رغم التقارير الأميركية التي تناولت علاقة المحافظين بالرئيس حسن روحاني، في ظل التظاهرات التي شهدتها البلاد الأسابيع القليلة الماضية، وترجيحها احتفالاً قريباً ربما يدشنه المتشددون ضد روحاني، بسبب إخفاقاته السياسية، إلا أن دعوة الرئيس الإيراني للوحدة الوطنية قد لاقت قبولاً عند كافة أطياف اللون السياسي في إيران، بسبب الصعوبات التي تمر بها البلاد.
وفي نهاية يونيو/حزيران الماضي، دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى الوحدة الوطنية، من أجل الحفاظ على "ثقة" و"أمل" الشعب في أجواء من التوتر الداخلي المتصاعد، حيال الوضع الاقتصادي في البلاد.
وجاءت تصريحات روحاني في حين يشهد البازار الكبير في طهران، الداعم التقليدي للنظام السياسي الإيراني، إضرابا نادراً منذ الإثنين؛ احتجاجاً على التدهور المستمر في قيمة العملة الوطنية، والعقبات أمام النشاط الاقتصادي، الأمر الذي يحمِّل تجار البازار السلطة مسؤوليته.
وصرَّح روحاني في خطاب تلفزيوني لمناسبة المؤتمر السنوي الذي تنظمه السلطة القضائية، أن "وسائل الإعلام، والأساتذة الجامعيين، والخطباء، والحوزات، وكل أولئك الذين يتحدثون في العلن، والبرلمان، والنظام القضائي، جميعهم يجب أن يضمّوا جهودهم إلى جهودنا".
المحافظون كانت لهم حججهم في نقد روحاني والابتعاد عن الاصطفاف معه
وأعيد انتخاب روحاني لولاية جديدة من أربع سنوات، في مايو/أيار 2017، بدعم من الإصلاحيين. وهو يتعرَّض منذ ولايته الأولى لهجمات المحافظين، الذين يرون في الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي دليلاً على أن رِيبتهم إزاء الغرب مبرَّرة.
كما تعرَّض روحاني لاتهامات من منافسيه، بأنه تخلَّى عن الطبقات الاجتماعية الأكثر فقراً، وذلك بعد اندلاع احتجاجات خلال فترة رأس السنة في عشرات المدن الإيرانية؛ احتجاجاً على السلطات، وعلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
وفي النصف الثاني من يونيو/حزيران، بلغ التوتر الداخلي حداً دفع بعض النواب المحافظين المتشددين إلى المطالبة ببدء آلية لإقالة روحاني، وذلك بعد تراجع جديد لسعر صرف الريال، وتظاهرات غاضبة ضد السلطة في طهران.
لكن الأمور تغيَّرت فجأة، بعد كلمة ألقاها روحاني في 17 من الشهر، ودعا فيها إلى الوحدة الوطنية.
وفي تحوّل لافت، كتب حسين شريعة مداري، رئيس تحرير صحيفة "كيهان" المحافظة، في مقال: "علينا أن نضع خلافاتنا جانباً؛ لأن الأمر يتعلق الآن بالمصلحة الوطنية وبقاء الأمة".
وكتب من جهته عبدالله غانجي، رئيس تحرير صحيفة "جوان"، أن "مقاومة العدو، وصون استقلال البلاد يفرضان علينا تناسي خلافاتنا إلى وقت لاحق"، في إشارة إلى أن الهدنة ستكون محدودة.
الحرس الثوري يدعم روحاني ويصطفّ خلف تصعيده الخارجي
وفي مؤشر إلى هذا التغيُّر في الأجواء، وجَّه الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، المكلف بالعمليات الخارجية، وجَّه رسالة أشاد فيها الأربعاء، بموقف روحاني، فيما يشكل تكريساً للتغير في الأجواء.
وفي الرسالة التي نشرتها وكالة فارس، كتب سليماني: "إنني أُقبّل يدكم لتصريحاتكم الحكيمة والصائبة هذه، التي جاءت في وقتها المناسب"، في إشارة إلى تصريحات روحاني الأخيرة حول إسرائيل، والتهديدات الأميركية للنفط الإيراني.
