قُتل 22 مدنياً على الأقل، الخميس 28 يونيو/حزيران 2018، بغارات استهدفت محافظة درعا، في حصيلة هي الأكثر دموية منذ بدء قوات النظام السوري هجومها ضد الفصائل المعارضة في هذه المنطقة الجنوبية.
وتشن قوات النظام، منذ نحو 10 أيام، عملية عسكرية واسعة في محافظة درعا، انضمت إليها حليفتها روسيا قبل أيام. وحققت بموجبها تقدماً سريعاً على حساب الفصائل المعارضة. وأدانت دول غربية عدة داعمة للمعارضة الهجوم، مطالبةً موسكو بوقف قصفها المنطقة التي ترعى فيها اتفاقاً لخفض التصعيد منذ عام.
عشرات الآلاف يفرون إلى حدود الأردن
وأجبرت العملية عشرات الآلاف على الفرار من بلداتهم وقراهم، خصوصاً في الريف الشرقي، توجَّه معظمهم إلى المنطقة الحدودية مع الأردن، الذي أكد أنه سيُبقي حدوده مغلقة.
وتُواصل الطائرات الحربية السورية والروسية، الخميس، استهداف مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في ريفي درعا الشرقي والغربي بعشرات الضربات الجوية، كما تلقي مروحيات النظام البراميل المتفجرة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان، الخميس، بمقتل 22 مدنياً على الأقل؛ جراء غارات روسية استهدفت بلدات عدة.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "17 مدنياً منهم، بينهم 5 أطفال، قُتلوا جراء غارة استهدفت قبواً كانوا يحتمون فيه ببلدة المسيفرة"، مشيراً إلى أن "أكثر من 35 غارة روسية استهدفت البلدة منذ الصباح"، غداة خروج مستشفى فيها من الخدمة جراء غارات روسية أيضاً.
وتعد هذه الحصيلة هي "الأكثر دموية" منذ بدء التصعيد على محافظة درعا في التاسع عشر من يونيو/حزيران 2018، وفق عبد الرحمن.
درعا تحترق ويهجر أهلها على يد قوات الإحتلال الروسى والإيرانى ومباركة الولايات المتحدة أمام سمع العالم وبصره ولايجد أهلها نصيرا إلا الله وكفى بالله وكيلا "مالنا غيرك يا الله " pic.twitter.com/Y2FZOR2r4g
— A Mansour أحمد منصور (@amansouraja) June 27, 2018
وتأتي هذه الحصيلة غداة مقتل 21 مدنياً جراء الغارات، في حين ارتفعت حصيلة القتلى المدنيين، منذ بدء التصعيد، إلى 93 مدنياً، وفق المرصد.
إدانة دولية
وتستعد الطواقم الطبية في أحد مستشفيات غرب درعا لاستقبال الجرحى الوافدين من المسيفرة، وفق ما قاله الطبيب بهاء محاميد، مدير عمليات اتحاد المنظمات الطبية الإغاثية في جنوب سوريا.
وقال محاميد: "بسبب عدم توافر الخدمات الطبية في الريف الشرقي والوضع الأمني، فإن معظم الإصابات تتوجه نحونا بالريف الغربي".
وخرجت 5 مستشفيات من الخدمة منذ بدء التصعيد جراء غارات طالت محيطها؛ ما تسبب في أضرار أجبرتها على إغلاق أبوابها.
وبدأت قوات النظام عملياتها العسكرية انطلاقاً من ريف درعا الشرقي، حيث حققت تقدماً ميدانياً مكَّنها من فصل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الريف الشرقي إلى جزأين، قبل أن توسّع نطاق عملياتها لتشمل مدينة درعا وريفها الغربي.
وانضمت الطائرات الحربية الروسية، يوم السبت 23 يونيو/حزيران 2018، إلى العملية العسكرية.
