قالت صحيفة Yedioth Ahronoth الإسرائيلية في تقرير نشرته صباح الثلاثاء 17 يوليو/تموز 2018، إن مصر طلبت من "حماس"، بلهجةٍ تحذيرية، تقليل أو القضاء تماماً على إطلاق البالونات والطائرات الورقية الحارقة من غزة إلى الجانب الإسرائيلي خلال أيام قليلة، وإن السلطات المصرية أمهلت الحركة الإسلامية فترة زمنية ممتدة لإعادة الهدوء إلى الحدود.
وجاء الإنذار بعدما أعلنت إسرائيل مساء الإثنين 16 يوليو/تموز 2018، أنها ستغلق معبر كرم أبو سالم التجاري للغاز وإمدادات الوقود، بعد انتهاك اتفاقية وقف إطلاق النار ظُهر اليوم ذاته، عندما أُطلق صاروخ سقط في جنوبي إسرائيل، وفق ما قالته Yedioth Ahronoth الإسرائيلية.
ترحيب إسرائيلي بتحذير القاهرة حركة "حماس" بخصوص الطائرات
ورحَّب الوزير تساحي هنغبي، الذي يشغل منصب مراقب في مجلس الوزراء الأمني لإسرائيل، بالتحذير المصري، ولكنه وصف استجابة "حماس" بأنها "غير مقبولة".
إذ يقول في لقاء له مع صحيفة Yedioth Ahronoth: "حماس تقول: سوف نحرقكم، ولكن ببطء. وهذا غير مقبول". وأضاف: "يمكن وقف هذا في الحال. كل شيء منسق، ومموَّل، ومنظَّم بأيدي حماس. وطالما استمرت نار الإرهاب، فسنستمر في تسديد ضرباتنا لحماس".
واستكمل الوزير حديثه، قائلاً إن مصر كانت تقوم بمجهودات إيجابية في هذا الصراع، "ولكن، يبدو أنها لا تحرز تقدُّماً في توضيح الأمر لحماس وأن ثمن هذا التخطيط الذي يقومون به هو أننا لن نقبل".
وبسؤاله عمَّا سيحدث إذا استمر العنف المُتبادَل كما هو الآن حتى يوم الأحد 22 يوليو/تموز 2018، وهو الموعد الذي حدَّدَته إسرائيل لإعادة فتح معبر كرم أبو سالم، أوضح هنغبي أن "حماس" غيَّرَت سياستها مؤخراً تجاه إسرائيل.
وقال: "من المهم أن تُفهَم الأمور بمرور الزمن. لمدة 3 سنوات ونصف السنة، كان هناك ردعٌ لا لبس فيه. لم توقف حماس إطلاق النار وحسب، ولكنها تصدَّت لبعض الخلايا المتمردة التي أطلقت النيران من وقتٍ لآخر".
وأضاف: "في نصف السنة الأخيرة، رأينا سياسةً جديدة تتحدانا فيها حماس مرةً تلو الأخرى. بدأت بالمسيرات واختراق السور، وانتهى الأمر بمقتل 147 فلسطينياً. من الواضح أنهم لا يضيرهم حقيقة وجود المزيد والمزيد من الجنائز في غزة".
وقال هنغبي فيما يتعلَّق بقرار إسرائيل غلق معبر كرم أبو سالم، إنه كان خطوةً ضرورية لنبعث رسالةً واضحة إلى "حماس" بأنها ستدفعون ثمن أفعالها.
وأضاف: "لا نعلم تماماً الحدَّ الذي سيصبح عنده هذا الثمن مؤثراً، ولكن لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي. لهذا اخترنا ردوداً معتدلة".
وتابَع قائلاً: "اختارت حماس أن تضع مليوني مواطن في معاناة، فضلاً عن أنهم -في الأساس- بأكبر سجن في العالم. لن يثور الجمهور الفلسطيني ضد حماس، وأنا أتفق في أن فرص حدوث هذا ضئيلة للغاية، لكن ما زال في جعبتنا الكثير لنفعله وهم لا يستحقون أي معروف".
لكن "حماس" أعلنت وفق ردِّها للقاهرة أنها غير قادرة على وقف ظاهرة الطائرات الورقية
قبل الإعلان الإسرائيلي، أعلنت مصر أيضاً في الليلة نفسها إغلاق معبر رفح بسبب عطل فني. وما زال غير واضح ما إذا كان إغلاق معبر رفح حدث من قبيل الصدفة أم بالتنسيق مع إسرائيل للضغط على "حماس" لإيقاف نشاطاتها التي تهدِّد بتصعيد الصراع على الحدود.
وكانت السلطات المصرية أغلقت مساء الإثنين 16 يوليو/تموز 2018، معبر رفح البري بشكل مفاجئ بعد ساعات على فتحه.
وقالت إدارة المعبر إنه تم إغلاق المعبر وإعادة حافلة المسافرين الوحيدة إلى غزة. وتفتح السلطات المصرية معبر رفح أمام الحالات الإنسانية 5 أيام في الأسبوع، حيث يتمكن نحو 300 مسافر من العبور يومياً.
