تستعد كل من قطر والإمارات العربية المتحدة، المنافسَين الإقليميَّين اللذين يقودان حرباً دبلوماسية بعضهما ضد بعض، لنشر قواتهما العسكرية في أفغانستان تحت إشراف حلف شمال الأطلسي. وعلى الرغم من تلقي كلتيهما موافقة من مجلس الأمن الوطني الأفغاني، فإن القرار النهائي بشأن انضمام دول الشرق الأوسط إلى واحدة من أطول الحروب الحديثة، يجب أن يتم في بروكسل.
وحسب تقرير لصحيفة News.Ru الروسية، فإنه بقمة حلف شمال الأطلسي، التي افتُتحت في بروكسل الأربعاء 11 يوليو/تموز 2018، كانت مشاركة قطر والإمارات في الحرب الأفغانية من بين المواضيع الرئيسية التي نوقشت. وإلى حد الآن، لم يحدد حلف شمال الأطلسي الوحدات والمهام التي ستُوكل إلى كل من أبوظبي والدوحة بأفغانستان.
تدريبٌ وتقديم المشورة للقوات الأفغانية
من المتوقع أن تركز دول الخليج على التدريب وتقديم المشورة للقوات الأفغانية. وفي شهر يناير/كانون الثاني 2018، بدأت الطائرات القطرية عمليات النقل العسكري لتقديم الإمدادات للوحدات متعددة الجنسيات في أفغانستان وتوفير الدعم اللوجيستي للحملة ضد الإرهاب. وفي وقت سابق، لعبت قطر دوراً هاماً في الصراع الأفغاني من خلال التفاوض مع حركة طالبان.
وكانت صحيفة "واشنطن تايمز" قالت إن أول انتشار للقوات البرية القطرية والإماراتية في جنوب غربي آسيا سيكون جزءاً من زيادة شاملة للقوات الدولية في أفغانستان، كجزء من البعثة الاستشارية العسكرية التي يقودها حلف الناتو، والتي يطلق عليها اسم "الدعم الحازم".
طمعاً في الانضمام إلى الحلف الأطلسي
وأوضحت الصحيفة أن طائرات الشحن القطرية تسيّر رحلات إعادة الإمدادات من أفغانستان وإليها؛ دعماً للقوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي منذ يناير/كانون الثاني، و"تقديم الدعم اللوجيستي لحملة مكافحة الإرهاب التابعة لحلف شمال الأطلسي"، حسب تصريح لوزير الدفاع، جيمس ماتيس، خلال الحوار الاستراتيجي الأول بين الولايات المتحدة وقطر، والذي عُقد في واشنطن. غير أن الانتشار الميداني المقبل للقوات القطرية في أفغانستان سيكون لأول مرة على الأرض.
ويأتي القرار في أعقاب وقف إطلاق النار، الذي لم يسبق له مثيل، بين طالبان وقوات الحكومة الأفغانية، والذي بدأ في 11 يونيو/حزيران 2018، وتزامن مع شهر رمضان الماضي. وتم تمديد وقف إطلاق النار من قِبل الرئيس الأفغاني، أشرف غني، أواخر يونيو/حزيران 2018.
وخلال الفترة نفسها، وقَّعت قطر في مقر حلف شمال الأطلسي اتفاقية عسكرية أمنية مع هذه الكتلة العسكرية. وفي شهر يونيو/حزيران 2018، قال وزير الدولة لشؤون الدفاع خالد بن محمد العطية إن قطر تعتبر انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي من أهدافها الاستراتيجية. كما أكدت قطر استعدادها لاستضافة مراكز حلف شمال الأطلسي على أراضيها.
لكن "الناتو" ممنوع على غير الدول الأوروبية
وتقول صحيفة News.Ru الروسية إنه من الواضح أن التصريحات السياسية غير متطابقة مع الواقع؛ لأنه وفقاً لواشنطن تقتضي معاهدة حلف شمال الأطلسي انضمام الدول الأوروبية فقط إلى الحلف. ومن جهتها، تحاول الدوحة إثبات أهميتها على الساحة الدولية بالتدخل العسكري في الحرب الأفغانية، أما أبوظبي فتسعى لتعزيز مكانتها، خاصة أنه كان لتدخلها في الحرب اليمنية تأثير إيجابي على الساحة الدولية.
وتم اتخاذ قرار إرسال القوات العربية إلى أفغانستان، عقب وقف إطلاق النار غير المسبوق بين طالبان والقوات الحكومة الأفغانية، خلال شهر رمضان انطلاقاً من 11 يونيو/حزيران 2018. وقد أعلن الرئيس الأفغاني، أشرف غني، لأول مرة، تمديداً أحادي الجانب لاتفاق وقف إطلاق النار، ولكنه أنهاه في نهاية شهر يونيو/حزيران 2018. أما القوات الأميركية وقوات التحالف فلم تنفذ أي ضربة جوية ضد طالبان مدة أسبوعين.
لكن هذا لا يمنعهما من لعب دور رائد في العالم الإسلامي
وحسب رئيس مركز الدراسات الإسلامية في معهد التنمية الابتكارية، كيريل سيمينوف، تسعى الدوحة وأبوظبي للعب دور رائد بالعالم الإسلامي من خلال التدخل في عملية التسوية الأفغانية. واستناداً إلى الوضع الحالي، يمكن القول إن المفاوضات تسير نحو إقامة حوار بين كابول وطالبان. وبما أن الوجود العسكري في البلاد هو أحد العوامل الأساسية لدعم العملية السياسية، فإن نشر القوات القطرية والإماراتية بأفغانستان لا يعني المشاركة في عمليات عسكرية ضد طالبان.
وفي الحقيقة، أرسلت الإمارات العربية المتحدة فعلاً قواتها إلى أفغانستان، ما يؤكد تزايد الطموحات الإماراتية. وفي الوقت الراهن، يمتد الوجود العسكري الإماراتي من ليبيا إلى أفغانستان ومن سوريا إلى الصومال. في المقابل، ستصبح مشاركة قطر إلى جانب الولايات المتحدة في أفغانستان من مظاهر التعاون العسكري، ما من شأنه أن يساعد الدوحة على تخطي الوضع الصعب الذي تعيشه في خضم الحصار.