أدرجت وزارة الخزانة الأميركية أراس حبيب، رئيس بنك بغداد، ضمن ثلاثي فرضت عليهم عقوبات مالية، على قائمة الإرهاب بتهمة نقل أموال إلى الحرس الثوري الإيراني، وحسب صحيفة The Washington Post الأميركية اتهمت الولايات المتحدة رئيس بنك بغداد باستخدام بنك "البلاد" الإسلامي الذي يديره لنقل الأموال بين طهران وحزب الله اللبناني.
ولم تمهل الإدارة الأميركية المسؤول العراقي الوقت الكافي للاحتفال يوم الإثنين 14 مايو/أيار 2018، بفوزه بمقعد في البرلمان العراقي بعد الانتخابات التي شهدتها البلاد يوم السبت 12 مايو/أيار 2018؛ إذ تفجرت الفضيحة حتى قبل أن يؤدي اليمين.
وأنكر أراس حبيب بشدة، الاتهامات الأميركية الأربعاء 16 مايو/أيار 2018، وأشار إلى أن توقيت فرض العقوبات منتقىً بعناية لإفساد فوزه في الانتخابات. وقال إن فرض العقوبات عليه يستند إلى "افتراءات"، وتعهَّد باتخاذ الإجراءات القانونية في العراق والولايات المتحدة؛ لإثبات أن الادعاءات "بلا أساس".
وقال رئيس بنك بغداد في بيان: "سنقدِّم أدلة دامغة إلى البنك المركزي في العراق، الذي يُعَدُّ الهيئة الرقابية الوحيدة التي نخضع لها".
وجاء إدراج اسم النائب العراقي في خانة العقوبات، ضمن الجولة الأخيرة من العقوبات المالية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران منذ إعلان الرئيس ترمب، الأسبوع الماضي، الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
ويسلط إدراج حبيب على قائمة العقوبات الضوء على مدى السيولة التي يمكن أن تكون عليها العلاقات بين العراق وإيران والولايات المتحدة، حتى في ظل احتدام التنافس بين طهران وواشنطن.
وترشَّح حبيب للانتخابات على قائمة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، السياسي المعتدل الذي كان خيار واشنطن التكتيكي في انتخابات السبت. وكان أداء قائمة العبادي دون المستوى المتوقع، غير أن تعقُّد عملية تشكيل ائتلاف برلماني يمكن أن يسمح له بالحفاظ على كرسي رئيس الوزراء.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان لها، إن حبيب سهَّل لفترة طويلة نقل الأموال إلى الجماعات العراقية المدعومة من إيران، وإن أنشطته مكَّنت من "استغلال القطاع المصرفي العراقي" لنقل الأموال من طهران إلى حزب الله، بما عرَّض نزاهة النظام المالي العراقي للخطر".
ولو ثبت صحة الاتهام الموجَّه لحبيب، فسيسلِّط هذا الضوءَ على قدرة إيران على استخدام مؤسسات الدولة الهشة لخدمة مصالحها في المنطقة.
وتقول الصحيفة إنه بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، تغلغلت إيران داخل البنية السياسية للعراق من خلال رموز سياسية استفادت من الدعم المالي والسياسي الإيراني لمحاربة الديكتاتور صدام حسين. (أُطيح بصدام حسين بفعل الغزو العراقي وأعدم عام 2006).
حادثة تسببت في الحرج للولايات المتحدة
وتعيد واقعة حبيب إلى الأذهان حادثة مشابهة عام 2007، تسببت في إيقاع الولايات المتحدة بحرج شديد، وكانت من أوائل الحوادث التي أشارت إلى خطأ الأميركيين بشكل كامل في تقديرهم لقدرتهم على تشكيل الديمقراطية العراقية الناشئة لتتماشى مع سياساتها.
ودعمت واشنطن بقوة، نوري المالكي ليشغل منصب رئيس الوزراء في العراق، غير أنها ما لبثت أن اكتشفت أن ائتلافه الشيعي الحاكم تضمَّن مشرّعاً عراقياً يُدعى جمال جعفر محمد، والمشهور بلقبه أبو مهدي المهندس. حُكم على أبو مهدي بالإعدام في الكويت خلال ثمانينيات القرن العشرين بزعم تفجيره سيارة مفخخة في السفارتين الأميركية والفرنسية لدى العراق.
وفرَّ المهندس إلى إيران بعد أن اكتشف الأميركيون صِلاته بالتفجيرات، وعاد عقب انسحاب القوات الأميركية من العراق عام 2011، وسطع نجمه منذ ذلك الحين، ليصبح قائداً بالغ النفوذ لمجموعة من الميليشيات ذات الأغلبية الشيعية التي نشرها العراق لمحاربة تنظيم داعش. ولا يزال المهندس مقرَّباً من الحرس الثوري الإيراني، ويتلقى المال والتدريب منه للميليشيا العراقية التي يقودها.
وحبيب غير مُتهمٍ رسمي بالإرهاب، غير أن العقوبات تمثل بدايةً غير موفَّقة لمساره التشريعي وتثير تساؤلات عما يُزعم من اعتداله ووسطيته.
ووفقاً للموقع الإلكتروني لحبيب، بدأ اهتمامه بالسياسة قبل الغزو العراقي حين انضم إلى المجلس الوطني العراقي، وهي المجموعة المعارضة التي سبق أن تزعَّمها أحمد الجلبي والتي لعبت دوراً كبيراً في حث إدارة الرئيس جورج بوش على الإطاحة بصدام حسين.
وقال حبيب إنه تولى قيادة المجموعة حين تُوفي الجلبي عام 2015. وتذكر السيرة الذاتية المنشورة على الإنترنت لحبيب، أنه "لا يكلُّ ولا يملُّ في محاربة الطائفية"، وأنه "يحث على الاعتدال ويشجع الليبرالية؛ أملاً في تأسيس دولة المؤسسات".