لقد اندلعت موجات من الثورات في العالم العربي أخذت طابعاً متدرجاً، من مطالب إصلاح اجتماعي واقتصادي، مروراً بمطالب الإصلاح السياسي، وصولاً إلى المطالبة بإسقاط الأنظمة القائمة، واستبدالها بأنظمة جديدة.
وفي هذا السياق، شاهد الجميع الاحتقان الاجتماعي الذي شهدته منطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب، خاصة بعد المخيم الاحتجاجي لأكديم ايزيك سنة 2010.
لكن القاسم المشترك بين هذه التجارب وحالة الساقية الحمراء ووادي الذهب، هو عدم الوقوف بشكل دقيق حول حقيقة الاحتجاج.
لذلك لم يحاول أحد الإجابة عن سؤال (لماذا احتج هؤلاء؟ ولماذا يثورون؟) بل اكتفى الجميع بتأويل الاحتجاج لصالح حماية مصالحه من النزاع، وتموقُعه وسط الناهبين والمستفيدين من خيرات ومقدرات المنطقة.
وبما أن العقلية الأمنية هي المسيطرة والمتحكمة، فالكل كان يحاول الإجابة عن سؤال: من يقف وراء حراك هؤلاء؟
صحيح أن الساقية الحمراء ووادي الذهب لهما سياق تاريخي وسياسي جعل المشكلة السياسية تطغى على بقية مطالب أهلها، لكنه من الخطأ أن تؤوّل المطالب الاجتماعية البسيطة لشرائح كبرى من الأهالي لصالح فئة ضيقة احتكرت السلطة والمال والمقدرات، وصارت بذلك بنكاً للثروة.
فالمتتبع للفئات المشكّلة لمخيم أكديم ايزيك سيجد أنها اندثرت كهياكل وبنيات دون أن تُعالج مطالبها، مما يجعل إمكانية عودتها بأشكال وهياكل جديدة احتمالاً حتمي الوقوع.
وبالعودة لموضوع الساعة بشأن اتفاق المغرب والاتحاد الأوروبي، فإن النقاش حول مدى استفادة أبناء المنطقة من الثروات، يعود بنا من جديد إلى نقطة الصفر، وإلى الأجواء العامة التي رافقت وتلت مخيم أكديم ايزيك الاحتجاجي، مما يفرض علينا كباحثين أن نُعيد الأسئلة التالية:
أين هي الفئات الاجتماعية التي شكّلت المخيم؟ وأين مطالبها؟
لماذا لم ينجُ من تلك الأحداث سوى الفئات التي لها توجّه سياسي، أو تتمتع بحماية أمنية أو سياسية، كمجموعات التهريب ومافيات المخدرات؟
أين هي مخرجات مخيم أكديم ايزيك الاحتجاجي، خاصة ما تعلق منها بالشق الاجتماعي ومطالب الشغل والسكن والتعليم؟
هل فعلاً يخدم البرنامج التنموي حقيقة مطالب الفئات المشكّلة للمخيم؟ أم أنه ليس سوى تكرار لهدر الميزانيات الضخمة دون امتصاص للأزمة الحقيقية؟
إن مجرد طرح هذه الأسئلة، وما نشهده في المنطقة من احتقان اجتماعي لفئات كانت في المخيم، تعود من جديد لتقول أين الثروة؟
كلها معطيات تشير إلى اقتراب ثورة تتنوع تسمياتها بين ثورة الجياع، وثورة الخونة، وثورة الأحرار.
وهذا الاختلاف لن يكون إلا بسبب استمرار التجاهل أو التعامي عن سؤال: لماذا يثور الناس؟ والحرص على البحث فيمن يقف وراء هؤلاء؟
أتمنى أن يفهم صنّاع القرار فصل الخطاب في المقال.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.