وتمكنت قوات النظام، منذ بدء هجومها، من السيطرة على عدد من القرى والبلدات. كما تخوض اشتباكات مستمرة قرب قاعدة عسكرية في جنوب غربي مدينة درعا، من شأن السيطرة عليها أن تمكنها من فصل مناطق سيطرة الفصائل في ريف درعا الغربي عن تلك الموجودة بريفها الشرقي.
وعادةً ما تتبع قوات النظام استراتيجية عزل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة بعضها عن بعض، في مسعى لإضعافها وتشتيت جهودها قبل السيطرة على مناطقها.
وطلبت عدة دول غربية، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، الأربعاء 27 يونيو/حزيران 2018، من روسيا وقف الهجوم.
يا لها من مصادفة حزينة ومفجعة .فبعد الانتفاضة السلمية التي قام بها اطفال درعا انذاك منذ سبع سنوات وبعد صمود اسطوري في مواجهة نظام التوحش ،ها هو مايسمى بالمجتمع الدولي ومعهم الجامعة العربية العقيمة ليسلموا درعا لسجان التعذيب والاعتقال والاختفاء والقتل .عاش صموض اطفال درعا pic.twitter.com/2YRd2z3upL
— Walid Joumblatt (@walidjoumblatt) June 27, 2018
وقال مساعد سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة جوناثان كوهين، إن "العمليات العسكرية الأحادية لنظام الأسد وروسيا في جنوب غربي سوريا تشكل انتهاكاً لوقف إطلاق النار"، الذي دعمه الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين.
ودعا السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فرنسوا دولاتر، "كل طرف، بدءاً بروسيا، إلى الالتزام بالتعهدات التي قُطعت؛ لكي يتوقف هذا الهجوم من دون تأخير".
وحذرت سفيرة بريطانيا وكذلك سفيرا هولندا والسويد من تكرار ما حصل في حلب (شمال) والغوطة الشرقية، قرب دمشق، أي قصف دموي كثيف ثم استعادة السيطرة على مناطق، مع احتمال التوصل إلى اتفاقات إجلاء مع فصائل المعارضة.
وتعد محافظات الجنوب إحدى مناطق خفض التصعيد الأربع في سوريا. وقد أُعلن فيها وقف لإطلاق النار برعاية أميركية-أردنية في يوليو/تموز 2017.
"افتحوا الحدود للأطفال"
وتركَّز القصف الجوي، الأربعاء 27 يونيو/حزيران 2018، على ريف درعا الجنوبي الشرقي.
وأوردت منظمة الخوذ البيضاء في الجنوب، (الدفاع المدني بمناطق المعارضة)، على حسابها بـ"تويتر"، أن عشرات الغارات الجوية استهدف بلدات عدة مثل بصرى الشام والحراك والكرك؛ "ما تسبب في حركة نزوح واسعة".
كما أفاد المرصد السوري بأن القصف يطول حالياً مناطق ذات كثافة سكانية.
ويعيش نحو 750 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة، في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، والتي تشمل 70 في المائة من محافظتي درعا والقنيطرة.
وتحدَّث رئيس مجموعة الأمم المتحدة للعمل الإنساني في سوريا، يان إيغلاند، الخميس 28 يونيو/حزيران 2018، عن فرار نحو 50 ألفاً منهم على الأقل منذ بدء الهجوم. ويتوجه غالبيتهم إلى المنطقة الحدودية مع الأردن، الذي أعلن عدم قدرته على استيعاب موجة لجوء جديدة، مؤكداً أن حدوده "ستظل مغلقة".
وأعربت منظمات إغاثية وانسانية عدة خشيتها من مصير المدنيين، وطالب بعضها الأردن بفتح حدوده.
وفي مدينة درعا حيث يتواصل القصف على الأحياء الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، قال المقاتل أحمد أبو حازم (26 عاماً): "الأهالي ذهبواً جميعاً. لم يبقَ أي مدني".
وأضاف: "افتحوا الحدود فقط من أجل الأطفال والنساء".