يقف مصعب القصاص بين مجموعة من الشبان على بُعد مئات أمتار من الحدود الإسرائيلية لقطاع غزة. يعلّق علبة كولا فارغة مملوءة بمادة مشتعلة من اختراعه في ذيل طائرة ورقية، ثم يطلقها إلى السماء. وعندما تجتاز الطائرة الحدود وتقترب من الأحراش الإسرائيلية، يقطع حبل الطائرة الورقية لتسقط وتشعل حريقاً كبيراً.
مصعب القصاص، شاب في العشرينيات من عمره، أصيب 3 مرات خلال مسيرات العودة التي بدأت في غزة قبل 3 أسابيع. ولم يمنعه ذلك من مواصلة مشاركته من أجل " العودة لديارنا التي طردونا منها"، على حد تعبيره. مشاركته مستمرة، لكن الطريقة تغيرت الآن، فهو الآن منخرط فيما يسمى "وحدة الطائرات الورقية".
وتستعد الحدود الإسرائيلية لقطاع غزة لاستقبال مسيرات وفعاليات جديدة يوم الجمعة 20 أبريل/نيسان 2018، ضمن ما يعرف باسم "مسيرات العودة الكبرى"، التي أطلقها فلسطينيون في قطاع غزة قبل 3 أسابيع، وأيدتها الفصائل ومن بينها حركة "حماس".
اختراع غزي
يقول مصعب إنه تمكن مع مجموعة من أصدقائه من اختراع مادة شمعية مشتعلة يمكن أن تبقى 3 ساعات تشتعل ببطء، ولا تتأثر بالرياح، على حد وصفه، مشيراً إلى أن هذه المادة "غزية بامتياز ولا مثيل لها في العالم".
وتتكون هذه المادة، وفق مصعب، من إسفنج مقطَّع قطعاً صغيرة وقطن وقطع قماش خيش، وبنزين وسولار وكاز أبيض وزيت محروق، كل هذا يقومون بخلطه معاً وطبخه على النار، حتى يصبح سائلاً، "نتركها تجف قليلاً حتى تتحول إلى مادة أشبه بالشمع".
ويقول مصعب، الذي بدا منفعلاً بسبب الأثر الذي تتركه الطائرات الورقية في الأراضي الإسرائيلية، إن الطائرات تتسبب في حريق هائل بالأحراش ومزارع القمح المحاذية لحدود القطاع، "هي أرضنا، التي سرقت منا".
مصعب يؤكد أن المادة التي اخترعها أهل غزة ليست ثقيلة، ويتم وضعها داخل علبة كولا معدنية فارغة، يجري قصها من المنتصف. ثم يتم بعد ذلك ربطها في ذيل الطائرة الورقية، مشيراً إلى أن "ذيل الطائرة الطويل، يمنع انتقال الاشتعال إلى الطائرة نفسها، ثم إن العلبة تكون مربوطة بسلك معدني مربوط في الذيل، وعندما تصل إلى المنطقة المستهدفة نقطع الخيط الذي تكون الطائرة مربوطة فيه".
ويقول مصعب إنه مع أصدقائه يستخدمون تكتيكاً لإطلاق هذه الطائرات؛ حتى لا يتعرض لهم قناصة الجيش الإسرائيلي. يقومون بإطلاقها من خلف السواتر الترابية، و"لا يمكن مشاهدتنا واستهدافنا بالرصاص".
قلق إسرائيلي
الطائرات الورقية التي يصنعها أعضاء "وحدة الطائرات" من سعف النخل والورق، ورغم بدائيتها وبساطتها، فقد تركت أثراً كبيراً في إسرائيل.
وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، إن هذه الطائرات "تؤرِّق الجيش"؛ لأنها تشكل "تهديداً أمنياً، وقد تؤدي إلى حرائق ضخمة".
وقالت الصحيفة إن 7 حرائق طالت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في محيط المستوطنات شرق غزة، وتسببت في خسائر فادحة بمزارع القمح المحاذية للقطاع التي احترقت بنسبة 70%.
وأوضحت الصحيفة أن الفلسطينيين يُبدون قدرة على مواجهة الإجراءات العسكرية التي يقْدم عليها جيش الاحتلال لوقف مسيرات العودة.
يقول مصعب: "ليس هناك شيء صعب علينا. ونحن مقسَّمون ومنظَّمون. شباب مستقلون يريد الحرية. وإنهاء الحصار الظالم لغزة".
وأوضح أن لديهم "وحدة كوشوك"، هدفها إشعال الكوشوك لإحداث تغطية من قناصة الاحتلال. ولديهم وحدة الطائرات الورقية، لإشعال حرائق في الجانب الاسرائيلي، ولديهم "وحدة معالجة آثار غاز مسيل الدموع"، وهناك "وحدات مراقبة القناصة وتحركاتهم".
وختم حديثه قائلاً: "خلال الأسبوع المقبل، سنفاجئكم بوحدة جديدة ستقوم بأعمال (تحدث نقلة أكبر في حراكنا السلمي)".