الجهة الوحيدة الشاهدة على مجزرة دوما تتحدث: قوات الأسد أسكتتنا، وهددونا بعائلاتنا

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/18 الساعة 09:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/18 الساعة 09:51 بتوقيت غرينتش
Syrian Arab Red Crescent members treat a boy who was injured during a bomb blast on a crowded Syrian bus convoy on Saturday, as he waits at insurgent-held al-Rashideen, to travel to government-controlled Aleppo, Syria April 19, 2017. REUTERS/Ammar Abdullah

قال رئيس أكبر المنظمات الإغاثية في سوريا، إنَّ الطواقم الطبية التي استجابت لهجوم الغاز الكيميائي المزعوم في دوما تعرَّضت لـ"تهديداتٍ عنيفة" من المسؤولين السوريين، الذين استولوا على العينات البيولوجية، وأجبروا الطواقم الطبية على التخلي عن المرضى، وطالبوها بالصمت.

وبحسب ما نقلته صحيفة The Guardian البريطانية عن الدكتور غانم طيارة رئيس اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، فإنَّ السلطات أخبرت الأطباء المسؤولين عن علاج مرضى الساعات التالية، لهجوم السابع من أبريل/نيسان، أنَّ عائلاتهم ستكون عرضة للخطر، إذا ما أدلوا بشهاداتهم حول ما حدث.

هدَّدوهم بعائلاتهم

وقال عددٌ من الأطباء الذين تحدَّثوا إلى صحيفة The Guardian، هذا الأسبوع، إنَّ التهديدات من جانب النظام زادت على مدار الأيام الخمسة الماضية، بالتزامن مع وصول فريق التفتيش الخاص بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، الذي كان يزور دمشق للوقوف على ما إذا كانت الأسلحة المستخدمة كيميائية أم لا. وأصرَّ كافة المسعفين على عدم كشف هوياتهم، وقالوا إنَّهم يخشون على حياتهم وحياة ذويهم.

وقال طيارة، الطبيب المقيم في برمنغهام الذي يعمل حالياً في تركيا للإشراف على مغادرة بعض الطواقم الطبية في دوما الأراضي السورية: "كان هناك وجودٌ أمني مكثف على الأرض منذ وقوع الهجوم، واستهدفت القوات الأمنية الأطباء والطواقم الطبية بطريقة مباشرة لا تُخطئها العين. جميع أفراد الطواقم الطبية الذين قرَّروا الرحيل عن دوما خضعوا لتفتيشٍ مكثَّف، للتأكد بشكلٍ خاص من عدم وجود عيناتٍ بحوزتهم. وفي إحدى النقاط الطبية، اختطف النظام سبعةً من المصابين. والشرطة العسكرية الروسية كانت تشارك بكثافة في هذه العملية كذلك، وتوجه سير الأمور".

وأضاف طيارة: "كانوا يفتشون رسائل الواتساب والهواتف. لقي الأطباء معاملةً سيئة ومنذ ذلك الحين والتهديدات تنهال عليهم وعلى عائلاتهم بأنَّهم سيدفعون الثمن إذا ما تحدث أبناؤهم، وأنَّهم سيُلقى بهم في غياهب السجون إذا أخبروا أحداً بما دار معهم، وبما هو أشد من السجن إذا ما قدَّموا أي دليل أو عقدوا أي مقابلات حول ما حدث في دوما".

وترى الصحيفة البريطانية أن شهادات الطواقم الطبية الأولى التي استجابت للهجوم والشهود تعد جوهرية لتكوين صورة عما حدث في دوما في حوالي السابعة والنصف من مساء السابع من أبريل/نيسان، الوقت الذي تُفيد الطواقم الطبية فيه أنَّها استقبلت عدداً أكبر من المعتاد من المصابين، ومعظمهم تبدو عليه علامات التعرض لغاز أعصاب، وذلك وسط سلسلةٍ طويلة من الغارات التي شنَّها النظام على المدينة.

