تحوّلت إحدى العبارات المنسوبة إلى المرجع الشيعي المعروف علي السيستاني خلال موسم انتخابات 2018، الى رمز انتخابي رفعته غالبية الأحزاب العراقية الجديدة، على اعتبار أنه يعني الحض على عدم انتخاب الجيل السياسي السابق، وانتخاب الوجوه الجديدة بديلاً منه.
وكان الشيخ العراقي عبد المهدي الكربلائي، وكيل السيستاني، بمعرض التعليق على تشكيل حكومة عام 2014، ردد مقولة "من جرب المجرب حلت عليه الندامة"، ليتم اختصار العبارة لاحقاً إلى "المجرب لا يجرب"، وتتحول إلى شعار انتخابي للأحزاب والائتلافات والكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات العراقية عام 2018.
وكان رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر كتب في رد على استفسار من أحد أنصاره تعليقاً على مقولة المرجعية الدينية، إن "مقولة المجرب لا يجرب يجب أن تطبق، سنعمل على ذلك بكل ما آتانا الله من قوة وحب لدى الشعب العراقي، ويجب ألا تُكسر مقولة المرجعية بأي صورة من الصور".
وارتفعت عبارة "المجرب لا يجرب" على لافتات انتخابية كثيرة وإعلانات تلفزيونية، وانشغلت برامج كثيرة بتفسيرها، ونشَر كُتابٌ مقالاتٍ في تفسيرها، وتضاربت آراؤهم بتضارب المواقف السياسية منها، كما استخدمها المرشحون الجدد لحض الناخبين على عدم انتخاب أي من السياسيين السابقين والاستعانة بأجيال سياسية جديدة.
مكتب السيستاني: كلمة المرجعية واضحة للجميع
رأى مكتب المرجع الديني الشيعي السيد علي السيستاني أن تفسير الأحزاب والكيانات السياسية للعبارة غير صحيح، مؤكداً أن كلمة المرجعية واضحة لدى جميع العراقيين.
وذكر مصدر في مكتب السيستاني لـ"عربي بوست"، إن "بعض الأحزاب والكيانات السياسية تحاول استغلال كلمة المرجعية الدينية ومقولتها الشهيرة التي اطلقت سابقاً لتشويه الناخبين في يوم الاقتراع".
وأوضح المصدر، أن مقولة المرجعية الدينية التي أطلقت عبر وكلائها في الانتخابات السابقة "واضحة لدى جميع العراقيين، وعلى الناخبين اختيار الأصح والشخصية المناسبة والكفوءة لتمثيلهم في البرلمان والحكومة المقبلة".
تحالف الصدر: نسير وفق مقولة المرجعية ولا نملك شخصيات فاسدة
ورأى عزت رحيم الطائي المرشح للانتخابات النيابية العراقية عن "تحالف سائرون" بقيادة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، إن تحالفه يسير وفق مبدأ المرجعية الدينية السيستاني، ووفق مقولة الصدر الإصلاحية "شلع قلع"، مضيفاً "كل منها شجعنا للتنافس الانتخابي والحصول على مقاعد نيابية أكثر في مجلس النواب العراقي".
وقال الطائي لـ"عربي بوست"، إن "مقولة المرجعية الدينية في النجف الأشرف (المجرب لا يجرب) واضحة للجميع، ولا تحتاج إلى نقاش كل إنسان دخل العملية السياسية سواء كان شخصية فاسدة أو غيرها".
وأضاف أن مقولة المرجعية ضمان عدم وصول الفاسدين ومن شاركهم بالفساد إلى مجلس النواب والحكومة المقبلة.
وأوضح الطائي أن السيستاني والصدر كل منهما أراد إجراء إصلاح سياسي في العملية السياسية بسبب الأزمات المتراكمة على العراق بعد احتلاله عام 2003، مؤكداً أن "تحالف سائرون يسير وفق مبدأ ومقولة المرجعية الدينية، ولا يمتلك شخصيات شاركت في الحكومات السابقة أو متهمة بالفساد".
وأشار الطائي إلى أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قرر في الأشهر الماضية تجميد عمل كتلة الأحرار النيابية التي كانت تابعة له لمدة 4 سنوات من أجل إعطاء فرصة لشخصيات جديدة وكفوءة وتكنوقراط وتطبيق مقولة الصدر "شلع قلع"، ومقولة السيستاني "المجرب لا يجرب".
وذكر أن "تحالف سائرون" لا يحتسب على جهة معينة، هو "تحالف وطني يضم شخصيات وجوه جديدة وكفوءة من التيار الصدري والحزب الشيوعي العراقي والأحزاب المدنية الأخرى من أجل إصلاح العملية السياسية، بعد فشل الأحزاب والكتل السياسية في الحكومات المتعاقبة التي مرت على العراق"، على حد قوله.
واختتم حديثه بالقول إن "تحالف سائرون" يعمل على تشكيل كتلة نيابية تكون ورقة ضغط على الكتل السياسية الأخرى لتشكيل حكومة تكنوقراط في العراق لإخراج البلاد من "الخندق الطائفي والحزبي والقضاء على الفاسدين في مؤسسات الدولة"، وإنعاش الاقتصاد العراقي ومحاسبة الشخصيات المسؤولة عن سقوط الموصل بيد تنظيم داعش ومجزرة سبايكر.
تحالف العبادي: المرجعية هي من تفسر مقولتها
على الجانب الآخر، قال عباس البياتي، القيادي في تحالف النصر بقيادة رئيس الوزراء العراقي الحالي حيدر العبادي، إن "المجرب لا يجرب" هي مقولة انتخابات 2014، واستخدمها السياسيون والقوائم الانتخابية من أجل إسقاط القوائم الانتخابية الأخرى.
البياتي قائلاً لـ"عربي بوست"، إن هذه المقولة قيلت في انتخابات ماضية، وبالتالي فإن التوقيت والمناسبة كانت تحدد معناها وتفسيرها.
وأضاف أن هذه المقولة تحتاج في الوقت الحاضر إلى تفسير الجهة الوحيدة التي يمكنها فعل هذا، وهم وكلاء المرجعية في محافظة كربلاء، "هم من أطلقوها وهم من يستطيع تحديدها وتفسيرها".
وأشار البياتي إلى أن بعض السياسيين والقوائم الانتخابية يفسر مقولة المرجعية في إطار المنافسة السياسية، "لو طبقنا العبارة مثل ما يريد الجميع، سنجد في كل القوائم الانتخابية وزراء ونواباً ومسؤولين في الحكومات والبرلمانات السابقة".
وأكد أن هذه المقولة أصبحت تستخدم في إطار التنافس الانتخابي، وإسقاط القوائم الانتخابية الأخرى أمام الناخبين".
وكانت الشبكات الاجتماعية تداولت في الأيام الماضية مقاطع فيديو لرجال الدين في العراق وتفسيرهم لمقولة المرجعية الدينية "المجرب لا يجرب".
الخطيب الديني علي الطالقاني اعتبر خلال مقطع فيديو على فيسبوك إن العبارة تشير إلى عدم انتخاب المسؤولين في الحكومة والنواب السابقين.