حقق أندريس مانويل لوبيز أوبرادور انتصاراً كبيراً في الانتخابات الرئاسية المكسيكية، وأفادت تقديرات رسمية للمعهد الوطني للانتخابات في المكسيك بأن لوبيز أوبرادور حصل على ما بين 51 و53 بالمائة من أصوات الناخبين في الاقتراع الرئاسي.
كما أقرّ المرشح خوسيه أنطونيو ميادي، من "الحزب المؤسساتي الثوري"، بخسارته وبفوز اليسار، قائلاً: "إنّ أندريس مانويل لوبيز أوبرادور حصل على الغالبية. من أجل خير المكسيك، أتمنى له أكبر النجاحات".
وأدلى الناخبون في المكسيك بأصواتهم الأحد 01 يوليو/تموز 2018 في انتخابات عامة جرت على وقع الغضب العميق جراء تفشّي الفساد والعنف.
وفي بلد يعاني من تفشي كارتيلات تهريب المخدرات، وبلغ فيه عدد عمليات القتل 25 ألفاً العام الماضي، يسود انطباع شعبي بأن الطبقة السياسية التقليدية، التي تنهشها فضائح الفساد، لا تحرك ساكناً من أجل التصدي لهذه الأزمة.
واستغل لوبيز أبرادور الملقب بـ"أملو"، 64 عاماً، غضب الناخبين من سلسلة تكاد لا تنتهي من فضائح الفساد والعنف المروع، بتقديم نفسه على أنه المرشح المناهض للمؤسسات التقليدية، الذي سيطرد "مافيا السلطة".
جملة من الملفات تنتظر اليساري الفائز
وتنتظر السياسي اليساري المخضرم أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، الذي انتخب رئيساً للمكسيك، وسيتولى مهامه في ديسمبر/كانون الأول، تحديات كبيرة من العنف المرتبط بتهريب المخدرات، إلى العلاقة المعقدة مع الولايات المتحدة.
العنف:
في 2017، سجلت 25 ألفاً و324 عملية قتل حسب السلطات. وطغى العنف أيضاً على الحملة الانتخابية التي اغتيل خلالها أكثر من 150 سياسياً، بينهم عدد من المرشحين.
وقال مايك فيجيل، الذي كان مسؤولاً في الإدارة الأميركية لمكافحة المخدرات لوكالة فرانس برس، إن "المجموعات الإجرامية تقاتل من أجل السيطرة على زراعة الخشخاش للأفيون وشبكات توزيع الهيروين، واعتقد أن العنف لن يتراجع قبل فترة طويلة".
وأضاف أن الرئيس "يحتاج إلى استراتيجية مختلفة جداً"، مشيراً إلى استخدام القوات المسلحة لمكافحة الجريمة المنظمة، ما أسهم في شرذمة الكارتيلات إلى خلايا أصغر وأعنف.
ويرى فيجيل أن مكافحة العنف تمر عبر تأهيل الشرطة المحلية واستئصال المسؤولين الفاسدين المتحالفين مع عصابات الجريمة. وقال: إنه يجب التصدي لكل مرتكبي الجرائم "من الأعلى إلى الأسفل"، وخصوصاً الذين "يحمون هذه المجموعات الصغيرة".
الفساد:
شكلت مكافحة الفساد محور الحملة الانتخابية للوبيز أوبرادور. والفساد أيضاً من المشاكل التي تثير أكبر غضب لدى المكسيكيين. وقد تورطت حكومة الرئيس إنريكي بينيا نييتو بعدد من الفضائح، بينها قيام زوجته بشراء منزل فخم بقيمة سبعة ملايين يورو، من شركة تستفيد من صفقات عامة.
وأوضح أرتورو سانشيز، الأستاذ في جامعة "تكنولوجيكو" في مونتيري أن "هناك وعياً أكبر من قبل بوجود الفساد". وأضاف أن "موضوع الفساد يستقطب غضب المجتمع واستياءه"، وأن الناخبين سيمارسون ضغوطاً باستمرار على الحكومة الجديدة لتعالج هذه المشكلة.
