تعرَّض ناشطٌ حقوقي سعودي، سعى للحصول على ملجأٍ له في المملكة المتحدة، للاعتداء في أحد شوارع لندن من جانب أشخاص يؤيدون الحكومة السعودية، بحسب ما نقلته صحيفة The Independent البريطانية.
وكان غانم الدوسري، المعروف بفيديوهاته الساخرة التي تتهكَّم على أفراد الأسرة السعودية المالكة على موقع يوتيوب، يحتسي القهوة مع أحد أصدقائه قرب متجر Harrods.
وحين غادر الدوسري وصديقه المقهى، بدأ رجلان يتبعانهما في طريق برومبتون.
وأوضح الدوسري: "بعدما سرنا نحو 100 متر، اقترب منا رجلان من الخلف. بدآ يصرخان فيّ… وكانا يقولان: (مَن أنت لتتكلم عن عائلة آل سعود؟)، أعتقد أنَّهما عرفا مكاني من سناب شات، وقد تعرَّفا عليّ بسهولة"، بحسب ما صرَّح به الدوسري لصحيفة The Independent البريطانية.
لم يكتفوا بمهاجمة الشاب، بل شتما المملكة المتحدة
ونشر الشاب السعودي القصة على حسابه بتطبيق سناب شات، حيث أظهرت اللقطات رجلاً، يرتدي سروالاً من الجينز وقميصاً خفيفاً، وهو يلكم الدوسري في وجهه بينما يغادر المتسوقون والعائلات المكان ويحاول الناس الفصل بينهما.
ثُمَّ يلاحق رجلٌ ثانٍ -يرتدي بدلة رمادية اللون ويضع سماعة سلكية- الناشط المعارض في الطريق قبل أن يتم سحبه إلى الخلف وإيقافه.
وقال صديق الناشط المُعارض، آلان بندر، وهو رجل أعمال كندي، إنَّ الرجلين اتهما الدوسري بأنَّه "عبد لقطر" –البلد العدو للسعودية- وهدَّدا بـ"تلقينه درساً".
ويضيف: "قلتُ لهما إنَّنا لسنا في الرياض، هذه لندن، وعلى الفور قال الرجل: (اللعنة على لندن، ملكتهم أَمَة لدينا، وشرطتهم كلابنا)".
وقال بندر إنَّ الرجلان صرخا قائلين: "كيف تجرؤ على سبِّ ولي العهد محمد بن سلمان، لن نسمح بذلك"، ووجَّها الإهانات للدوسري، ووالدته، وشقيقته، وأسرته بلغةٍ بذيئة.
وتابع: "كان الناس يصرخون، والأطفال يركضون خائفين" بعد تصاعد المواجهة بين الطرفين.
هكذا انتهى الشجار
وقال إنَّ الرجلين لم يفرّا إلا حين صاح الناس بأنَّ الشرطة قادمة، فركض أحدهما عبر منطقة نايتسبريدغ وقميصه مُمزَّق جراء الشجار.
استُدعي المسعفون إلى المكان وعالجوا الدوسري، الذي كان ينزف من فمه، داخل إحدى سيارات الإسعاف.
وقال بندر إنَّه حين كان ينتظر خارج سيارة الإسعاف، اقترب منه سعوديٌّ آخر وحاول إقناعه بعدم إبلاغ الشرطة، مُدَّعياً أن الرجلين سيغادران لندن.
نقل المسعفون الدوسري داخل سيارة الإسعاف إلى قسم شرطة نوتينغ هيل، وهناك قدَّم بلاغاً بشأن الاعتداء.
ويعتقد الدوسري أنَّ كلا الرجلين سعوديان، وأنَّهما عادا إلى السعودية منذ ذلك الحين، واتجه رجلٌ يشبه أحد المهاجميْن لنشر فيديو على الشبكات الاجتماعية يتناول الواقعة.
وتلقّى أيضاً مكالمة هاتفية من رجل يدَّعي أنَّه الشخص الذي لكمه يقول إنَّه في السعودية.
