في موسكو منافَستان على مستويَين يتقاطعان دائماً؛ الأول على مرأى الملايين وفي الملاعب الخضراء، والثاني بالمكاتب وخلف الأبواب لبطولةٍ يملك صاحب الكلمة الأخيرة فيها كأساً من نوع آخر.
لا، السياسة والرياضة ليستا منفصلتين، واليوم باتت كرة القدم بشكل خاص تلعب دوراً كبيراً خارج الميدان وعلى مستوى العلاقات الدولية.
ويبدو أن هذه اللعبة، التي تتمتع بشعبية كبيرة، باتت تلعب دوراً أكبر في نشر القيم الغربية، أو بالتحديد نشر الحداثة، بالعديد من البلدان العالم.
من أبرز الأمثلة على ذلك، ما حدث مؤخراً على هامش دورة كأس العالم في روسيا. فداخل المنصة الشرفية بملعب لوجنيكي، جلس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، جنباً إلى جنب، وتبادلا الابتسامات والحديث بينما كانت الأهداف الروسية تدك المرمى السعودي.
يفتخر بن سلمان بأنه رائد الحداثة في بلاده، مقدِّماً مشروع "رؤية 2030″، الذي يسعى من خلاله لتجاوز ما حققته بلدان أخرى خلال وقت وجيز.
ومؤخراً، صرح رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية تركي آل الشيخ، وهو شاعر وموسيقي، قائلاً: "كنا في سُبات فترة طويلة، ولكننا استيقظنا الآن وسندهشكم".
"رؤية 2030" تعتمد في المجال الرياضي على دعم مالي يبلغ 100 مليار دولار، وذلك بالتعاون مع مجموعة "سوفت بانك" اليابانية. ونجح القائمون على الشأن الرياضي بالمملكة في تنظيم مباراة السوبر الإيطالي بين فريقي يوفنتوس وميلان بمدينة الرياض (حصل كل فريق على نحو 3 ملايين يورو)، ولكن الآن يبدو أن هنالك طموحات رياضية أكبر، وفق ما نشرته صحيفة Calciomercato الإيطالية.
عين على روما وأخرى على كأس العالم
يتمثل الهدف الأول في تنظيم مسابقة رياضية عالمية، وهي كأس العالم للأندية، وقد تم تقديم مقترح في هذا الغرض لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو، في أثناء استقباله بقصر اليمامة في الرياض. وسترصد السعودية لهذا الحدث 25 مليار دولار.
أما الهدف الثاني، فيُعَدُّ أكثر صعوبة وتعقيداً، ويتمثل في تقديم موعد التغييرات التي تعتزم "الفيفا" إدخالها على كأس العالم في سنة 2026، لتصبح نافذة منذ دورة 2022. ستجعل هذه التغييرات عدد المنتخبات المشاركة يرتفع من 32 إلى 48 منتخباً. وتأمل السعودية أن تستغل هذا الوضع لتتقاسم تنظيم هذه المسابقة مع قطر؛ ومن ثم تسرق منها جزءاً من الأضواء.
تحمل هذه الخطوة مغزىً سياسياً كبيراً، بالنظر إلى أن القطيعة الأخيرة بين قطر والسعودية.
ولا تقتصر طموحات السعودية على تنظيم مسابقات عالمية؛ بل تأمل أيضاً دخول مجال الدوريات المحلية، حيث يتجه اهتمام السعودية نحو الأندية الأوروبية. فبعد أن اشترى القطريون نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، والإماراتيون فريق مانشستر سيتي الإنكليزي، يبدو ولي العهد السعودي مهتماً بدخول عالم الدوريات الأوروبية الكبرى. وبالنظر إلى صعوبة تحقيق هذا في الدوري الإسباني، يبدو أن الأنظار تتجه نحو إيطاليا.
أكد هذا الأمر آل الشيخ في تصريح لصحيفة La Gazzetta dello Sport الإيطالية.
كانت الأنظار تتجه نحو شراء نادي ميلان، ولكنه فقد الكثير من بريقه بعد تجربته الفاشلة مع مالكه الصيني.
والآن، يبدو أن الاهتمام يتجه نحو فريق روما، الذي لعب به اللاعب المصري محمد صلاح، نجم نادي ليفربول الإنجليزي حالياً.
ويواجه النادي مشاكل عديدة أدت إلى تعثُّر أشغال البناء في ملعبه الجديد، وهو أمر سبب الإحباط لرئيس النادي، الملياردير الأميركي جيمس بالوتا، الذي بدأ يفقد صبره.
ولطالما كان بالوتا متعلقاً بنادي روما، ولكن في ظل تراكم المشاكل والصعوبات بإيطاليا، يبدو أنه بات يفكر جدياً في بيع النادي والعودة للاستقرار بمدينة بوسطن.