تحت ظل قبعة الدكتاتور تنحني اللصوص

ينحني اللصوص تحت ظلال قبعات الديكتاتورية التي تفرض سلطتها على شريحة واسعة من المهمشين، وتفرض عليهم القرارات وتتحكم في البناء الفكري لهم

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/25 الساعة 23:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/25 الساعة 23:55 بتوقيت غرينتش

ينحني اللصوص في عالم مليء بالقبعات السوداء، ينحني اللصوص تحت ظلال قبعات الديكتاتورية التي تفرض سلطتها على شريحة واسعة من المهمشين، وتفرض عليهم القرارات وتتحكم في البناء الفكري لهم، وتنزع الخير من عقول البسطاء، وتبقى أقدارنا معلقة تحت أي قبعة نقبع بأنفسنا وعلمنا وفكرنا، فهل نبقى تحت ظلال الشمس بجوار حائط متصدع بالسموم التي زرعتها الديكتاتورية السوداء، أم نبقي أنفسنا مجرد انعكاس لصورة أجسادنا كشبح يمر تحت ظل القمر يسير في طرقات المدينة تائهاً لا يدري ما يحمله القدر، وتبقى الديكتاتورية السوداء تغذي حياة اللصوص للكسب الأكثر وشحذ ألسنتهم السليطة على الضعفاء.

ومن القبح الأكبر أنهم ينامون دون أن تغرق وسادتهم بظل أفعاله، وفي كل صباح يلبسون ثوب الدين، ويدعون إلى الله ويدعون العلم، ويفرضون النظام ويوكلون المهام ويأمرون أن تمسح أسماء رائدة تنير فوهة النجاح؛ لتسقط ظل ضمائرهم السوداء على كل شيء، ويزيدوا من قبحهم حتى تسقط آخر ورقة تسند العون لرفعة مجتمعاتنا ونهضة الضمائر النائمة، التي تنتظر دعم أوصالها للخوض بالرسالة الربانية، التي خُلق الإنسان لأجلها وإليها، للسعي في عمارة الأرض، وبناء الإنسان لأسمى كينونات النفس الإنسانية، والروح الإيمانية؛ ليسود الخير، ونقضي حيواتنا شاكرين وعابدين للخالق الأوحد الأحد الذي لا شريك له.

وتسقط مطارق الظلم من أيدٍ لا ترحم، وتعبر الكلمات السليطة من أفواههم كحد السيف، وترتحل ليالي العمل بلا أجر أو كلمة تمسح عن قلوبنا تعباً مضى، ونصبح نحن المخطئين في ناظرهم وتموت أرواحنا كعود ثقاب اشتعل واندثر.

وينطوي العالم في عيون الكادحين، وتمر المواقف وتتكرر كل حين، فيا سيدي امتلأت شوارعنا بظلك، وقد علت أصوات اللصوص في وطني، وقد بالغوا في الانحناء تحت ظلك، وبات ظلك يغمر كل القلوب، حتى مآذن المساجد غمرتها الديكتاتورية السوداء، وكل يوم تئن خمس مرات، وتدعو للفلاح، فهل تفلح صلاة المنافقين ممن يقبعون تحت قباب المساجد مستجدين الإيمان يتخفون من ظل أعمالهم؟!

فيا سيدي أنا أحتاج أن أعمل لأحيا حتى لو كان سواد ظلك يغطي بشاعة الحقيقة التي تتمتع بها وإتقان الدور المسند إليك، ها أنا أقول لك وأنا ما زلت أملك كل شيء، أنظر للسماء وأرى الأرض بخضرها وأرى الكون خارج عقلي بخيال الحالم بالأمل، فلا تدعنا نغرق من أجل مكاسبك الشخصية، وتغرب قلوبنا فما زلنا متطوعين للحياة بالوقت والعمل، وبإخلاص بلا مال، فلا تدع الطوفان يغمر قلوبنا بالفقر، فإن غرقت قلوبنا، فمن يقنع الطوفان أن لا يعبر أوطاننا.

وفي تسارع الوقت وتعاقب الأيام انتهى ربيعنا وبدأت أوراقنا تتساقط كعنقود رطب أضمرته مجريات الحياة وأصبح لا يبالي بجمالها وفتنتها حتى لو تزينت لنا وأبدت حياءها، فحتماً سيأتي فصل الشتاء ويمسح بقطرات المطر كل زينتها، وينتهي بنا الأمر بأن تتكشف لنا الحقائق عميقة المعنى والفهم ، ويتكشف ابتداع الزيف منها، فلا حياة بلا عمل، ولا عمل بلا مجريات تنصب بجمالها على حياتنا، فمحور من محاور حياة الإنسان قد مسح إلى أجل غير معروف، وتضرر محورها الثاني ألا وهو الروح من فتنة الزيف الواهن لاختلال أنفسنا، ولكن تبقى حياتنا متشبثة في طرف قشاش رطبة، نصنع منها خيطاً من أمل ونعيد ترتيب محاور حياتنا إلى الأفضل.

ويبقى انكسارنا وانحناؤنا باسلاً كالشمس فحينما ننحني، ننحني لنبلغ قلب السماء، ولتشرق أعمالنا في كل مرة، وتتغلب على قسوة ما قد مضى ويتكرر انحناؤنا، ولكن أيضاً ليبلغ قلب السماء، فالذي تحمله الأيام تمطره السماء، ولو وجدنا أشخاصاً يصعدون بنا إلى السماء لعشنا معراج السماء في مخيلتنا، ورأينا جنة الدنيا وخيرها ولعملنا للسعي طول الدهر بحب للعمل، ولكسرنا خيال الفشل الذي يحيط بنا، ولصنعنا معراج يصعد عليه الآخرون؛ ليروا أحلامهم الصغيرة وخيالهم عن الحياة الجميلة، وميثاقهم للإيمان بالخالق في قلوبهم؛ ليبنوا مع كل معراج لسماواتهم طوفاناً في معامل الكدح يصنعون الأمل.

ويبقى صوت خافت لا يكاد يسمعه إلا قلبي يربو على الألم والوجع ليسمعونا في آذاننا بصوت خافت رغم كل شيء أسعى إلى كل شيء، اصبر لن يكسر ظل الديكتاتورية السوداء، النور الذي يسكن في قلبك وما تبقى لك من إيمان تتجلى حكمته في ردود فعلك، فهل تعلم لن تموت أبداً أنت حي في هذا الوجود؟ فما زال هناك شيء لن يكسر الظل الذي يسكن جوف الليل والصمت الذي لا تتسع فيه إلا لدمعتين تشعلان قلوب المظلومين، يكفيك قول الله "إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد