في غرة يونيو/حزيران، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد في موسكو، حيث تعتبر هذه الزيارة السابعة، خلال السنوات الخمس الماضية، التي يقوم بها بن زايد إلى روسيا.
أكد بن زايد في زيارته الأخيرة إلى روسيا، في أبريل/نيسان 2017، على مدى تطور العلاقات بين البلدين وتميزها
ومن جهته، أكد الزعيم الروسي، أن "دولة الإمارات العربية المتحدة، تعتبر شريكاً موثوقاً به في منطقة الشرق الأوسط منذ فترة طويلة". وأضاف بوتين موضحاً أن المذكرة الموقَّعة حول التعاون والشراكة الاستراتيجية ستكون "خطوة جيدة في سبيل دعم العلاقات الثنائية".
وصل ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد إلى موسكو، مساء 31 من مايو/أيار. ووفقاً لصحيفة Khaleej Times، كان برفقته مستشار الأمن الوطني طحنون بن زايد آل نهيان، ووزير الدولة للشؤون الخارجية أنور محمد قرقاش، ونائب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني علي بن حماد الشامسي، وعدد من رجال الدولة الآخرين.
قنوات الاتصال بين أبوظبي وموسكو مفتوحة في جميع القضايا الدولية
وفي زيارته الأخيرة في سنة 2017، أكد بن زايد أن قنوات الاتصال بين أبوظبي وموسكو مفتوحة على مناقشة جميع القضايا الدولية والإقليمية، خاصة أنه بإمكان روسيا أن تلعب دوراً هاماً في ضمان الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط.
لذلك هذه العلاقة فريدة من نوعها..
فمنذ إنشاء دولة الإمارات العربية المتحدة سنة 1971، عملت روسيا على تطوير العلاقات معها. ولذلك، تقول صحيفة news.ru الروسية، إن العلاقات الثنائية بين البلدين فريدة من نوعها، علماً أن المجتمع الروسي في الإمارات أكبر مما هو عليه في بقية دول الخليج العربي. كما يعد الأكثر نشاطاً بالمقارنة مع بقية الروس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وبدوره، أكد السفير الروسي لدى الإمارات، ألكسندر إيفيموف وجود 25 ألف مواطن روسي في الإمارات، فضلاً عن 15 ألف شخص ناطق باللغة الروسية من بلدان أخرى.
ففي العام أعلن البلدين عن قرار غير مسبوق؛ حول اعتزامهما المشاركة في تطوير مقاتلة روسية من الجيل الخامس.
وعلى الرغم من عدم وضوح الخطوط الأساسية لهذا التعاون الذي أعلن في معرض الدفاع الدولي آيدكس سنة 2017، إلا أن روسيا شدَّدت على التزامها بتوفير أفضل مشاريع البحث والتطوير، بينما تحرص الإمارات على التأكيد على استعدادها لتمويل التطورات الروسية في المجال العسكري.
كما دعمت الإمارات تطوير أنظمة الدفاع الجوي الروسية بانتسير-إس1. وفي سنة 2016، كانت لها مساهمة في رأس مال شركة "فيرتوليوتي روسيي" أي "مروحيات روسيا".
وفي العديد من المناسبات، تشاركت أبوظبي وموسكو وجهات نظر متشابهة حول قضايا متعلقة بالشرق الأوسط.
على سبيل المثال، تعارض الإمارات العربية المتحدة بشدة الإسلام السياسي، وفي المقام الأول ما يعرف بجماعة "الإخوان المسلمين".
خلال سنة 2014، دعمت كل من أبوظبي والرياض الانقلاب على الإخوان في مصر، ما أدى إلى وصول الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي إلى السلطة. ومن جهتها، تجمع موسكو ومصر علاقات وثيقة، التي تكتسي في الوقت الراهن، طابع الشراكة الاستراتيجية. كما تتفق الإمارات مع مصر وروسيا في دعم خليفة حفتر في ليبيا.
وفي اليمن، تبنت الإمارات أهدافاً إقليمية طموحة، ما دفعها للانضمام إلى المملكة العربية السعودية، في سبيل تحقيق مصالحها، فيما أكدت أنها تسعى لردع المطامع الإيرانية في المنطقة.
