمم المتحدة بشأن حرية التعبير ديفيد كاي، اليوم، إلى إجراء تحقيقات دولية مستقلة في قضية اختفاء خاشقجي. ورغم أن خاشقجي قد دخل القنصلية السعودية منذ أسبوع، فإن إدارة ترمب ظلَّت صامتة نسبياً حتى يوم الإثنين، حينما طلب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من الرياض "دعم إجراء تحقيقات شاملة" في قضية اختفاء خاشقجي، والتعامل بشفافية مع النتائج. ومن جانبه، قال ترمب ببساطة: "نأمل أن يتم حل غموض القضية".