أكبر شركة للتنقيب عن الذهب بإثيوبيا يملكها رجل أعمال سعودي.. أديس أبابا تستجيب لمواطنيها وتلغي ترخيصها

اضطرت الحكومة الإثيوبية إلى وقف رخصة التعدين الممنوحة إلى أكبر شركة للتنقيب عن الذهب في البلاد والمملوكة لرجل الأعمال السعودي محمد العمودي MIDROC.

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/11 الساعة 13:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/11 الساعة 13:13 بتوقيت غرينتش

اضطرت الحكومة الإثيوبية إلى وقف رخصة التعدين الممنوحة إلى أكبر شركة للتنقيب عن الذهب في البلاد والمملوكة لرجل الأعمال السعودي محمد العمودي MIDROC. وجاء هذا القرار عقب التظاهرات الواسعة للسكان المحليين ضد قرار تمديد رخصة التعدين لهذه الشركة لمدة 10 سنوات تالية.

وأفادت شركة FANA Broadcasting Corporate التابعة للدولة أن وزارة المناجم والبترول والغاز الطبيعي، أوقفت ترخيص تعدين الذهب لـ Lega Dembi التابعة لشركة ميدورك MIDROC.

وأكدت الوزارة أن هذا القرار جاء على خلفية الاحتجاج من جانب سكان منطقة "غوجي" في منطقة أوروميا، والذين احتجوا منذ أسابيع على أنشطة شركة ميدورك، بسبب الآثار البيئية والصحية المترتبة على عمليات التنقيب في المنطقة.

وكانت الحكومة الإثيوبية وافقت في أواخر أبريل/نيسان 2018 على تجديد الترخيص لـ MIDROC لمواصلة عملياتها في موقع بالقرب من مدينة Shakiso ونهر Lega Dembi. وكان ذلك التجديد هو ما ولد الاحتجاجات.

أسباب الاحتجاجات

ويبدو أن حالة التغيير في الوضع السياسي بالبلاد، ألقت بظلالها على الكثير من المشاكل وشجعت المواطنين على الاعتراض وطلب حقوقهم. وكانت شركة MIDROC واحدة من الشركات التي واجهت غضباً واعتراضات واسعة من السكان من قبل المواطنين في المناطق التي تنقب فيها الشركة للبحث عن الذهب منذ فترة طويلة.

ونقلت مواقع إثيوبية عن نشطاء أورومو، إن الاحتجاجات وصلت إلى حد قطع إمدادات الكهرباء والماء عن المنجم في أوج مظاهراتهم.

وكانت شركة ميدروك وقعت اتفاقاً مع الحكومة للتعدين عن الذهب في تلك المناطق، لمدة 20 عاماً، وانتهت تلك الفترة خلال الأيام الماضية، فتقدمت الشركة بطلب للحكومة لتمديد الاتفاق لفترة ثانية، ووافقت الحكومة المركزية والإقليمية لأروميا على التمديد لمدة 10 سنوات أخرى.

هذا القرار لاقى رفضاً من سكان تلك المناطق لأسباب متعلقة بالصحة البيئية. إذ يتهم السكان الشركة باستخدام مواد كيميائية في عملية التنقيب عن الذهب، وهو ما تسبب في تضرر صحة المواطن والماشية والبيئة الزراعية لسكان المنطقة. كما أن سكان هذه المناطق لم يستفيدوا من نتائج هذا المشروع .

فخرج أهالي منطقة أدولا في إقليم أروميا في تظاهرات، أدت لإغلاق الطرقات، وتبعهم عدد كبير من المواطنين في مدن أخرى من الإقليم، مما أدي لتدخل قوات الشرطة التي اشتبكت مع المواطنين لفض التظاهرات، فتسببت في مقتل شخصين وإصابة آخرين إصابات بالغة.

ازداد غضب المواطنين وتجددت التظاهرات منذ يومين، فقدمت وزارة التعدين والبترول والغاز الطبيعي بياناً لكافة وسائل الإعلام حول الأحداث، مؤكدة فيه أن الخلاف سببه القصور في تزويد المواطنين بالمعلومات في وقتها بمجرد تمديد العقد.

الحكومة تبحث هذه الأضرار

وبحسب وزير الدولة بوزارة التعدين والبترول والغاز الطبيعي تيدروس قبري اقزابهير، فإن "الاعتراضات والاحتجاجات وإغلاق الطرق في بعض المناطق جاءت نتيجة عدم تفهم قضية  المواطن، وكان يجب أن يتم منحهم كامل المعلومات والتوضيحات حول أهمية النشاط".

وأضاف أنه تم إنشاء لجنة لإجراء دراسات تضم عضوين من جامعة أديس أبابا، وخبراء آخرين للبحث حول تلك الأضرار المزعومة.

ولكن مازال الغضب يجتاح المواطن في تلك المنطقة متمثلاً في أن شركة ميدروك لم تقدم أي فوائد تذكر للمنطقة وأن سكان المنطقة لم يستفيدوا من تلك الكميات الكبيرة من الذهب التي تصدر للخارج.

وقالت الوزارة من خلال باشا فاجي، مديرة العلاقات العامة والاتصالات، إنه سيتم تكليف هيئة مستقلة بإجراء تقييم لأثر عمليات MIDROC.

وبدون تحديد المدة التي سيستغرقها التقييم، قال المسؤول إنه بحسب النتيجة التي سيتم التوصل لها، فستتخذ الحكومة الخطوة التالية بشأن هذه القضية.

