يعمل مؤتمر بروكسل الدولي حول مشكلة النازحين من سوريا إلى دول الجوار على جمع الموارد المالية اللازمة لتوفير المساعدات الإنسانية للمدنيين السوريين المنكوبين. من جهته، ينكبّ الرئيس السوري، بشار الأسد، على التخطيط لإعادة إعمار بلاده.
خلّفت الحرب السورية حصيلة كبيرة، حيث ينتظر نحو 13 مليون مواطن سوري، أي ما يعادل ثلث الشعب السوري، المساعدات الإنسانية، في حين اختار قرابة 16 مليون سوري النزوح الداخلي. في المقابل، تمكن 5.6 مليون شخص من الفرار من جحيم الحرب السورية في اتجاه دول الجوار أو أوروبا.
منذ مطلع السنة الجارية (2018)، غادر 700 ألف سوري بلادهم جراء الحرب المتواصلة، وذلك وفقاً لمنظمات الإغاثة الدولية، التي أطلقت صيحة فزع على هامش مؤتمر بروكسل الدولي حول مشكلة النازحين من سوريا إلى دول الجوار، الذي انطلق الثلاثاء 24 أبريل/نيسان 2018، وسيستمر على امتداد يومين.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المؤتمر، الذي تشارك فيه 85 دولة ومنظمة إغاثة عالمية، يعد الثاني بعد أول مؤتمر انعقد خلال أبريل/نيسان 2017.
في سنة 2017، تعهدت 42 دولة مانحة بتقديم 5.6 مليار يورو لتوفير المساعدات الإنسانية، إلا أن هذا المبلغ تجاوز 7 مليارات يورو في نهاية المطاف. وخلال هذه السنة، تأمل الدول المانحة جمع المبلغ ذاته. وقد قدمت هذه الدول، خلال قمة 2017، وعوداً بتوفير أموال لإعادة بناء سوريا شريطة المضي قدماً في عملية الانتقال السياسي، الأمر الذي لم يلتزم به النظام السوري.
على الرغم من ذلك، سيعمل وزراء الخارجية، الذين سيجتمعون الأربعاء 25 أبريل/نيسان 2018، على التشاور من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء الحرب السورية المستمرة منذ 7 سنوات، علاوة على إعادة إطلاق محادثات السلام في جنيف.
يعتبر توفير المساعدات المالية لإعادة إعمار سوريا بمثابة ورقة ضغط بالنسبة للدول الغربية؛ نظراً إلى أن روسيا وإيران، الحليفتين الرئيسيتين لدمشق، ليستا قادرتين على تحمُّل تكاليف إعادة الإعمار بمفردهما والتي تقدر بنحو 230 مليار يورو. ومؤخراً، قدَّر نظام الأسد هذه التكاليف في حدود 12 مليار يورو على أقصى تقدير.
في الوقت الراهن، يعمل الأسد على استغلال صفقات إعادة إعمار بلده من أجل مكافأة أنصاره وتعويض عائلات الجنود، الذين لقوا حتفهم خلال الحرب، علاوة على الموالين، الذين أصبحوا دون مأوى بعد أن دُمرت بيوتهم.
من جانبها، فازت إيران بالعقود الأولى لإعادة إعمار سوريا، وخاصة تلك المتعلقة بمشاريع إصلاح شبكات الكهرباء والجوال وبناء مجمعات سكنية في شرق حلب وحمص. أما روسيا، فقد حصلت على تراخيص النفط والغاز، فضلاً عن عقد بناء مصفاة جديدة. في المقابل، تم إقصاء الدول "التي دعمت الإرهاب" من المشاركة في صفقات إعادة الإعمار.
"كل هؤلاء الأشخاص سيفقدون أملاكهم"
يعمل الأسد على إقصاء معارضيه من الشعب السوري. ففي شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2017، صرح موظف سامٍ أمام حشد من أهالي مدينة حمص، على هامش الاحتفال بذكرى تولي والد بشار الأسد، حافظ الأسد، للحكم، بأن "سوريا ستُبنى من جديد بأيدي أبنائها الشرفاء".
في الأثناء، ظهرت مؤشرات تحيل إلى أن ملايين اللاجئين السوريين لن يعودوا إلى بلادهم إلا في حالة رضوخهم التام لإرادة نظام الأسد. في المقابل، يرفض النظام السوري التفاوض بشأن التنازلات السياسية أو الإصلاحات، علاوة على التخلي عن السياسة القمعية، التي تعد أحد العوامل التي أدت إلى انتفاض الشعب السوري في مارس/آذار سنة 2011.
مؤخراً، أصدر الأسد لوائح تسمح بمصادرة ممتلكات معارضيه. من هذا المنطلق، تم تزوير سندات الملكية وتأميم العديد من الأراضي الموجودة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وفي مطلع شهر أبريل/نيسان 2018، أصدر الرئيس السوري القانون عدد 10، الذي يعطي الضوء الأخضر لإعداد مخططات التنمية في المناطق المدمرة. ووفقاً لهذا القانون، يجب على كل مالكي الأراضي والمباني والشقق الاستظهار بما يثبت ملكيتهم لهذه العقارات في غضون 30 يوماً. وفي حال لم يستجيبوا لهذا الأمر، فستتولى الدولة مصادرة ممتلكاتهم كافة.
ولن يتمكن الكثير من اللاجئين من الاستظهار بسندات أملاكهم؛ نظراً إلى أنهم سيجدون أنفسهم رهن الاعتقال أو التعذيب في حال عادوا إلى بلادهم. ووفقاً لدراسة أجراها المجلس النرويجي للاجئين، لم يحمل سوى 17 في المائة من اللاجئين السوريين سندات أملاكهم معهم عند فرارهم إلى دول الجوار، وذلك على الرغم من أن أغلبهم يملكون منازل في سوريا.
في هذا الصدد، صرح جهاد يازجي، المحلل الاقتصادي ومدير نشرة "سيريا ريبورت"، على هامش مؤتمر نظمه مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، بأن "أغلب عمليات مصادرة الأملاك تمت في المناطق السكنية بكل من حمص وحلب وضواحي دمشق، التي ينحدر منها العديد من اللاجئين". وتابع يازجي أن "كل هؤلاء الأشخاص سيخسرون أملاكهم، كما أنهم لن يعودوا إلى ديارهم".