تشهد العلاقات الصومالية – الإماراتية توتراً متفاقماً وغير مسبوق نتيجة لتدخل أبوظبي السافر في الشؤون الداخلية للصومال، ويؤشر قرار الحكومة الصومالية إلغاء الاتفاقية الثلاثية المبرمة بين شركة موانئ دبي العالمية المملوكة للإمارات والحكومة الإثيوبية وإدارة أرض الصومالية، إلى أن مقديشو ماضية في التصدّي للجهات التي تعمل على الاعتداء على سيادة الصومال ووحدته، وتقوّض الأمن والاستقرار فيه، وتحاول إحداث شروخ جديدة في العملية السياسية القائمة التي تمثل كافة ألوان الطيف السياسي الصومالي.
يأخذ التدخّل الإماراتي في الشأن الداخلي الصومالي أشكالاً متعددة، ويأتي تدريب أبوظبي لميليشيا لا تخضع لسيطرة الحكومة الصومالية، وإبرام صفقات مع ولايات إقليمية دون إخطار الحكومة المركزية، أو الحصول على موافقتها، وشراء ذمم سياسيين وإعلاميين للدفاع عن المصالح الإماراتية والترويج لسياساتها وأجنداتها على رأس الأمثلة الصارخة الدالّة على فداحة واستفحال المشروع الإماراتي السلبي والهدام في الصومال، الذي بدأ يتعافى من آثار حروب أهلية مدمرة.
حظيت الخطوات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الصومالية ضد أنشطة الإمارات العربية المتحدة في البلاد بدعم شعبي كبير، ويرى الكثير من الصوماليين أن المحافظة على السيادة والكرامة الوطنية، ومنع التدخلات الأجنبية الهدامة في شؤون البلاد الداخلية، هي ما يجب أن توليه الحكومة أولوية قصوى في المرحلة الراهنة، رغم ما تشهده البلاد من تحديات سياسية، وقلاقل أمنية، ومشاكل اقتصادية، وينظرون إلى الأدوار التي تلعبها الإمارات في الصومال بعين الشك والسخط.
كان من الممكن أن يحوّل حكام الإمارات العلاقات التاريخية، والوشائج الأخوية التي يقولون إنها تربط بلادهم بالصومال إلى مشاريع إيجابية ملموسة على الأرض، وذلك عن طريق المساهمة في بناء مؤسسات الدولة الصومالية، والمرافق العامة الحيوية، ودعم جهود المصالحة الوطنية، وتقديم منح اقتصادية للحكومة الصومالية؛ حتى تتمكن من تنفيذ خُططها التنموية، والتكامل مع الأدوار التي تلعبها دول أخرى في البلاد، لكن فضّلوا -بدلاً من ذلك كله – أن يستفزوا الصوماليين، ويقوموا بأدوار تخريبية، ويصادموا قرارات الحكومة الفيدرالية التي انتخبها الشعب بمحض إرادته وتمثل مصالحه الوطنية.
ينبغي أن يدرك حكام الإمارات أن كسب قلوب وعقول الأشقاء والإخوة لا يكون بحياكة المؤامرات، وتدبير المكائد، والإفساد بين مواطني البلد الواحد، والتدخل السافر في شؤون الآخرين، وإنما بالاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، وتوظيف الموارد الاقتصادية للمساعدة في حل المشاكل والمصاعب والتحديات التي يواجهونها، والتي تعيقهم عن التنمية والاستقرار والازدهار.
لا يمكن أن نتحدث عن الدور الإماراتي في الصومال دون أن نشير إلى الحضور التركي القوي في البلاد، فتركيا تدعم الصومال في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، وتقدم مِنحاً دراسية للآلاف من الطلبة الصوماليين، وزار رئيسها رجب طيب أردوغان الصومال ثلاث مرات منذ عام 2011، وافتتحت في العاصمة مقديشو أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج، ووقّعت مؤخراً مع الحكومة الصومالية على صفقة بتكلفة 100 مليون دولار لإعادة بناء مقر البرلمان الصومالي السابق الذي تضرر بفعل الحروب الأهلية، ويرى الصوماليون تركيا أخاً نزيهاً وحليفاً استراتيجياً موثوقاً به.
الصوماليون متحدون في الدفاع عن سيادة بلادهم وكرامتها والتصدي لكافة المستكبرين والطامعين الذين يغيظهم وقوف الصومال على قدمَيه واستعادة موقعه إقليمياً ودولياً.. فهل يدرك الشيخ محمد بن زايد وأشقاؤه ذلك؟!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.