قالت مصادر إن جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران ألمحت إلى استعدادها لتسليم إدارة ميناء الحديدة إلى الأمم المتحدة، في انفراجة محتملة لصراع أثار أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وتعهدت السعودية والإمارات بعملية عسكرية سريعة للسيطرة على المطار والميناء دون دخول وسط المدينة وذلك لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين والحفاظ على تدفق السلع الأساسية.
ويقول السعوديون والإماراتيون الذين تدخلوا في حرب اليمن عام 2015 إنهم يجب أن يستعيدوا السيطرة على الحديدة لحرمان الحوثيين من مصدر دخلهم الرئيسي ولمنعهم من جلب الصواريخ.
ويعد ميناء الحديدة نقطة أساسية لدخول إمدادات الإغاثة لليمن. في وقت يحذر فيه مسؤولون في الأمم المتحدة من أن أي قتال واسع النطاق في المدينة قد يهدد حياة عشرات الآلاف.
وقال مصدر عسكري يمني مؤيد للتحالف في تصريح لوكالة رويترز: "الخطة هي تأمين المطار ثم التقدم على الطريق غير الساحلي من بيت الفقيه للسيطرة على الطريق السريع المؤدي إلى صنعاء وكذلك طريق حجة".
أميركا تتحرك
وتوجه مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث إلى العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين كما زار مدينة جدة السعودية هذا الأسبوع في محاولة للتفاوض بشأن حل.
وقال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة تحث السعوديين والإماراتيين على قبول الاقتراح. وذكر مصدر دبلوماسي بالأمم المتحدة أن التحالف أبلغ جريفيث بأنه سيدرس الاقتراح.
وأضاف المصدر أن الحوثيين ألمحوا إلى أنهم سيقبلون بسيطرة الأمم المتحدة الكاملة على إدارة الميناء وعمليات التفتيش فيه.
وذكر دبلوماسي غربي أن الأمم المتحدة ستشرف على إيرادات الميناء وستتأكد من إيداعها في البنك المركزي اليمني. ويقضي التفاهم بأن يظل موظفو الدولة اليمنية يعملون إلى جانب الأمم المتحدة.
من جانبه، قال الدبلوماسي الغربي: "أعطى السعوديون بعض الإشارات الإيجابية في هذا الصدد وكذلك لمبعوث الأمم المتحدة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وصدرت عن الإماراتيين أيضاً همهمات إيجابية لكن لا يزال الطريق طويلاً أمام الاتفاق".
وحذرت المصادر من أن الخطة ما زالت بحاجة لموافقة كل أطراف الصراع ولن تؤدي في مراحلها الأولية على الأقل إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وقال جريفيث في بيان أمس الخميس إنه تحمس "بفضل التواصل البناء" للحوثيين وسيعقد اجتماعات مع الرئيس اليمني المعترف به دولياً عبد ربه منصور هادي.
ولم يرد تعليق عن سفارتي السعودية والإمارات في واشنطن حتى الآن. ولم يتسن الوصول إلى ممثلين عن الحوثيين للتعقيب.
تسليم السلاح مطلب للتحالف
وتدخل التحالف بقيادة السعودية في الحرب عام 2015 لوضع حد لسيطرة الحوثيين على المراكز السكانية الرئيسية ولإعادة الحكومة المعترف بها دولياً.
وأدلى عبد الله المعلمي سفير السعودية في الأمم المتحدة بتصريحات في المنظمة الدولية أكد فيها على مطلب التحالف وهو خروج الحوثيين من المدينة تماماً مشيراً إلى التقدم البطيء الذي يحرزه جريفيث.
وأضاف أن ما يعرضه التحالف على الحوثيين هو تسليم أسلحتهم للحكومة اليمنية والمغادرة في سلام وتقديم معلومات عن مواقع الألغام والعبوات الناسفة بدائية الصنع.
وطالب مسؤول إماراتي، جماعة "أنصار الله" (الحوثي) بالانسحاب الكامل وغير المشروط من مدينة "الحديدة"، غربي اليمن، وذلك من أجل تجنب تردي الأوضاع الإنسانية في المدينة الواقعة على البحر الأحمر.
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، في سلسلة تغريدات عبر "تويتر"، إن "الانسحاب الكامل غير المشروط لميليشيات الحوثي الانقلابية من الحديدة، ومينائها يعتبر السبيل الوحيد، لتجنب تردي الأوضاع في المدينة والمناطق المحيطة بها".
وقال محمد عبد السلام المتحدث باسم الحوثيين أمس الخميس "إيجابية صنعاء في التعاطي مع الأمم المتحدة بشأن إيرادات الميناء كانت كافية لقوى العدوان أن تنزل من شجرة الاستكبار لكنها أصرت على حماقتها وتبين أن الهدف هو تدمير اليمن أرضاً وإنساناً واستلاب قراره السيادي بإحكام السيطرة على مواقعه الاستراتيجية ومنافذه وموانئه".
حرب شوارع تخوفات من نزوح
وبحسب شهود عيان، فإن الحوثيين حفروا خنادق في معظم الشوارع الجنوبية، لإعاقة تقدم القوات الحكومية، ونصبوا سواتر ترابية خلف الحاويات، وتمركز القناصة في المباني المرتفعة.
وقال شاهد عيان، للأناضول، إن "المسلحين صنعوا خندقاً كبيراً في طريق الكورنيش جوار المحكمة التجارية، بالإضافة إلى خندق آخر في شارع صنعاء، وآخر في حارة اليمن".
والثلاثاء الماضي، شنت مقاتلات التحالف العربي غارات على حفار في دوار "يمن موبايل"، كان الحوثيون يحفرون به خندقاً. ويستعد الحوثيون لحرب شوارع في المدينة، فالأحياء السكنية تشكل نقطة قوة لهم، وفق مراقبين عسكريين.
وتسببت عمليات الحفر بتدمير شبكة المياه وانقطاعها عن العديد من الأحياء السكنية، ما أجبر السكان في الجهة الجنوبية والغربية على النزوح. ويحاول سكان آخرون الحصول على المياه من المواقع التي بدأت تتسرب منها المياه، لكنهم يخشون القصف الجوي من التحالف، وأصبحت مسألة الحصول على المياه مخاطرة.
وتشهد أحياء وسط وشمالي المدينة حالة من الهدوء، وبدت المدينة شبه فارغة من السكان حيث أغلقت المحال التجارية أبوابها، عدا بعض المطاعم والمتاجر الصغيرة في الشوارع الرئيسية.
ومعظم محطات تموين الوقود للسيارات مغلقة، وقلما تُفتح بعضها لساعات فقط، مما ينذر بأزمة في الوقود، بينما توقفت وسائل المواصلات العامة، سواء الجماعية أو التاكسي.
وعقب انسحابهم من المطار -الذي يُعد مساحة مفتوحة واسعة -انتشر الحوثيون في حيي الربصة وغليل وطريق صنعاء وحي الكورنيش جنوبي المدينة، ونشروا مدرعات ودبابات جوار قاعة سبأ.
ويشكل ميناء مدينة الحديدة التي يسكنها نحو 600 ألف نسمة، المدخل الرئيسي للمساعدات الموجهة إلى ملايين السكان. لكن التحالف يرى فيه منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولتهريب الصواريخ التي تطلق على السعودية. ويعتمد نحو 22 مليون نسمة في اليمن على المساعدات الإنسانية، بينما يواجه 8.4 مليون خطر المجاعة.