وكان روحاني صرَّح في برن، الثلاثاء، أن بلاده "تعتبر الكيان الصهيوني غير شرعي"، وعبَّر عن شكوك حول قدرة الولايات المتحدة على منع إيران من تصدير نفطها.
وسعى روحاني خلال جولته في أوروبا إلى كسب ضمانات اقتصادية، لقاء بقاء بلاده في الاتفاق النووي الموقَّع في 2015، بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في مايو/أيار الماضي.
وكتب سليماني "إنكم بتصريحاتكم الحكيمة القيّمة والمقتدرة قد زدتم شموخ القائد العزيز والشعب الإيراني الأبي ومسلمي العالم".
وقال قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري، اليوم الخميس، إن قواته على استعداد لتنفيذ تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز، وإنه إذا لم تستطع إيران بيع نفطها بسبب الضغوط الأميركية فلن يُسمح لأي دولة أخرى في المنطقة بذلك.
ونسبت وكالة تسنيم للأنباء إلى جعفري قوله: "نأمل أن تنفذ هذه الخطة التي تحدَّث عنها رئيسنا إذا اقتضت الضرورة… سنجعل العدو يدرك أنه إما أن يستخدم الجميع مضيق هرمز، أو لا أحد (سيستخدمه)".
الوحدة الوطنية خلف روحاني ترفع سقف تصريحاته ضد سياسات ترمب
وفي إيران، تُفسر تصريحات روحاني بأنها تهديد بإغلاق مضيق هرمز عند مدخل الخليج، من حيث يمر نحو 30% من النفط العالمي الذي يتم نقله بحراً.
وخصصت الصحف الإيرانية تغطيةً كبيرة، الخميس، لرسالة قاسمي، وعنونت صحيفة "جوان" القريبة من الحرس الثوري صفحتها الأولى بـ"نراكم في المضيق"، مع صورة للجنرال والرئيس وهما يتصافحان أمام خريطة لمضيق هرمز.
كما احتلت صورة قاسمي كامل الصفحة الأولى لصحيفة "سازاندغي"، تحت عنوان: "وحدة بين الحرس الثوري والحكومة".
وكان روحاني، الذي عبَّر عن رغبة في إصلاح الاقتصاد، من خلال تطوير القطاع الخاص، وجَّه انتقاداتٍ عدة للنفوذ الذي يُمارسه الحرس الثوري في عدة مجالات في إيران.
وكان روحاني، الرئيس المحافظ المعتدل الذي أعيد انتخابه في 2017 بدعم من الإصلاحيين، من أبرز مهندسي اتفاق فيينا، مع وزير خارجيته محمد جواد ظريف. وتم توقيع الاتفاق في فيينا في يوليو/تموز 2015، بين إيران ومجموعة 5+1 (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا، بالإضافة إلى ألمانيا).
وينص الاتفاق على فرض قيود مشددة على البرنامج النووي الإيراني؛ لقاء رفع قسم من العقوبات الدولية التي تخنق اقتصاد طهران.
البحرية الأميركية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام تصريحات روحاني
وقال متحدث باسم القيادة المركزية الأميركية، الخميس 5 يوليو/تموز 2018، إن البحرية الأميركية مستعدة لضمان حرية الملاحة وحركة التجارة، وذلك بعدما هدَّدت إيران بمنع مرور شحنات النفط عبر مضيق هرمز، إذا حظرت واشنطن مبيعات النفط الإيراني.
وأضاف المتحدث بيل أوربن، وهو برتبة كابتن في البحرية، في رسالة لرويترز بالبريد الإلكتروني: "الولايات المتحدة وشركاؤها يوفرون ويعززون الأمن والاستقرار في المنطقة. ومستعدون معاً لضمان حرية الملاحة وحركة التجارة، حيثما يسمح القانون الدولي".