وأفادت طواقم الإسعاف التي كانت متواجدة في دوما لحظة وقوع الهجوم، أنه "لم يسبق أن رأينا شيئاً كهذا في دوما من قبل. أعراض التعرض للكلور معروفة لدينا، ولكن الأعراض التي بدت على مصابي الهجوم الأخير كانت خروج الزبد من الفم، والتشنجات، وإصابة الجهاز العصبي المركزي بمادةٍ ما".

وقال العميد زاهر الساكت، وهو ضابط بارز سابق في برنامج الأسلحة الكيميائية في الجيش السوري انشق عن الجيش عام 2013، إنَّ سكان دوما الذين عمل معهم دفنوا ما يقرب من 50 جثة في مكان لم يُفصحوا عنه في المنطقة، أملاً في أن يستطيعوا إخراجها ذات يوم واستخدامها كدليل لتأكيد الشكوك بشأن استخدام غاز أعصاب في الهجوم.

يسابقون الزمن

وتُسابق منظمة حظر استخدام الأسلحة الكيميائية الزمن لجمع عيناتٍ من موقع الهجوم في منزل من 3 طوابق في دوما، قُتِلَ فيه عشرات الأشخاص في القبو. وقال جيري سميث، الذي أسهم في الإشراف على سحب قدرٍ كبير من مخزون سوريا من غاز السارين عام 2013 في مهمةٍ تابعة للمنظمة، إنَّ عينات غاز الأعصاب تتحلل بسرعة في الظروف البيئية الطبيعية.

ما زال هناك برميل من النوع الذي استخدمه الجيش السوري لإلقاء غاز الكلور على سطح المبنى، وفقاً لما صرَّح به شهودٌ عدة.

ودخل ضباطٌ الجيشين السوري والروسي إلى المنزل، منذ الخميس الماضي، مما يثير مخاوف من أنَّ موقع الهجوم قد جرى العبث به. ومع ذلك، قال سميث إنَّه من المحتمل أن تظل بقايا عينة غاز الأعصاب موجودة في المكان لمدة أسبوع آخر على الأقل، حتى بعد محاولة محو آثار الجريمة.

وسخر الأطباء والناجون الذين بقوا في دوما، والآخرون الذين فرُّوا إلى شمالي سوريا من الادعاءات المتضاربة بشأن عدم وقوع الهجوم من الأصل، أو أنَّه لم يتضمن غاز أعصاب.

وفي الساعات التالية للهجوم، استسلمت ميليشيا المعارضة الرئيسية. ومنذ ذلك الحين، هُجِّرَ عشرات الآلاف من السكان المحليين إلى شمالي سوريا، وسيطر الجيش السوري على المنطقة بصورةٍ كاملة.

وقال أبو وليد، وهو ناجٍ من الهجوم الذي لقيت زوجته الحبلى وابنه الوحيد مصرعهما فيه: "رأيتُ ابني يسعل. قلتُ له أن يهدأ ويصعد الدرج ركضاً. أمسكتُ بزوجتي وركضتُ وراءه. الشيء التالي الذي أتذكره هو أحدهم وهو يفتح ويُغلق جفني ويغمرني بالماء. فقدتُ وعيي في الساعات الخمس التالية، وليست لدي أدنى فكرة عن المكان الذي كنتُ به. أخبروني أنَّ هجوماً كيميائياً وقع، وأخبروني أنَّي فقدتُ زوجتي وابني، وأنَّ كل شخصٍ آخر استُشهِد. وأخبرتُهم أنِّي تمنيتُ لو لم ينقذوني".
خرج بعض الأطباء على التلفزيون السوري لنفي حدوث أي شيءٍ في دوما. وقال طبيبٌ تحدث لصحيفة The Guardian: "زملاؤنا الذين ظهروا على التلفاز كانوا مُرغمين، لأنَّهم لم يؤدوا الخدمة العسكرية أو يُكملوا الحصول على درجتهم العلمية، ولأسبابٍ أخرى، فالبعض لديه أسرة في دمشق. قرَّروا البقاء مقابل التصالح مع النظام، لكنَّ النظام استغلهم".

علامات:
تحميل المزيد