أبلغت وزارة التنمية الدولية البريطانية مجموعات الإغاثة بوضع خطط طوارئ لهجومٍ وشيك على ميناء الحديدة الاستراتيجي، وهي الخطوة التي قد تُعرِّض الإمدادات الإنسانية للبلد بالكامل، الذي تضربه المجاعة، للخطر.
وجاء في الإخطار الذي أُرسِلَ إلى وكالات الإغاثة، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية: "إنَّنا نبذل كل ما بوسعنا عبر القنوات الدبلوماسية لدرء هجومٍ على الحديدة. لكن رغم هذه التحركات، يبدو أنَّ هجوماً عسكرياً بات وشيكاً الآن"،
وأضاف: "الإماراتيون أبلغونا اليوم أنَّهم سيمنحون فترة سماح للأمم المتحدة (وشركائها) لمغادرة المدينة. يُرجى اتخاذ الاحتياطات اللازمة كافة للاستعداد لهذا، ودعونا نعلم إذا ما كان بمقدورنا فعل أي شيء للمساعدة بأي طريقة. إنَّنا نفكر فيكم وفي موظفيكم بهذا الوقت الصعب".
وقال أليستر بيرت، وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في تغريدة له: "نشعر بقلقٍ عميق إزاء عدم حصول منظمات الإغاثة على الضمانات الأمنية التي تحتاجها للعمل بأمان في اليمن. على كل أطراف الصراع أن تسمح بوصولٍ إنساني آمن وسريع وبلا عوائق لكل مناطق اليمن".
الموقف الأميركي غامض
وبحسب The Guardian، يبدو أنَّ الضغط على الإمارات للموافقة على وقفٍ لإطلاق النار ليس له تأثير كبير، وحكومة الولايات المتحدة الأميركية غير مستعدة للذهاب إلى حد الإضرار بالعلاقات مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان؛ بسبب قضية مهمة للغاية بالنسبة للرياض، بحسب الصحيفة البريطانية.
وأصدرت الأمم المتحدة بياناً عاماً الجمعة 8 يونيو/حزيران 2018، تقول فيه إنَّه في مخططها للسيناريو الأسوأ، قد يُقتَل نحو 250 ألف شخص كنتيجة لهجومٍ على الحديدة. ويوفر ميناء المدينة المُطِل على البحر الأحمر أكثر من 80% من المساعدات لليمن، من ضمن ذلك المساعدات التجارية والإنسانية.
وتسيطر قوات الحوثيين على الميناء منذ أكثر من عامين، وتنظر الولايات المتحدة والتحالف السعودي إليه باعتباره طريقاً يُهرِّب الحوثيون عبره الأسلحة، وضمن ذلك الصواريخ التي تُستخدَم في مهاجمة السعودية.
وأشارت تقاريرٌ السبت 9 يونيو/حزيران 2018، إلى أنَّ منطقة الجاح السفلي جنوب المدينة قد انتقلت لسيطرة التحالف، في معركةٍ ضارية. ويقول خبراء محليون إنَّ الهجوم على الحديدة من شأنه أن يكون "حلب اليمنية"، بحسب الصحيفة البريطانية.
وتجري جهود من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة لإبلاغ الإمارات والسعودية أنَّ هذا العمل ربما يؤدي إلى قطع المساعدة الأميركية للتحالف السعودي-الإماراتي في اليمن.
مطالبات بموقف أميركي قوي
وأثار كلٌ من السيناتور الجمهوري تود يانغ والسيناتورة الديمقراطية جين شاهين هذا التهديد بالفعل. وقالا: "تلحق الحرب الأهلية وكبرى أزمات العالم الإنسانية في اليمن ضرراً غير مقبول بمصالح أمننا القومي وتُفاقم المعاناة الإنسانية المفجعة. على الولايات المتحدة أن تستخدم نفوذها لإقناع السعودية والإمارات بالسعي إلى حلٍ دبلوماسي عاجل لإنهاء الحرب الأهلية"، بحسب الصحيفة البريطانية.
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس العموم البريطاني، توم توغندات، هو الآخر إنَّه كان "يسمع تقارير مُقلِقة للغاية تفيد بأنَّ الإمارات ربما تكون على وشك مهاجمة الحديدة. من شأن هذا أن يكون خطأ، وستكون له تبعات إنسانية وبيئية هائلة".
وقال المخططون العسكريون إنَّ شن أي هجوم، ليس من المرجح فقط أن يتسبب في كارثة إنسانية؛ بل من شأنه أيضاً أن يكون خطأً استراتيجياً من الناحية العسكرية. وأشارت منظمات غير حكومية إلى أنَّ أي هجومٍ عسكري ينتج عنه عرقلة المساعدات الإنسانية قد يجعل أطراف الصراع عُرضة لعقوبات الأمم المتحدة بموجب القرار 2216، بحسب الصحيفة البريطانية.
ويجري مارتن غريفيث، المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مباحثاتٍ مع الأطراف كافة؛ للتوسط في تسويةٍ سياسية، لكنَّه يخشى من أن يؤدي هجوم عسكري جديد كبير إلى جعل خططه تبدو لا لزوم لها.
وقالت ليز غراندي، منسِّقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، الجمعة 8 يونيو/حزيران 2018، إنَّ وكالات الإغاثة الإنسانية "تخشى، في أسوأ السيناريوهات المطولة، أن يفقد نحو 250 ألف شخص كل شيء، حتى حياتهم". ويعيش 600 ألف مدني في الحديدة وحولها.
وقالت غراندي: "قطع الواردات عبر الحديدة لأي مدة من الوقت، سيضع سكان اليمن في خطر شديد غير مبرر".
شريان الحياة الإنساني لليمنيين
وقال ديفيد ميليباند، الرئيس والمدير التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية، إنَّ "ميناء الحديدة شريان حياة إنساني لسكان اليمن. ومن الضروري الحفاظ على الإمدادات الإنسانية. ومن جديد، نُكرِّر أنَّ أي اعتداء على الحديدة يُمثِّل تهديداً خطيراً للحياة وسبل العيش. إنَّنا نحث مجلس الأمن الدولي على الاجتماع؛ للمطالبة بضماناتٍ فورية للحفاظ على هذا المرفق الحيوي".
وأضافت لجنة الإنقاذ الدولية أنَّه في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2018، قُدِّر أنَّ ميناء الحديدة استقبل واردات طعام أكثر من أكبر 3 موانئ تالية مجتمعة. وقالت إنَّ مستويات واردات الغذاء والوقود الحالية إلى اليمن بالفعل غير كافية لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، وإنَّه لا يوجد بديل عملي ليحل محل ميناء الحديدة.
وقال ميليباند: "الحديدة مجتمعٌ حي يضم 400 ألف شخص، من ضمن ذلك طاقم لجنة الإنقاذ الدولية الذي يعمل على مشروعات ضرورية مُنقِذة للحياة في الصحة والمياه النظيفة والحفاظ على الصحة العامة. لقد غادر بعض السكان المدينة بالفعل، ولا يتحمل آخرون تكلفة المغادرة. أولئك الناس لا خيار لهم إلا الانتظار ورؤية كيف تسير الأحداث الواقعة خارج سيطرتهم".