من هي ميدروك للتعدين؟

هي إحدي شركات مجموعة ميدروك إثيوبيا القابضة، والتي تمتلك العديد من مناجم الذهب على نطاق واسع في مختلف المناطق. أهم تلك المناجم هو منجم للذهب في لغا دمبي، بإقليم أروميا بجنوب إثيوبيا، وهي واحدة من أكبر شركات التعدين في إثيوبيا.

تمت خصخصة هذه المؤسسة ومنحها لـ"ميدروك إثيوبيا" في عام 1997. إلى جانب منح رخصة التعدين لهذه الشركة، لتكون الشركة الوحيدة للتنقيب عن الذهب في البلاد.

وبدأ استخراج الذهب من منجم لغا دمبي في أغسطس/آب 1998. ومتوسط ​​إنتاجه السنوي يبلغ 4.5 طن. إذ يعتبر أكبر منجم لاستخراج الذهب في شرق إفريقيا.

وتعود ملكية الشركة إلى رجل الأعمال المولود في إثيوبيا الشيخ محمد العمودي الذي اعتقلته المملكة العربية السعودية في حملة قمع ضد الفساد.

لدى العمودي مصالح تجارية كبيرة في إثيوبيا وهو واحد من أغنى الرجال في القارة. وقالت السلطات المحلية إن الأمر خارجها وطلبت من أوروميا والحكومة الفيدرالية التدخل في الأزمة.

مشروع لغا دمبي

قبل 20 عاماً، حصلت شركة ميدروك على امتيازات من الحكومة للعمل في هذا الموقع، والذي يبلغ مساحته 900 كيلومتر مربع، بميزانية تقدر بحوالي 192 مليون بر إثيوبي (حوالى 7.11مليون دولار أميركي).

ومن المعروف في إثيوبيا أن أي مشروع استثماري يتم منحه لأي مستثمر، يكون على حساب أراضي المزارعين في تلك المناطق التي تستقطع منهم ويتم تعويضهم بأموال أو بأراضي أخرى في مناطق قريبة منه. هذا ما يجعل الاحتجاجات تجتاح البلاد من حين لآخر.

وواجه هذا المشروع في السابق احتجاجات أخرى من فترة طويلة، بحجة أن المشروع لم يخدم المنطقة ولم يحقق مكاسب لسكان المناطق المجاورة له.

مطالب المواطنين

قام العديد من المسؤولين بزيارة المنطقة التي شهدت الاحتجاجات، فعقد وزير الدفاع الإثيوبي موتما مغاسا نقاشات مع المواطنين حول الأحداث وكيفية وضع حلول لها.

وقال "حتى إن كان هناك عقد بين الشركة والحكومة، فإذا كان المواطنون يرفضون هذا النشاط، لا يجب عليهم الانتظار حتى انتهاء فترة العقد  بعد 10 سنوات، بل يجب الرضوخ لطلب المواطنين فوراً".

وقال مواطنون على هامش هذا اللقاء مع وزير الدفاع، "الموت لابد منه يوماً ما ولكن أن نموت بالتلوث هذا ليس صحيحاً". مضيفاً "نحن لا نكره التنمية أو عمليات التعدين، أنا أعمل في هذا المجال، ولكن إذا كان عملي يضر بالمجمتع فلماذا لا أتركه".

وقال وزير الدفاع "لقد تناقشنا مع المواطنين حول الأضرار التي تحدثوا عنها بخصوص المواد الكيميائية، لقد خاطبنا العديد من الجهات المختصة لإجراء الدراسة حول هذا الموضوع، وأكدت لنا أن المواد لا تضر بالمواطن أو البيئة أو الحيوان، ولكننا نحتاج لدراسات أخرى للتأكد من ذلك".

وأصدرت وزارة التعدين والطاقة والغاز الطبيعي بياناً قدمه وزير التعدين لوسائل الإعلام قال فيه إنه بناء على الشكاوى التي تقدم بها العديد من المواطنين في المنطقة حول أن شركة ميدروك إثيوبيا للتنقيب عن الذهب تستخدم مواد كيميائية في عملية التنقيب عن الذهب في منطقة أدولا وما حولها، فإن المواطنين في شكواهم تحدثوا عن أن تلك المواد أضرت ببيئتهم وصحة الإنسان وصحة الحيوان، وعليه تم إلغاء التصديق الذي منح لشركة ميدروك للتنقيب عن الذهب في تلك المناطق من قبل الوزارة".

لماذا المطالبة بإلغاء العقد الآن؟

بالرغم من أن عقد الشركة السابق كان يمتد لـ 20 عاماً، إلا أن المواطنين لم يخرجوا في تظاهرات إلا عقب تجديد العقد لفترة أخرى. هنا السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا خرجوا الآن بعد أن ظلوا صامتين لمدة 20 عاماً؟

قال أحمد، وهو إعلامي إثيوبي رفض التصريح باسمه، إنه يعتقد أن الحراك السياسي الذي تشهده البلاد هو السبب، وذلك في ظل حرية التطرق لأي مطالب يعلم الكثيرون أن إمكانية الاستجابة لها ستكون عالية في ظل التغييرات التي تشهدها البلاد.

وأضاف أنه في السابق كان من الصعب التصدي لأي مشروع تنموي، لكن "الآن يمكن ذلك لسرعة استجابة الحكومة لمطالب الشعوب عقب الأحداث الأخيرة".

ويقول الصحفي الإثيوبي عبدو أحمد المتخصص في الشأن الأورومي: "أعتقد أن الحكومة هي من تحاول إثارة مثل هذه القضية في هذا الوقت، لأن الموضوع له أكثر من 20 عاماً، وأعتقد أن الهدف هو إشغال الرأي العام في البلاد".

تحميل المزيد