وعلمت صحيفة Yedioth Ahronoth الإسرائيلية أيضاً أن "حماس" كرَّرت رسالةً كانت قد وصلت للقاهرة هذا الأسبوع بالفعل؛ وهي أن "حماس" غير قادرة على إنهاء هذه الظاهرة.
تذمُّر القاهرة من الطائرات الحارقة كان بسبب أنها باتت طقساً يومياً وهو ما ترفضه إسرائيل
وسبق أن قال وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إن تل أبيب لن تقبل بتحوُّل تحليقات طائرات ورقية حارقة من قطاع غزة لجنوب إسرائيل إلى ظاهرة يومية روتينية.
وفي اجتماع مع نواب عن حزب "إسرائيل بيتنا"، أوائل يونيو/حزيران 2018، قال ليبرمان: "نقول بكل وضوح، إننا غير مستعدين لقبول تحوُّل طائرات ورقية إلى شيء طبيعي. وهذا يخص أيضاً أعمال شغب قرب السياج الحدودي ومحاولات لاختراقه والمساس بأراضي إسرائيل السيادية".
ولكن "حماس" أصرت في حديثها مع مسؤولي المخابرات المصرية الذين يتوسَّطون بالمفاوضات بين الطرفين، على أن رجالهم يحاولون بكل تأكيد، تقليل عدد البالونات الحارقة. في حين يصعب إثبات مثل هذه الادعاءات في ظل المناخ المتقلب الحالي، خاصة مع نشوب العديد من الحرائق التي أحدثتها الطائرات الورقية والبالونات الحارقة على مدار يوم الإثنين 16 يوليو/تموز 2018، ولكن انخفاضاً ملحوظاً سُجِّل في عدد الإطلاقات منذ التصعيد الكبير الذي حدث بين إسرائيل و"حماس" نهاية الأسبوع الماضي.
ما تستطيع "حماس" أن تفعله هو التقليل التدريجي حتى لا يهاجمها أهالي القطاع
ويقول مصدر في غزة لصحيفة Yedioth Ahronoth الإسرائيلية: "حماس لا يمكنها وقف إطلاق البالونات دفعة واحدة؛ لأن هذا سيضر بمكانتها في أعين أهل غزة وأولئك الذين يدعمونها، والذين سينظرون إلى هذا باعتباره سقطة. لذلك، عليها فعل ذلك بالتدريج".
وبالنظر إلى إعلان إسرائيل أنها ستغلق معبر كرم أبو سالم حتى يوم الأحد 22 يوليو/تموز 2018 فقط، سنجد أنه يشير لحماس بأن إسرائيل تُفضِّل إعطاء فرصة لاستعادة السلم أكثر من الانخراط في جولة أخرى من العنف.
وكبادرة حسن نية سحبت "حماس" قواتها المنتشرة على الحدود مع الجانب الإسرائيلي بالكامل
وفي هذه الأثناء، سحبت "حماس"، الإثنين، قواتها التي كانت منتشرة على حدود قطاع غزة بالكامل، لوقف إطلاق الصواريخ من العناصر المارقة ومنع التسلل إلى إسرائيل.
وقالت وسائل إعلام عبرية، مساء الأحد 15 يوليو/تموز 2018، إن حركة "حماس" سحبت قواتها الأمنية من نقاط المراقبة التابعة لها المنتشرة على حدود قطاع غزة.
وذكرت صحيفة معاريف أنه "بعد سحب حماس قواتها باتت المنطقة الحدودية مع غزة غير خاضعة للرقابة، وهو ما يعتبر بالنسبة لفصائل أخرى ضوءاً أخضر لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل".
وأخبرت مصادر في القطاع صحيفة Yedioth Ahronoth بأن القرار جاء بعدما هاجم الجيش الإسرائيلي مركزي مراقبة عسكريَّين تابعين لقوات "حماس" يوم الإثنين؛ خوفاً من المزيد من الخسائر.
لكنَّ سحب "حماس" قواتها لا يعني توقف إطلاق الصواريخ من القطاع تجاه إسرائيل
وأُطلِقَ صاروخٌ من غزة وسقط في منطقةٍ خالية جنوبي إسرائيل مساء الإثنين، على الرغم من أن حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" أعلنتا الأحد 15 يوليو/تموز 2018، أنهما توصلتا لاتفاقِ وقف إطلاق النار بعدما شهدت المنطقة عنفاً طوال نهاية الأسبوع.
ومنذ 30 مارس/آذار 2018، تقع اشتباكات أسبوعية عند حدود قطاع غزة، وتتهم إسرائيل حركة "حماس" باستخدام المظاهرات كغطاء لتنفيذ هجمات ومحاولة اختراق السياج الأمني.
وقد شهدت مظاهرات "مسيرة العودة" أيضاً إطلاق فلسطينيين طائرات ورقية وبالونات حارقة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، أدت إلى اندلاع مئات الحرائق في جنوبي إسرائيل وأضرار تقدَّر بملايين الشواكل. وتقول وزارة الصحة في غزة، إن 135 فلسطينياً قُتلوا منذ انطلاق الاشتباكات.