طالب مجلس الخبراء الإيراني، رئيسَ البلاد حسن روحاني بالاعتذار للشعب "لعدم مراعاته الخطوطَ الحمراء التي وضعها المرشد علي خامنئي حيال الاتفاق النووي".
جاء ذلك في بيانٍ صدَرَ عن رئيس مجلس الخبراء الإيراني أحمد جنتي، الأحد 13 مايو/أيار 2018، ونُشر على موقع المجلس على شبكة الإنترنت. وأضاف البيان: "المرشد الإيراني علي خامنئي كان ضدَّ المفاوضات النووية"، مبيناً أنه "لم تؤخذ الضمانات اللازمة من دول 5+1 في الاتفاقية".
ولفت إلى أن خامنئي أكد مراراً أنه لا يأمل شيئاً من المباحثات، مضيفاً: "لم يتم مراعاة الخطوط الحمراء للمرشد الإيراني في هذه الاتفاقية". وتابع: "على روحاني أن يكشف بطريقة شفَّافة الخسائرَ الناجمة عن الاتفاقية، وأن يعتذر للشعب الإيراني". ويتولَّى مجلس الخبراء الإيراني، مهمة انتخاب المرشد ومراقبته، ويتألف عدد أعضائه من 88 شخصاً.
وتنبَّأ مسؤولون ومحلِّلون أن المحافظين في إيران سيزيدون الضغوط على الرئيس حسن روحاني، مباشرةً بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلغاء الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية.
وقال مسؤولون إيرانيون، إن قرار ترمب يُمهِّد الطريقَ أمام عودة الاقتتال السياسي داخل الهيكل المعقّد للسلطة في إيران، كما أن إلغاء الاتفاق قد يجعل ميزانَ السلطة في صالح المحافظين، الذين يسعون لتقييد قدرة روحاني المعتدل نسبياً على الانفتاح على الغرب.
وقال مسؤول إيراني كبير لوكالة رويترز، طالباً عدم نشر اسمه، إن القرار الذي سيتَّخذه ترمب سيوازيه استعراضٌ لوحدة الموقف في طهران، مضيفاً: "عندما تنتهي الأزمة سيُحاول المحافظون إضعاف الرئيس وتهميشه".
مخاطر كبيرة على روحاني
وقال أحد أقارب الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، إنه لا يمكن للرئيس أن يتوقع أي ضعف في نظام حكم رجال الدين في إيران، نتيجة للغموض المحيط بالاتفاق النووي، مما يعني أن "روحاني سيكون في وضع الخاسر".
والمخاطر ستكون كبيرة بالنسبة لروحاني، فإذا انهار الاتفاق فإنه قد يصبح ضعيفاً من الناحية السياسة، لأنه روّج للاتفاق الذي أدى إلى رفع العقوبات غير النووية، مقابل كبح طهران برنامجها النووي.
وقال المحلل السياسي حميد فرح فاشيان: "سيؤدي ذلك أيضاً إلى ردِّ فعلٍ عنيف ضدَّ المعتدلين والمؤيدين للإصلاح، الذين دعموا سياسة التقارب مع الغرب التي انتهجها روحاني، وستتلاشى أي آمال للتحديث في البلاد خلال المستقبل القريب".
لكنَّ الأمر ينطوي على توازنٍ حسَّاس، فخامنئي يدرك أن الإيرانيين، الذين تظاهر الكثيرون منهم في الشوارع هذا العام احتجاجاً على ارتفاع أسعار الغذاء، لا يمكنهم تحمُّل ضغوط اقتصادية كبيرة.
غير أن المؤسسة لا تريد الكثيرَ من الانفتاح على الغرب، رغم الفوائد الاقتصادية المحتملة. وقال مسؤول كبير آخر، إن روحاني الضعيف غير القادر على تطبيق مثل هذه السياسات سيُكمل على الأرجح فترته التي تنتهي في عام 2021، مضيفاً أن "عزله سيكون علامة على ضعف النظام. سيضر بشرعيته في الخارج. لكن سيُلقى عليه اللوم وسيواجه ضغوطاً بسبب الضائقة الاقتصادية".
وكان خامنئي قد منح روحاني دعماً حذراً، عندما فتح الرئيس المجال للدبلوماسية النووية مع القوى العالمية، من أجل إنهاء العزلة السياسية والاقتصادية لإيران.
لكن نفور الزعيم الأعلى من الولايات المتحدة يظل حاجزاً ضخماً في طريق أي حل دبلوماسي الآن، لذلك فإن انسحاب ترمب سيجعل من الصعب على روحاني السعي وراء علاقات أفضل مع الغرب.
وقال مسؤول آخر في الحكومة الإيرانية "ستجعل السياسات الداخلية من الصعب، إن لم يكن من المستحيل على روحاني، السعي وراء التقارب مع الغرب، وتقديم تنازلات مقابل مكاسب اقتصادية".