ويعتقد الناشط أنه استُهدِف بسبب عمله الحقوقي ورؤاه السياسية، المعروفة جيداً في السعودية بسبب حجم المتابعة الكبير له على الشبكات الاجتماعية.
الدوسري يعلق على الهجوم
قال الدوسري: "كانوا يحاولون ترهيبي، كانوا يحاولون إخافتي، لكنّي لن أتوقف".
وأضاف: "لم أتصور قط أنهم قد يهاجمونني هنا، نعم قد يهاجمونني في أي مكان آخر في العالم، لكن في المملكة المتحدة وأمام متجر Harrods وفي وضح النهار؟ هذه هي المنطقة التي أشعر فيها بأقصى قدر من الأمان".
وأدان الدوسري الحكومة البريطانية لكونها "صديقة" أكثر من اللازم للسعوديين، رغم الانتهاكات الحقوقية التي ترتكبها البلاد وجرائم الحرب المزعومة في اليمن.
وكان الدوسري فرَّ من السعودية عام 2003 بسبب رؤاه السياسية وطلب اللجوء في المملكة المتحدة، ودرس هناك ثُمَّ عمل في جامعة بورتسموث قبل أن ينتقل إلى لندن.
وقال: "لم أعد (إلى السعودية) قط. إنَّها ليست آمنة لي، وليست آمنة لأي شخص يُغرِّد مُعبِّراً عن رأيه".
وحظت مقاطع الفيديو على قناته بموقع يوتيوب، The Ghanem Show، بأكثر من 200 مليون مشاهدة وأدَّت إلى ظهور الكثير من المنشورات والمدونات العدوانية تجاهه.
تستهدف الكثير من مقاطع الفيديو التي يعدها الدوسري الحكومة السعودية، وقد أطلق على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لقب "الدب الداشر".
صدى الحادث على وسائل التواصل الاجتماعي
انتشرت لقطات الهجوم سريعاً على الشبكات الاجتماعية في السعودية، في حين انتشر هاشتاغ "جَلد الكلب غانم الدوسري" باللغة العربية وغرَّد فيه 1600 حساب ألفي مرة في غضون أيام.
وكانت الغالبية العظمى من التغريدات التي اطّلعت عليها صحيفة The Independent مُحتفية بالهجوم، وجاء في إحداها أنَّ الدوسري "لا يجب أن يكون متفاجئاً من الرد" على فيديوهاته.
وجاء في أخرى: "لا يمكن التحكم في ردود الفعل حين يُعتدى على الملك وأسرته والوطن". في حين قال مستخدم آخر لتويتر إنَّ مهاجمة المنتقدين "واجب على كل وطني شريف".
وقال بندر إنَّ صديقه تعرَّض للتهديد من قبل، وإنَّ الهجوم لم يفاجئه.
وأضاف: "أشعر بالقلق على سلامته. والرسالة من هذا الهجوم مفادها: لا أحد يمكنه إيقافنا".
وأردف: "في رأيي الشخصي، لقد اختاروا موقع الهجوم لأنَّ Harrods مملوك للحكومة القطرية.. أرادوا أن يفعلوا هذا عمداً".
وقال متحدثٌ باسم شرطة لندن الكبرى "ميتروبوليتان" إنَّ الضباط استُدعوا قبل فترة وجيزة من الساعة 6:15 مساءً يوم 13 أغسطس/آب بسبب وقوع اعتداء على طريق برومبتون.
وأضاف: "في مسرح الواقعة، كان الضحية، وهو رجل في الثلاثينات من عمره، يعاني من كدمات في وجهه. لكن لم يكن بحاجة للخضوع للعلاج في المستشفى. ويجري ضباطٌ من كينغستون وتشيلسي تحقيقاً في الواقعة. ويُعتَقَد أنَّ المشتبه بهما هما رجلان في الثلاثينات من العمر. ولم تحدث أي اعتقالات حتى هذه اللحظة. ولا تزال التحقيقات مستمرة".