الأيام تتكرر، والظلم مستمر، والطغاة لا ينقرضون؛ بل مستمرون؛ لأنهم يعيشون على دماء الشعب المسكين، الذي لا يملك سوى الصبر على البلاء وعلى ظلم الحكام المستبدين، والأحداث اليوم هي أحداث أمس، وهي نفسها ستكون أحداث الغد، قد يختلف الزمان والمكان، ولكن سيتبقى للشعب المعاناة والألم والصراخ من الظلم، فالرئيس الفاسد موجود في كل زمان وبكل مكان، سواء كان في الشرق أو الغرب.
الطبيعة البشرية في الإنسان هي حب السيطرة والقوة.. وكلما زادت السلطة والنفوذ زاد الفساد
الشعب يتسارع إلى تفصيل القوانين وتظبيط كل شيئاً للحاكم وفى النهايـــة يقول إن هذا الحاكم ظالم فنحن مهدنا الطريق وأزلنا الحواجز وألغينا الرقابة وجعلناه يفعل كما يشاء فبالتالى النتيجة الطبيعية هو التفكير بطبيعة الإنسان وليس وفقاً لقوانين العدالة والخوف من الرقابة والمحاسبة وهذا ما يحدث من أغلب الحكام على مر العصور.
كلما اختفت المعارضة والرقابة والحساب زادت فرصة الحاكم في أن يصبح طاغية وظالماً
إن المعارضة الحقيقية في أي بلد والتي لا تسعى إلى هدف شخصي، ويكون هدفها هو مصلحة البلاد- هي الطريق إلى القضاء على فساد الحاكم، فالمعارضة والحاكم هما كِفتا الميزان في المجتمع، وإذا أُتيحت للحاكم مصادر القوة من دون أن يجد معارضة قوية، فمع مرور الوقت سيصبح ديكتاتوراً لا يسمع أو يرى إلا نفسه؛ لذلك أي بلد يحتاج إلى معارضة قوية وصادقة؛ حتى لا ينقسم المجتمع إلى صنفين؛ سادة وعبيد، فيكون السادة أصحاب القرارات، والعبيد هم الشعب، وهذا سر المعاناة التي تعانيها الشعوب الآن.
الدول لا تُبنى بالحجارة بل تُبنى بالأفكار وبالعلم
إذا رأيت حاكماً يهتم بالتعليم، فعليك أن تعلم أن هذا الحاكم يسعى للخير ولمصالح البلاد؛ لأن الجهل هو السبيل الأول للسيطرة على الشعب، من خلال بث خرافات وأوهام غير صحيحة، فبالعلم يَخرج الإنسان من الظلمات إلى النور ويعرف تاريخ الأمم والشعوب وما له وما عليه، فمعظم الطغاة لا يريدون إصلاحاً في التعليم؛ لأنهم يريدون الشعب لا يقرأ ولا يفهم؛ حتى لا يطالب بالحرية، وأن الله خلقنا أحراراً وليس عبيداً للبشر، فالثروة العقلية أهم بكثير من الثروة المادية، فقد تملك الماديات، ولكن لا تملك العقل لإدارتها وتوجيهها في الاتجاه الصحيح.
إن المشكلة الحقيقية للشعوب ليست في الحاكم الظالم أو الفاسد،
ولكن في العقل البشرى الذي تم إلغاؤه وأصبح يعيش بلا هدف أو طريق.
تعاني معظم الشعوب العربية إلغاء العقل والتفكير بعقول الغرب وبأفكار الآخرين في الفوضى والفساد والجنس والمخدرات، فتمّ إهمال المجال العلمي وأصبحت الشعوب تفكر من خلال الأذن وليس العقول، ومن هنا يأتي دور الحاكم وأعوانه ببث الخوف من الغد ونشر أوهام ليس لها أساس من الصحة وتتناقلها الأجيال من دون وعي.
فالثروة العقلية لو استُغلت، فهي التي تنقل البلاد إلى مكانة مرموقة وقوة عظيمة، فلكم اليابان نموذج في ذلك، ولكم بلاد الخليج التي تعتمد على الثروة من باطن الأرض، فهناك فرق شاسع في النهضة والتفوق والصناعة والتجارة والتقدم العلمي والتكنولوجي بينهم؛ لأن اليابان علمت أن العقل أهم من المال؛ لأن المال من دون علم ومعرفة وعقل يديره، ليس له أهمية.
إذا سيطرت الشعوب على شهوات النفس فسوف تقضي على الرئيس الفاسد وأعوانه مهما بلغت قوته وجبروته
لو ترك الإنسان حُب الشهوات وتخلَّص منها ومن سيطرة تلك الأشياء عليه، فهو في الطريق الى الحرية والخلاص من الخوف، وهذا يحدث من خلال أن نتغير ونحدد أهدافنا ونربي أجيالنا على عدم الخوف، وأن ندرك قيمة الحرية، وأن تعيش يوماً حراً خير من أن تعيش سنوات جباناً وأسيراً لقيودٍ فرضَها عليك شخص وليس خالق الكون، فيجب أن نراعي ضمائرنا ونرفض الرشوة والفساد والجميع يساعد الجميع محبةً في الله وليس بهدف مصلحة أو رشوة، وأن نتحد ونتعاون، وليس أن يأكل بعضنا بعضاً، أو يشمت البعض في البعض، أو يتمنى البعض فشل البعض.
فلو أدركنا قيمة العلم والحرية، فسوف نقضي على الرئيس الفاسد؛ لأنه ببساطة لن يجد الشعب المرتشي الفاسد والجبان، ولكن سيجد شعباً تربَّى على الكرامة والحرية والشهامة والتغلب على شهوات الدنيا، شعباً لا يخشى إلا الله، لا يهاب الموت أو حُب النساء أو القناطير المقنطرة من الذهب والفضة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.