أقرَّت مدريد ضمناً، الجمعة 7 سبتمبر/أيلول 2018، بوجود صعوبات أمام بيع 5 بوارج حربية إسبانية للسعودية ، وهو عقد بقيمة 1.8 مليار يورو (نحو 2 مليار دولار)، وذلك بعد أن أوقفت تسليم 400 قنبلة مسيَّرة بالليزر إلى الرياض.
وكانت وزارة الدفاع الإسبانية أعلنت الثلاثاء 4 سبتمبر/أيلول 2018، عزمها إلغاء بيع 400 قنبلة مسيَّرة بالليزر إلى السعودية، التي تتدخل عسكرياً في النزاع الدامي باليمن. وسبق أن دفعت الرياض 9.2 مليون يورو ثمن هذه القنابل.
لا وجود لأزمة دبلوماسية مع الرياض
وأثار القرار قلقاً شديداً بأحواض تصنيع السفن في نافانسيا بالأندلس، حيث يعمل آلاف العمال في تصنيع البوارج الخاصة بالسعودية. وأخذت النقابات على السلطات عدم أخذها في الاعتبار عواقب إلغاء عقد موقَّع.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة إيزابيل سيلا، رداً على مقال لصحيفة "إل إندبندينتي" الإلكترونية: "لا أعتقد أن هناك أزمة دبلوماسية مع المملكة السعودية"، مضيفة مع ذلك: "ربما يكون هناك تبادل لوجهات النظر واختلاف، أعتقد أنه سيُحَلّ".
وأضافت أن "الحكومة تعمل بهدف الحفاظ على علاقات جيدة مع المملكة السعودية، والدفاع عن عقود بناء 5 سفن حربية في أحواض نافانسيا بمقاطعة كاديس". وتابعت: "هذا يعني الإبقاء على التعهدات الدولية للحكومة"، ما يفتح الباب أمام تراجع الحكومة عن قرارها إلغاء صفقة القنابل.
والحكومة الإسبانية متشبثة بالعقد
بالتوازي مع ذلك، قالت وزيرة التجارة جيانا مينديز للنواب في لجنة الدفاع، إن الحكومة "مدركةٌ أهمية (..) هذا العقد الرائع لبيع بوارج حربية إسبانية للسعودية بقيمة 1.8 مليار يورو مع 6 آلاف فرصة عمل" وفّرها.
وأضافت: "على حد علمي، العقد لا يزال قائماً". ودعت إلى "الاطمئنان"، مؤكدة أن "الحكومة لن تُعرِّض للخطر" بيع هذه السفن الحربية. وأعلنت أيضاً أنه يجري تشكيل فريق عمل لإرساء نظام يتيح التثبت من استخدام تلك الأسلحة بعد تسليمها.
وطالبت منظمات غير حكومية، بينها "العفو الدولية" و"أوكسفام" و"غرينبيس"، بالوقف الفوري لأي عملية بيع سلاح للسعودية يمكن أن تستخدمه في النزاع باليمن.
رغم تعليقها بيع 400 قنبلة فائقة الدقة
وكانت وزارة الدفاع الإسبانية قد أكدت، الثلاثاء 4 سبتمبر/أيلول 2018، تقارير إعلامية تحدثت عن تعليق مدريد بيع أسلحة تضم 400 قنبلة فائقة الدقة ذات توجيه ليزري إلى السعودية؛ بسبب مخاوف من استخدامها في الغارات على اليمن.
وقالت متحدثة باسم الوزارة الإسبانية الثلاثاء: "نؤكد هذه الأنباء"، دون إعطاء المزيد من التفاصيل.
وذكرت وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية، في وقت سابق، أن "العقد أُبرم مع الرياض عام 2015، عندما كانت حكومة المحافظين تحكم إسبانيا"، مشيرة إلى أن الحكومة الحالية للاشتراكيين تعتزم إلغاء الصفقة وإعادة 9.2 مليون يورو دفعتها السعودية لمدريد.
وتعارض منظمات اجتماعية كـ"العفو الدولية"، و"السلام الأخضر" وغيرها، الصفقة، متهمةً السلطات السعودية بارتكاب جرائم حرب في اليمن وانتهاك حقوق الإنسان.
وحسب منظمة العفو الدولية، تحتل إسبانيا المرتبة الرابعة في قائمة أكبر مُصدِّري الأسلحة إلى المملكة. ويأتي القرار عقب سقوط نحو 50 قتيلاً يمنياً على الأقل، وإصابة 77 شخصاً في غارة للتحالف العربي بقيادة السعودية استهدفت حافلة مدنية في مدينة ضحيان شمال صعدة مؤخراً.
تسليم آخر بوارج حربية إسبانية للسعودية 2022
وكانت الشركة السعودية للصناعات العسكرية، قد أعلنت شهر يوليو/تموز الماضي توقيع اتفاقية مع شركة "نافانتيا" الإسبانية، لبناء 5 سفن "أفانتي 2200" الحربية. وحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس" سيبدأ بناء بوارج حربية إسبانية للسعودية خلال فصل الخريف القادم، وتُسلم آخر سفينة حربية بحلول 2022.
كذلك، تم الاتفاق على إنشاء مشروع مشترك في السعودية، لإدارة البرامج وتركيب ودمج نظام القتال وهندسة وبناء النظم، وتصميم الأجهزة وتصميم أجهزة الحاسوب، وتطوير البرمجيات والاختبار. وقال رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية، أحمد الخطيب، إن إنشاء المشروع المشترك مع "نافانتيا"، سيوطن ما يزيد عن 60 بالمائة من الأعمال المتعلقة بأنظمة السفن القتالية، بما في ذلك تركيبها ودمجها.
ويتضمن العقد كذلك، خدمات أخرى ضمن نطاق التوريد، وهي الدعم اللوجستي المتكامل، والتدريب على التشغيل والصيانة، وتوفير مركز تدريب على نظام إدارة القتال الخاص بالسفن، وأنظمة إدارة المنصات.
و"أفانتي 2200″، هي سفينة متعددة المهام، مصممة خصيصاً للمراقبة والتحكم البحري والبحث والإنقاذ، وتقديم المساندة إلى السفن الأخرى وغيرها من المهام. وبحسب تصريح سابق لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تنفق السعودية 70 مليار دولار سنويًا على استيراد السلاح. وخصصت السعودية 21.5 بالمائة من موازنة 2018، للقطاع العسكري، بقيمة 210 مليارات ريال
ويقول معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وهو قاعدة بيانات مستقلة للأمن العالمي، إن "الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا هي المورّد الرئيس للرياض".