ترامب واتفاقية نافتا:
وقد أكد اليساري أندريس مانويل لوبيز أوبرادور الذي فاز في الانتخابات الرئاسية المكسيكية، حسب تقديرات، أنه يريد إقامة علاقات "صداقة وتعاون" مع الولايات المتحدة.
إلا أن ذلك لا يمنع أن اتفاقية التبادل الحر في أميركا الشمالية (نافتا) التي تجري المكسيك وكندا حالياً مفاوضات جديدة بشأنها مع الولايات المتحدة، تربك الآفاق الاقتصادية للبلاد.
وترى المكسيك، ثاني اقتصاد في أميركا اللاتينية، أن من الضروري التوصل إلى اتفاق؛ إذ إن ثمانين بالمائة من الصادرات المكسيكية تتوجه إلى الولايات المتحدة شريكتها التجارية الرئيسية. وستستأنف المفاوضات في يوليو/تموز على أن تستمر حتى 2019.
وقالت شركة "أوراسيا غروب" الاستشارية في مذكرة إلى زبائنها أنه "للتوصل إلى اتفاق، يجب على الولايات المتحدة أن تتبنى موقفاً أكثر ليونة، وأن تتخلى عن بعض من مقترحاتها الخلافية".
وبدون الإشارة إلى اتفاقية نافتا بالتحديد، قال لوبيز أوبرادور: إنه يريد "علاقة صداقة وتعاون" مع الولايات المتحدة.
الهجرة:
حظيت قضية الهجرة باهتمام دولي، بينما كانت مئات العائلات تهرب من عنف العصابات في أميركا الوسطى والفقر لتطلب اللجوء إلى الولايات المتحدة وبعضها إلى المكسيك. وزاد من تعقيد هذه الظاهرة موقف إدارة ترمب المعادي للهجرة، والتي أمرت بتفريق العائلات على الحدود، وتتهم المكسيك في أغلب الأحيان بأنها "لا تفعل شيئاً" لمنع المهاجرين من بلوغ الحدود الأميركية.
ويفترض أن تقوم الحكومة المكسيكية الجديدة بـ"تشجيع التنمية الإقليمية"؛ حتى لا يغادر سكان أميركا الوسطى أراضيهم. وقال أدولفو لابوردي من جامعة أناواك أن عليها أيضاً أن تعامل "بإنسانية" المهاجرين الذين يعبرون أراضيها، وتساعد الذين يريدون بدء "إجراءات قانونية" للبقاء في البلاد.
من جهة أخرى، وعد لوبيز أوبرادور بإحداث "تغيير عميق" في البلاد. وقال: "مشروعنا الوطني يطمح إلى ديمقراطية حقيقية. لا نتطلع إلى إقامة حكم ديكتاتوري، لا في الظاهر ولا في السر"، واعداً بحماية الحرية واحترام القطاع الخاص.
وكان ترمب وصف المهاجرين المكسيكيين، خلال حملته الانتخابية بأنهم "مجرمون"، وأمر في بداية ولايته الرئاسية ببناء جدار على طول الحدود التي تمتد 3200 كلم مع المكسيك.
وانتقدت مكسيكو بعنف ترمب بعد ذلك؛ لوصفه المهاجرين بـ"الحيوانات". وألغى الرئيس المنتهية ولايته إنريكي بينيا نييتو زيارتين إلى واشنطن مع إصرار ترمب على تحميل مكسيكو نفقات بناء الجدار.
تهنئة ونوايا وتطلعات ربما لا تتحقق
وهنّأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، الرئيس المكسيكي اليساري المنتخب أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، مؤكداً استعداده "للعمل معه".
وقال ترمب على تويتر: "هناك الكثير من العمل الواجب القيام به لمصلحة كل من الولايات المتحدة والمكسيك".
من جهته، أكد لوبيز أوبرادور، في خطاب بعد فوزه في الاقتراع، أنه يريد إقامة علاقات "صداقة وتعاون" مع الولايات المتحدة.
وكتب ترودو في تغريدة "تجمعنا أهداف مشتركة (..) وعلاقات تجارية تعود بالفائدة على الطرفين ويحسدنا عليها العالم- وهذا تعكسه جهودنا المشتركة التي تهدف إلى التوصل إلى اتفاق نافتا جدير بالقرن الحادي والعشرين".