مِثل الكثير من المسلمين الباكستانيين الذين يعيشون في هولندا، انزعج عثمان فردوسي عندما أعلن السياسي الهولندي اليميني المتطرف خيرت فيلدرز عن إقامة مسابقة للرسوم الكارتونية تسخر من النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وعلى بعد آلاف الأميال، هناك في باكستان، تظاهر أكثر من 10 آلاف شخص للتنديد بالمسابقة، في مسيرة نظمها حزب "تحريك لبيك" الإسلامي، الذي طالب أيضاً باكستان وباقي الدول الإسلامية بقطع العلاقات مع هولندا، بحسب ما ذكره تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، اليوم السبت 1 سبتمبر/أيلول 2018.
وقال زعيم الحزب إنه كان "سيمحو هولندا من وجه الأرض" لو كانت لديه قنبلة ذرية. فيما ألقت الشرطة الهولندية يوم الأربعاء الماضي 29 أغسطس/آب، القبض على شاب عمره 26 عاماً للاشتباه في تهديده بمهاجمة فيلدرز.
وأعلن السياسي فيلدرز مساء أول من أمس الخميس 30 أغسطس/آب إلغاء المسابقة لأنه قال إنَّ مخاطر الهجوم على هولندا كانت كبيرة جداً.
وقال فردوسي وهو يجلس في متجر بقالة عائلته في حي ترانسفال متعدد الأعراق في لاهاي: "من السهل أن تُشيع الكراهية، ولكن رد الفعل الأفضل هو الترفُّع". وأضاف: "نحن أقلية هنا، لا يمكننا خرق القوانين، أو إقامة تظاهرات مخربة، علينا العيش هنا كمسلمين، وكمواطنين مسالمين كذلك".
وقالت الصحيفة البريطانية، إن مشاعر فردوسي "عكست الاختلافات الطفيفة التي رأيناها بعد ما أجرينا حواراً مع أكثر من 10 مسلمين باكستانيين في لاهاي، الذين تتجاذبهم مشاعر الغضب التام من ناحية وولائهم للدولة وعلمانيتها من الناحية الأخرى".
وطبقاً لمكتب الإحصاء، يمثل المسلمون حوالي 6% من سكان هولندا، من بينهم حوالي 50 ألفاً فقط من باكستان.
وقال الكثير من الباكستانيين المسلمين إنَّ "التعصب الديني في هولندا كان في ازدياد، كرد فعل على هجرة المسلمين والمخاوف المتزايدة من الإرهاب في أوروبا". وأضافوا أنَّ السياسيين تلاعبوا بشبح "أسلمة هولندا"، مثل فيلدرز الذي كان يخشى طمس العادات الهولندية، لكن الكثيرين قالوا إنَّ المسابقة أثارت حالة الشد والجذب الثنائي بين الدين والدولة.
وقال محمد إقبال من كشكه في سوق لاهاي، أحد أكبر الأسواق الشرقية المفتوحة في أوروبا: "أريد إدارة متجري، وأداء عملي، والعيش في سلام وتناغم هنا. لكنَّني مُجبَرٌ على أن أقف وأقول إنَّني باكستاني ومسلم ولا يعجبني ما يحدث في هذا البلد".
وقال الكثير من الباكستانيين الذين قابلتهم The Guardian إنَّه بالرغم من أنَّ التظاهرات في شوارع باكستان والتصريحات من الحكومة زادت الضغط على فيلدرز لإلغاء المسابقة التي كان يعتزم إقامتها، لكنَّهم أيضاً أساؤوا لسُمعة لجالية ووطنهم الأصلي، وفق تعبيرهم.
وقال المحامي سردار ياسر: "حقق فيلدرز هدفه؛ لأنَّه الآن يستطيع القول انظر! المسلمون عنيفون، إنَّهم عدوانيون، لقد خرجوا إلى الشوارع ويهددون بقتلي". وأضاف: "فيلدرز هذا مهرج، وسيستمر في فعل أشياء كهذه. ماذا سنفعل؟ هل سنقتله؟ ثُمَّ ماذا؟ لن نجلب سوى السمعة السيئة لباكستان والمسلمين".
وقال رجل الأعمال محمد أرشد إنَّ "التمييز الصامت" ضد المسلمين سيتحول بالطبع إلى "كراهية تامة" إذا استمر استفزازهم من جانب أمثال فيلدرز.
وأضاف أرشد في مكتب شركة الصرافة المحلية: "نحن الباكستانيين مقبولون أكثر من المسلمين الآخرين في هولندا، لأنَّنا مسالمون. إذا كنا نريد استمرار هذا الشعور بالتسامح والقبول، إذاً يجب أن نظهر في صورة المسالمين. لا يمكننا إشعال نار الكراهية. ستحرقنا وحدنا".