تضيع الدول التي تمتلك ترسانات نووية ضخمة أموالها هباءً، لأن 100 صاروخ تكفي لخوض حرب نووية، وأي زيادة في عدد الرؤوس ستأتي بنتيجة عكسية، حسب دراسة جديدة.
ويوجد 15 ألف رأس حربي نووي حول العالم، يمتلك أغلبيتها الأميركيون أو الروس، ومع ذلك، فقد حدَّد باحثون أنه لا تستطيع دولة واحدة إطلاق أكثر من 100 رأس نووي، دون أن تتسبب في سلسلة من الأحداث الكارثية التي سيتم الشعور بتأثيرها في تلك الدولة ذاتها، حسب ما نقلت صحيفة The Telegraph البريطانية عن الدراسة.
والدراسة تم نشرها بصحيفة Safety، بمناسبة قمة سنغافورة التاريخية بين الرئيس ترمب وكيم جونغ أون، حيث تعهد كلا الزعيمين بنزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية.
"الشمس ستغيب" وحتى المنتصرون سيلاقون الويلات.. الخريف النووي أسوأ مما تتخيل
وفي أول ممارسة من نوعها، قام العلماء بتحليل "ردة الفعل البيئية" لأي ضربة نووية أحادية ضخمة.
واستناداً إلى النماذج التي تتضمن المواد القابلة للاحتراق في المدن، قام العلماء بحساب كمية التلوث والغبار الذي سينتشر في الهواء جراء الانفجارات وغياب الشمس الناتج عن ذلك، والأضرار التي ستلحق بالغلاف الجوي.
فوجد العلماء أن "الخريف النووي" الناتج عن ذلك الدمار سوف سيضر بالإنتاج الزراعي بنسبة تصل إلى 20%، وهي نسبة تكفي للتأثير على نقص الغذاء، حتى في الجانب الآخر من العالم، أي لدى الطرف المنتصر في الحرب النووية المفترضة.
وهذا ما يحدث إذا قصف الولايات المتحدة الصين بألف رأس نووي
وفي حال قيام الولايات المتحدة بإطلاق 1000 رأس نووي، سوف تبلغ أعداد القتلى الأميركيين 50 ضعف ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001، حسبما أظهرت النماذج، وفقاً لما ذكره البروفيسور جوشوا بيرس، أحد مؤلفي الدراسة.
وقام فريق بيرس بتحليل الاعتداء الأميركي المفترض على الصين، باستخدام 7000 صاروخ أو 1000 صاروخ أو مائة فقط.
فوجدوا أنه حتى الاعتداء الأصغر سوف يودي بحياة 30 مليون شخص على الأرجح خلال الانفجارات الأولية.
ومن المتوقع أن يؤدي تأثر الغلاف الجوي إلى انخفاض حاد في درجة حرارة العالم، وتراجع سقوط الأمطار بنسبة 19%، وزيادة انتشار الأشعة فوق البنفسجية.
ولكن هذا يخالف تماماً فكرة الردع النووي التي قامت عليها استراتيجية الدول العظمى
وقد تضمَّن مفهوم الردع النووي تاريخياً الاعتقاد بأنه كلما كانت الترسانة أكبر، قلت احتمالية أن يهاجمك الخصم.
ومع ذلك، يرى العلماء بجامعة ميشيغان التكنولوجية وجامعة ولاية تينيسي بالولايات المتحدة، أنه لا يوجد سبب فعلي كي تحتفظ أي دولة بأكثر من 100 صاروخ نووي.
وتوجد تسع دول تمتلك أسلحة نووية بصفة رسمية هي: الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا والصين والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن لندن تمتلك حالياً نحو 215 رأساً حربياً نووياً، وتتألف قوة الردع البريطانية من غواصات نووية، أربع موجودة بالبحر ومستعدة للانطلاق في أي وقت من الأوقات.
ورغم التزام كل من حزب المحافظين وحزب العمل بصفة رسمية بتجديد برنامج ترايدنت النووي، فقد أعرب جيريمي كوربن، زعيم حزب العمال البريطاني المعارض عن رغبته في إلغائه.
وبموجب نزع السلاح المقترح بالدراسة الجديدة، سوف ينخفض إجمالي عدد الرؤوس الحربية على المستوى العالمي إلى 900 أو أقل (يبدو على أساس 100 رأس لكل دولة نووية).
ورغم ذلك فكل هذه الخسائر المتوقعة لا تشمل الحسابات طويلة الأجل
"فمن خلال 100 سلاح نووي، لا تزال تمتلك الدولة رادعاً نووياً، ولكنها تتجنب ردة الفعل المحتملة الناجمة عن الخريف النووي الذي يقتل شعبها"، حسب البروفيسور جوشوا بيرس، أحد مؤلفي الدراسة .
"وينبغي ألا تمتلك أي دولة أسلحة نووية تزيد عن العدد اللازم للوصول إلى معدلات غير مقبولة لرد الفعل البيئي في حال استخدام تلك الأسلحة".
وتحذر الدراسة من أن تقديرات الخسائر طويلة الأجل التي سوف تعاني منها الدولة المعتدية سوف تكون أكبر من التوقعات كثيراً، التي لا تعكس سوى الوفيات المتوقعة بصورة مباشرة، والناجمة عن نقص الغذاء، ولكنها لا تعكس العنف والاضطرابات التي يسببها ذلك.