تدفق عشرات الآلاف من الأشخاص إلى حفل موسيقي مناهض للعنصرية في مدينة كيمنتس، ويهدف إلى مواجهة احتجاجات اليمين المتطرف والعنف اللذين شهدتهما المدينة الواقعة شرقي ألمانيا مؤخراً، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.
وبحسب سلطات المدينة، تجمّع نحو 50 ألف شخص تحت شعار wirsindmehr# (هناك المزيد منَّا) لمواجهة موجة احتجاجات اليمين المتطرف والنازية الجديدة التي أُثيرت على خلفية واقعة طعن مميتة اشتُبه في عراقي وسوري بارتكابها منذ أكثر من أسبوعٍ مضى.
وعقب الوقوف دقيقة حداداً على ضحية حادثة الطعن الألماني من أصل كوبي، دانييل إتش، بدأ المتحدثون في مخاطبة الحشود التي جاءت إلى الحفل رافعة لافتات تندد بالعنصرية. وقالت رولا صالح، العضوة بمجموعة شبابية في كيمنتس: "ليت هناك هذا القدر من التضامن كل يوم. وليس فقط في كيمنتس، بل في أرجاء البلد كلها".
وكان قد تقرر في بادئ الأمر إقامة الحفل قرب تمثال كارل ماركس الشاهق في كيمنتس، لكن نُقِل الحدث لمكان آخر لتوفير المساحة لحشد أكبر. وتوقع منظمو الحفل حضور أكثر من 20 ألف شخص، لكن بحلول الظهيرة تجاوز عدد الحضور هذا الرقم بكثير، فيما ذكرت الشرطة أنَّ 5 آلاف شخص وصلوا إلى الحفل على متن قطارات من لايبزيغ، كبرى مدن ولاية ساكسونيا، وحدها.
وصباح أمس الإثنين، 3 سبتمبر/أيلول، ناشدت المستشارة أنجيلا ميركل شعب ألمانيا الاحتشاد ضد الكراهية. وقال ستيفن سيبرت، المتحدث باسم ميركل: "هؤلاء الأشخاص الذين يتظاهرون ويميلون للعنف -وأظهر بعضهم كذلك دون خجل قربهم من النازية- لا يمثلون كيمنتس ولا ساكسونيا بأكملها، وهم ليسوا (الشعب) أيضاً"، في إشارة إلى هتاف: "نحن الشعب" الذي ردده اليمينيون المتطرفون ومؤيدو النازية الجديدة خلال احتجاجاتهم على مدار الأيام الماضية.
وحتى قبل بدء الحفل، أثار اصطفاف الحضور زخماً؛ إذ انتقدت أنغريت كرامب كارينباور، الأمين العام لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي ترأسه ميركل، الرئيس الاتحادي لجمهورية ألمانيا، فرانك فالتر شتاينماير، لدعمه الحفل الذي أقيم في ساحةٍ مفتوحة. وفي تصريح لصحيفة Die Welt الألمانية، أعربت كارينباور عن استيائها من مشاركة فرقة Feine Sahne Fischfilet، وهي فرقة موسيقى روك أثارت الجدل لكلمات أغانيها التي تعتنق أفكار اليسار المتطرف وتشير إلى العنف في الشوارع، وقذف الشرطة بالحجارة.
أشهر الفرق في ألمانيا كانت حاضرة
وتضمَّنَت الفرق الأخرى التي عزفت بحفل كيمنتس، فرقة Die Toten Hosen أشهر فرق موسيقى البانك في ألمانيا، وفرقة Kraftklub لموسيقى الإيندي من مدينة كيمنتس، إضافة إلى مغنيي الراب مارتريا وكاسبر.
من جانبه، قال تورالف ستاوت، مؤلف العديد من الكتب حول تعصُّب اليمين المتطرف، إنَّ هذا المزيج من الموسيقيين يظل يمثل "قطاعاً عريضاً إلى حدٍّ كبير من المشهد الموسيقي في ألمانيا"، معرباً عن اعتقاده أنَّ الحفل الموسيقي سيكون له تأثير قوي. وأضاف: "الموسيقى لها دور كبير في هذا النطاق. كما كانت دوماً أداة التوظيف الأهم للنازية الجديدة".
وعلى الحساب الخاص بالحفل على تويتر، دعا منظمو الحدث الحضور للتبرع لصندوق سيُقسَم ريعه بين عائلة ضحية حادث الطعن والجماعات المحلية المناهضة للعنصرية والفاشية.
وفي هذه الأثناء، تصاعدت وتيرة الرد السياسي على الاحتجاجات قليلاً؛ إذ ضغط سياسيون من تياري اليمين واليسار لفرض رقابة على حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف بعد أنَّ تظاهر بعض قادته في كيمنتس إلى جانب الحركة اليمينية المتطرفة "وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا).
وكانت أندريا ناليس، رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، مِن بين مَن طالبوا بفرض الدولة رقابة على الحزب. وفي تصريحات للصحافيين، قالت ناليس: "سمح حزب البديل من أجل ألمانيا لنفسه، سواء طوعياً أو كرهاً، بأن يصبح واجهة لليمينيين المتطرفين في شوارع كيمنتس".
وشهد التأييد الذي يلقاه حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي أصبح ثالث أكبر كتلة في البرلمان الألماني في سبتمبر/أيلول الماضي، ارتفاعاً عقب الاحتجاجات في كيمنتس. ووفقاً لاستطلاع رأي أجراه تلفزيون RTL، ارتفعت نسبة الأصوات المؤيدة للحزب إلى 16% بزيادة 2% نقاط، بينما انخفض تأييد الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى 17%.