7 أيام مرت على جريمة منطقة الرحاب شرقي القاهرة التي أصبحت حديث المصريين، ليس فقط بسبب ما أوقعته من ضحايا البالغ عددهم 5، بل لتضارب الأسباب وراءها ففي حين اعتقد الكثيرون أن القاتل هو الأب تبين بعد ساعات قليلة أن مجرماً "محترفاً" هو من نفذ تلك العملية.
ونشرت صحيفة الوطن المصرية يوم الجمعة 11 مايو/أيار معلومات قالت فيها إن النيابة العامة لم تحسم طبيعة القضية حتى اللحظة وهل قتل ربّ الأسرة زوجته وأولاده ثم انتحر أم أنهم جميعاً قتلوا. كما طرحت الصحيفة بعض الأسئلة التي قالت إنها ستحل لغز الجريمة التي نسجت حولها أحاديث كثيرة.
لكن مصدرا قريبا من التحقيقات قال لـ"عربي بوست"، إن الصحف المصرية وإن كانت على صلة ببعض المصادر في أجهزة الأمن، إلا أن كثيرا مما يثار حول هذه القضية مبني بالأساس على تكهنات نابعة من أحاديث ذوي الضحايا وأصدقائهم، وليست نابعة من معلومات.
وأضاف المصدر، مبدئياً لا يمكن لجهات التحقيق أن تفصح عن تفاصيل التحقيقات لأنها سرية ومن ثم فإن الحديث عن تحديد عدد معين من المشتبه بهم أو حصر دوافع الجريمة في أسباب بعينها هو نوع من التكهن إلى حد كبير.
فالمعلومات الاهم لم تعلن بعد عن القضية
وتابع "حاليا يتم تفريغ كاميرات مراقبة الفيلا لشهور مضت، وسيشمل التفريغ كاميرات الفلل المجاورة، كما أن مسؤولي الحراسة خضعوا وسيخضعون لتحقيقات موسعّة".
ومسؤولو الأمن في المدينة هم موظفون مدنيون تابعون لشركة "الوطنية" للحراسات، وهي شركة تابعة لجهاز خدمات القوات المسلحة.
أحد الحراس السابقين بالمدينة قال لـ"عربي بوست"، إن فرد الأمن لا يستطيع "إجراء تحقيق" مع الداخل والخارج، كما أنه عملياً مكلف بحراسة الشارع وليس المباني. وأضاف "الحارس شخص بسيط لا يحمل سلاحا حتى، ووظيفته أن يسأل الزائر عن الفيلا التي يقصدها، وبمجرد أن يذكر له اسم أحد سكان المجموعة، فإنه يسمح له بالدخول.
وفي الوقت الذي نشرت صحف مصرية أخباراً حول تورط مافيا أراضي الأوقاف في القضية، نفى مصدر قريب من التحقيقات لـ "عربي بوست" ذلك مضيفاً "إن أقارب الأسرة هم من نشروا هذه التكهنات".
وبسؤال المصدر المقرب من التحقيقات عن وجود خلاف قضائي بين الوالد القتيل وآخرين، وما تداولته الصحف على لسان شقيقه (رأفت) بشأن سرقة بعض أوراق القضية، قال المصدر "هذه أمور لا أستطيع تأكيدها.
وأكد المصدر أن تناول بعض التفاصيل التي يفترض أنها سرية، لو كانت حقيقية أصلا، كتبادل رسائل بين الضحية وآخرين، "ربما" يدفع هيئة التحقيق لاستصدار قرار من النائب العام بحظر النشر في القضية، لكن هذا يتوقف على أمور لا يمكن ذكرها.
ورغم أننا حاولنا معرفة الدائرة الضيقة المشتبه بها، إلا أن المصدر رفض ذلك، واكتفى بالقول إن مرتكبي الجريمة أو بعضهم "معروفون حالياً لجهات التحقيق تقريباً"، لكن ليس إلى درجة إعلان أسمائهم.
ولفت المتحدث إلى أن بعض المصادر الأمنية قد تلجأ لإرضاء معارفهم من الصحفيين بتسريب معلومات عن تعاملات الوالد القتيل المالية كون الأجهزة الأمنية تعرف الكثير عن الجميع وخصوصا رجال الأعمال، لكن هذا لا يعني أن ما يتم تسريب من مشكلات مرتبط بالقضية أساساً. قد تكون هناك أمور أخرى أكثر ارتباطاً من كل المعلن.
وكان سكان شارع مصطفى لطفي المنفلوطي، بمدينة الرحاب، استيقظوا يوم الأحد 6 مايو/أيار، على رائحة كريهة، فوجئوا أنها ناتجة عن مقتل جارهم عماد سعد، القاطن في فيلا رقم 27، وزوجته وأولاده الثلاثة، رمياً بالرصاص.
مصدر في النيابة قال في وقت سابق لـ "عربي بوست"، إن التقارير التي تشير إلى أن التنفيذ تم باحترافية شديدة تجعل شخصاً واحداً يقتل 5 أشخاص بطلقات دقيقة في الجبهة، لا يمكن القطع بها، وإن النيابة العامة تذهب إلى أن التنفيذ تم عن طريق أكثر من شخص.
وأضاف المصدر أن تصور النيابة لما حدث هو أن مجموعة من الأشخاص تمكنوا من تثبيت الضحايا الخمس في صالة الفيلا، وقاموا بتصفيتهم واحداً تلو الآخر، أمام عين أبيهم، الذي تشير التقارير الأولية إلى أنه كان آخر من قُتل.
هذه الطريقة التي "تشبه طريقة المافيا"، كما يقول المصدر، تؤكد أن ثمة دوافع، وربما شخصيات كبيرة وراء ارتكاب الجريمة على هذا النحو، فالقتل كان مقصوداً به الانتقام بلا شك.
وتابع المصدر "الجاني، أو الجناة للدقة، دخلوا إلى الفيلا بشكل طبيعي، ثم تمكنوا من السيطرة على الوضع، وغالباً كانوا يتحدثون مع الأسرة خلال التصفية، إما على سبيل التوبيخ أو التهديد لمعرفة شيء ما، وبالتالي فقد وقعت عمليات القتل في مرات منفصلة كنوع من التنكيل بالأب، أو التهديد له؛ لأنه غالباً أصل الخلاف، ولذا كان آخر من تم قتله".
المصدر قال إن الدلائل تؤكد تعدد مرتكبي الواقعة والتصفية الجماعية، بمعنى أن الضحايا جميعاً كانوا في مكانٍ واحد، ثم تم توزيع جثثهم على أماكن مختلفة كمحاولة لتضليل العدالة.
كما أن الضرب في المواجهة يؤكد تعدد الجناة، لأنه لو كان شخصاً واحداً لحدثت حالة من المقاومة أو الفوضى أو الصراخ، أو على الأقل لقتل بعضهم من الظهر خلال محاولته الهرب، لكن طريقة القتل تؤكد سيطرة الجناة التامة على الوضع، كما أن غياب دور كلب الحراسة يؤكد أن دخول المكان كان طبيعياً جداً.