ومن وجهة نظر الصحيفة الروسية، فإن موسكو تعتبر نشطة دبلوماسياً فيما يتعلق بالقضية اليمنية، وبالتالي، يمكن القول إن أبوظبي وموسكو تملكان نقاطاً مشتركة في هذا الصدد للتفاوض حولها.
أما من الناحية الاقتصادية، فتحافظ الإمارات وروسيا على علاقات قوية
حيث وقع إنشاء صندوق استثماري مشترك بقيمة 7 مليارات دولار، كما تعمل أكثر من 300 شركة روسية في الإمارات. وفي هذا السياق، أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى أنه "في السنة الماضية نما حجم التبادل التجاري بنسبة 31%، وفي الربع الأول من هذه السنة، ارتفع بنسبة 70%".
لذلك لا بد من لقاءات مستمرة لمناقشة الأدوار التي تقوم بها كل من روسيا والإمارات في المنطقة
ووفقاً لما أكده الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية ومدير مركز الدراسات الإسلامية في معهد التنمية الابتكارية كيريل سيمونوف، ما فتئ دور الإمارات العربية المتحدة في الشرق الأوسط يتعمَّق ويمتد على نطاق أوسع. ولكن من المهم بالنسبة لها العودة للموقف الروسي في المنطقة لمعرفة مدى التوافق بينهما وإيجاد أرضية مشتركة للحوار حول أهم قضايا الساعة، ولتبادل وجهات النظر حول تسوية الصراعات في سوريا واليمن وليبيا ومكافحة الإرهاب، بشكل أساسي.
وفي سوريا، يتوافق الموقف الإماراتي بشكل كبير مع المصالح الروسية، لذلك تولي موسكو أهمية كبيرة للنقاش مع الإمارات حول القضية السورية.
يذكر أن الإمارات تعتبر الأقل من بين دول الخليج عداء لنظام بشار الأسد.
وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات تمول تيار الغد السوري، الذي يلعب دور الوسيط في ضمان التواصل بين الجانب الروسي والمعارضة السورية. وتعتبر الإمارات من بين دول الخليج الأقل عداء لنظام بشار الأسد.
في الأثناء، تستطيع موسكو توظيف العداء بين أنقرة وأبو ظبي لصالحها، خاصة أن الإمارات تميل لدعم "قوات سوريا الديمقراطية"، بينما تصف الوجود التركي في سوريا بغير الشرعي. وغالباً ما تضع الإمارات تركيا في مقارنة بإيران، معتبرة أن عليها التوقف عن التدخل في شؤون الدول العربية.
ومن ضمن اهتمامات الإمارات أيضاً المشاركة النشطة لروسيا في تسوية الأزمة اليمنية
فمن الواضح أن مواقف وقرارات موسكو في هذا الصدد ستكون لصالح أبوظبي. وعلى الرغم من مستوى الاتصال المنخفض بين روسيا والحوثيين، إلا أن ذلك لا يعني أن موسكو ستدعم الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي.
وكحلٍّ وسط بالنسبة للإمارات وروسيا، قد يكون نجل الرئيس السابق، على عبدالله صالح، أحمد علي عبدالله صالح هو الأنسب لتولي زمام الحكم في البلاد.
ومن المتوقع أن كلاً من روسيا والإمارات ستدعمان صالح الابن
علما أن هناك اتصالات مباشرة بين موسكو وبين أحمد صالح. وعلى ما يبدو سيحاول الجانب الروسي تكثيف العمل مع عناصر المقاومة في الجنوب الموالية للإمارات، خاصة أن العديد من الشخصيات اليمنية كان لها علاقة بالاتحاد السوفيتي.
كما أن الدولتين لديهما توافق فيما يخص الملف الليبي..
فالإمارات تحاول لعب دور الوسيط بين طرابلس وطبرق إلى جانب مصر وفرنسا.
وبشكل عام، ترفض أبوظبي بشكل قطعي أي شكل من أشكال الإسلام السياسي، ولهذا يبدو موقفها أكثر توافقاً مع موقف موسكو بالمقارنة مع بقية الأطراف النشطين من دول مجلس التعاون الخليجي.